منسق أممي: أكثر من 16 مليون شخص بحاجة للمساعدات الإنسانية في سوريا
منسق أممي: أكثر من 16 مليون شخص بحاجة للمساعدات الإنسانية في سوريا
أكد آدم عبد المولى، منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، أن البلاد تمر بنقطة تحول حاسمة، حيث يلوح في الأفق عهد جديد من الأمل بالسلام والأمن، لكنه حذر من أن 14 عامًا من الصراع تركت واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج 16.5 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية.
وفي حديثه من دمشق عبر تقنية الفيديو للصحفيين في نيويورك الخميس، أوضح عبد المولى أن التقدم يُحرز في بعض الجوانب، إلا أن استمرار الأعمال العدائية، وتفاقم الأزمة الاقتصادية، ونقص التمويل، يهدد العمليات الإنسانية وجهود التعافي، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن الألغام الأرضية ومخلفات الحرب القابلة للانفجار تشكل تهديدًا يوميًا للسكان، إذ تسببت بأكثر من 600 ضحية منذ ديسمبر، بينهم عدد كبير من الأطفال.
العودة والاستقرار
كشف عبد المولى أن 1.2 مليون شخص عادوا إلى مناطقهم الأصلية، من بينهم 885 ألف نازح داخلي و302 ألف لاجئ منذ ديسمبر الماضي، وتتوقع مفوضية اللاجئين عودة ما يصل إلى 3.5 مليون نازح ولاجئ خلال العام الجاري، ما يستدعي استثمارات عاجلة لدعم إعادة الإدماج وتعزيز التعافي في سوريا.
لكنه أشار إلى أن استمرار الأعمال القتالية في مناطق الشمال والجنوب والساحل أدى إلى نزوح آلاف المدنيين وعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية، مشددًا على ضرورة التزام جميع الأطراف بخفض التصعيد والامتثال للقانون الدولي الإنساني لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات دون عوائق.
أزمة التمويل تهدد جهود الإغاثة
حذّر عبد المولى من أن الوضع الاقتصادي في سوريا لا يزال متدهورًا، حيث يفاقم نقص السيولة وارتفاع الأسعار من تعقيد إيصال المساعدات والخدمات الأساسية.
وأشار إلى أن تجميد الولايات المتحدة للتمويل الإنساني أثر بشكل كبير على العمليات، خاصة في شمال شرق سوريا، حيث أُجبرت 26 منظمة غير حكومية من أصل 42 على تعليق أعمالها فورًا، ما زاد من معاناة المحتاجين.
وأضاف أن خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2024 لم تحصل سوى على 35.6% من التمويل المطلوب، بينما لم تتلقَّ الاستجابة في الأشهر الثلاثة الأولى سوى 11.7% من احتياجاتها، وحذر من أن خطة دعم ثمانية ملايين شخص حتى يونيو تتطلب تمويلاً عاجلاً بقيمة ملياري دولار.
إعادة هيكلة العمليات الإنسانية
في ظل هذه التحديات، كشف عبد المولى أن الأمم المتحدة تعمل على إعادة هيكلة عملياتها في سوريا لتعزيز التنسيق والفاعلية، حيث ستُستبدل آلية "سوريا بأكملها" بآلية تنسيق موحدة مقرها دمشق، بحلول منتصف عام 2025، لضمان استجابة أكثر انسيابية للأزمة.
شدد المسؤول الأممي على أن تحقيق الاستقرار في سوريا يتطلب حوكمة مسؤولة، وإنعاشًا اقتصاديًا، وجهودًا شاملة للتعافي، كاشفًا عن خطة عمل انتقالية وضعتها الأمم المتحدة تهدف إلى الحد من الفقر وعدم المساواة، ودعم إعادة إدماج اللاجئين والنازحين، وتعزيز المؤسسات والحوكمة وسيادة القانون، وكذلك تنفيذ إصلاحات في قطاعي الأمن والقضاء، إلى جانب دفع عجلة التنمية الاقتصادية.
وأكد عبد المولى أهمية الاستفادة من الأجواء الإيجابية الحالية وكرم المجتمع الدولي الذي ظهر جليًا في مؤتمر المانحين في بروكسل، محذرًا من أن التقاعس عن دعم سوريا ستكون تكلفته أعلى بكثير من تلبية الاحتياجات الفورية للشعب السوري.
حقوق المرأة تحت المجهر
وحول أوضاع المرأة، أشار عبد المولى إلى أن البيئة الإنسانية في سوريا شهدت تحسنًا ملحوظًا منذ ديسمبر الماضي، حيث أصبح الوصول إلى المساعدات أكثر سهولة، وانتهت حالة الانقسام التي سادت في السابق داخل المجتمع الإنساني.
وبشأن حقوق المرأة، أكد أنه لم يلاحظ أي سياسات جديدة تمييزية ضد النساء، مشيرًا إلى أن حكومة تصريف الأعمال اعتمدت إعلانًا دستوريًا جديدًا ينص على المساواة بين جميع المواطنين وحظر التمييز على أساس الجنس أو العرق.
وختم حديثه بالتأكيد على أن الأمم المتحدة تراقب عن كثب قضايا حقوق الإنسان، مع إيلاء اهتمام خاص لمسألة المساواة الجندرية في جميع جهودها الإنسانية والتنموية.
يذكر أن سوريا شهدت تحولاً سياسياً بعد أن أطاح ائتلاف من الفصائل المسلحة بالرئيس بشار الأسد في 8 ديسمبر الماضي، وأسندت إدارة البلاد إلى سلطات انتقالية برئاسة أحمد الشرع، غير أن المرحلة الانتقالية واجهت تحديات كبيرة، إذ اندلعت أعمال عنف في منطقة الساحل السوري غرب البلاد، وصفت بأنها الأعنف منذ تولي الائتلاف الجديد السلطة.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن سوريا، وفق الوتيرة الحالية، قد تحتاج إلى نصف قرن على الأقل لاستعادة وضعها الاقتصادي الذي كان قائماً قبل اندلاع الحرب في عام 2011.