تقرير حقوقي: انقسام قبرص يفاقم عدم المساواة والمضايقات الدينية

تقرير حقوقي: انقسام قبرص يفاقم عدم المساواة والمضايقات الدينية
انقسام قبرص- أرشيف

في عام 2023، كان ما يقدر بنحو 248 ألف شخص، بمن فيهم أحفادهم، نازحين داخليا في قبرص بسبب أحداث 1963 و1964 و1974، وهو خامس أكبر عدد من النازحين داخلياً في أوروبا وآسيا الوسطى. 

جاء ذلك في تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان حول حالة حقوق الإنسان في قبرص، في الفترة من 1 ديسمبر 2023 إلى 30 نوفمبر 2024، المقدم لمجلس حقوق الإنسان في دورته الـ58 التي تتواصل حتى 4 أبريل المقبل، واطلع "جسور بوست" على نسخة منه.

ويتزامن التقرير مع الذكرى السنوية الستين لإنشاء قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص في عام 1964 والذكرى السنوية الخمسين منذ التدخل التركي في عام 1974.

وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، لاحظت المفوضية أن استمرار انقسام قبرص الناجم عن التدخل التركي في عام 1974 لا يزال يؤثر سلباً على تمتع الناس في جميع أنحاء الجزيرة بحقوق الإنسان. 

ورغم إحراز بعض التقدم المحدود في معالجة بعض قضايا حقوق الإنسان، فقد استمرت التحديات مع مرور كل عام فيما يتعلق بالحق في الحياة ومسألة المفقودين؛ ومبدأ عدم التمييز؛ وحرية التنقل والحق في التماس اللجوء، وحقوق الملكية وحرية الدين أو المعتقد والحقوق الثقافية وحرية الرأي والتعبير، والحق في التعليم. 

وأعرب العديد من الأشخاص للمفوضية عن قلقهم لأن احتمالات التوصل إلى حل في ما يتعلق بانقسام الجزيرة تتلاشى تدريجيا، وفي بيان مشترك في 18 مارس 2024، دعت الجهات الفاعلة في المجتمع المدني إلى استئناف المفاوضات، وأضافت أن الوضع الراهن يستمر في إحداث انقسام اجتماعي وثقافي أعمق، ما يؤثر على كل جانب من جوانب الحياة في قبرص.

وما زال استمرار انقسام قبرص بسبب التدخل التركي في عام 1974 يشكل تحديات أمام تنفيذ المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وما زال رصد الآليات الدولية لحالة حقوق الإنسان في الجزء الشمالي من الجزيرة والإبلاغ عنها محدودين. 

ونتيجة للعنف الطائفي في عامي 1963 و1964 وأحداث يوليو 1974 وما بعدها، أبلغت الطائفتان رسمياً اللجنة المعنية بالمفقودين في قبرص بفقدان 1510 أشخاص من القبارصة اليونانيين و491 شخصا من القبارصة الأتراك، وواصلت اللجنة الثلاثية مشروعها المشترك بين الطائفتين لاستخراج رفات المفقودين والتعرف على هويتهم وإعادة رفاتهم.

وحتى 30 نوفمبر 2024، كانت اللجنة قد استخرجت رفات 1688 شخصا على جانبي الجزيرة وتعرفت على هوية 1051 شخصا مفقودا، وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، استخرج رفات 19 شخصا وحددت هوية 15 شخصا مفقودا وأعيدوا إلى عائلاتهم لدفنهم، كما حددت هوية أربعة أشخاص آخرين ليسوا على قائمة المفقودين الرسمية، وأعيدوا إلى عائلاتهم.

وحددت اللجنة 86 موقعا محتملا للدفن جاهزة للتنقيب وأجرت 10 عمليات تنقيب في المناطق العسكرية في الجزء الشمالي من قبرص التي سمح بالوصول إليها، واستعيد خلالها رفات ثلاثة أشخاص. 

وأوضحت عدة جهات فاعلة للمفوضية أن استمرار عزلة طائفة القبارصة الأتراك يعوق على نحو غير متناسب تمتعهم بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من خلال أمور منها الحد من اتصالاتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية. 

وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، قدم 113 طلبا لإقامة شعائر ومناسبات دينية في الجزء الشمالي من قبرص إلى قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص من أجل تيسيرها، وحظي 58 طلبا منها بالموافقة ورفض 55 طلبا.

وفي حين يُزعم أن هذه القرارات تستند إلى معايير موضوعية، التقت المفوضية عددا من الجهات الفاعلة الدينية التي أعربت عن إحباطها لأن السلطات القبرصية التركية لم تقدم أسبابا تبرر رفضها بعض الطلبات، ما يجعلها في حالة من عدم اليقين ويعوق حصولها على المعلومات. 

وأبلغ عدد من الأفراد المفوضية بأنهم لم يتمكنوا من إقامة الشعائر الدينية في الكنائس التي جددت مؤخرا في الجزء الشمالي من قبرص، على سبيل المثال في كنيسة أجيوس جورجيوس في أردانا. 

وأشارت بعض الجهات الفاعلة أيضا إلى أن عددا من المواقع الدينية في الجزء الشمالي من قبرص تستخدم لأغراض بديلة، وتلقت المفوضية معلومات تشير إلى أن كنيسة أيوس جورجيوس في كومي كبير تستخدم صالة للألعاب الرياضية.

وفي الجزء الجنوبي من قبرص، استمر مسجد تكية هالة سلطان أهم مسجد للمسلمين في قبرص، في اتباع ساعات الدوام العام، إذ لا يسمح للمصلين بالصلاة إلا ثلاث مرات في اليوم بدلا من خمس مرات. 

وشددت المفوضية على أن سد الثغرات ومعالجة القضايا المتعلقة بحماية حقوق الإنسان في قبرص على نحو عاجل وفعال يظل أمرا ضروريا لضمان إعمال حقوق الإنسان الجميع الأشخاص الذين يعيشون في قبرص ولدعم الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي عادل ودائم بخصوص انقسام الجزيرة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية