حسام أبو صفية.. 100 يوم على اعتقال طبيب غزة.. والتهمة «مقاتل غير شرعي»!
حسام أبو صفية.. 100 يوم على اعتقال طبيب غزة.. والتهمة «مقاتل غير شرعي»!
تحول اسم الطبيب الفلسطيني "حسام أبو صفية" إلى أيقونة معبرة عن حجم المأساة التي عاشها وما يزال يعيشها أعضاء الفرق الطبية في فلسطين منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وما تبعها من انتهاكات بحق الأطباء والاستهداف المتعمد للمرافق الصحية والمستشفيات التي كانت تعمل بأقل الإمكانات لتمريض آلاف الجرحى الذين سقطوا في الحرب الأعنف منذ عقود طويلة.
لم يكن مشهد مغادرة الطبيب "حسام أبو صفية" مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة -في حين تقابله الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية وهو يمشي بين الركام الذي يحاصر المستشفى- المشهد الأخير في قصة الرجل الذي مثّل أُنموذجاً فريداً لما يجب أن يكون عليه الطبيب في مناطق الصراعات والحروب.
حسام أبو صفية الذي -بمجرد دخوله إلى الآلية العسكرية الإسرائيلية- انقطعت أخباره عن العالم لعدة أسابيع، حيث تكتمت إسرائيل على موقع احتجازه إلى أن اضطرت إلى الكشف عن احتجازه في سجونها "سيئة السمعة" بفعل الضغوط الدولية التي مارستها المنظمات الصحية ومن بينها منظمة الصحة العالمية.
أيام قليلة تفصلنا عن تجاوز حسام أبو صفية حاجز الـ100 يوم داخل السجون الإسرائيلية، حيث يواجه فيها انتهاكات لم تتوقف حتى الآن من جانب محتجزيه الإسرائيليين، سواء في سجن سدي تيمان أحد أسوء السجون الإسرائيلية، أو في سجن عوفر.
عمليات تعذيب
100 يوم كانت الأيام الـ25 الأولى منها يقضيها حسام أبو صفية في الحبس الانفرادي، متعرضاً لعمليات تعذيب بشعة، ما نتج عنها اضطرابات أصابت قلبه، وقد عُرض على الأطباء أكثر من مرة، ووصل الأمر بالمسؤولين عن احتجازه إلى منعه من الحصول على نظارته الطبية، على الرغم من أنه يعاني مشكلات في نظره.
وتقول محاميته، إن السلطات الإسرائيلية فشلت في إثبات أي تهمة من التهم التي يحاول توجيهها إلى أبو صفية، ورغم ذلك سعوا بكل السبل إلى الحصول على اعتراف منه بتهم يدركون تماماً أنه لم يرتكبها.
وكشفت محامية أبو صفية عن تعرضه للضرب أكثر من مرة داخل السجون الإسرائيلية، وهو أمر لم يكن خفياً، حيث بدا واضحاً في الصورة الأولى التي نُشرت في فبراير الماضي لحسام أبو صفية بعد اعتقاله، وظهر فيها مكبل اليدين والقدمين ويبدو عليه الإرهاق الشديد.
في فبراير الماضي حوّل الجيش الإسرائيلي اعتقال أبو صفية ليكون وفقاً لقانون "المقاتل غير الشرعي"، بدلاً عن المحاكمة العادية، ما يتيح للمحكمة تمديد احتجازه لفترة غير محددة كل 6 أشهر، وهو القانون الذي استخدمته إسرائيل أكثر من مرة ضد معتقلين من قطاع غزة.
وفي 25 مارس ثبّتت محكمة إسرائيلية أمر الاعتقال لمدة 6 أشهر.
هكذا يعامل أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان الذي رفض مغادرة موقعه في المستشفى طول أشهر الحرب، ليقدم الدعم الطبي للجرحى من أبناء شعبه الفلسطيني الذين تعرضوا لقصف لم يراعِ الأبعاد الإنسانية، ولم يحترم القوانين الدولية.
ثمن الحرب
ربما يكون أبو صفية أحد أكثر الأشخاص الذين دفعوا ثمناً قاسياً للحرب على غزة، ففي سبتمبر الماضي اعتقل الجيش الإسرائيلي العشرات من العاملين في مستشفى كمال عدوان، وعلى رأسهم الطبيب حسام أبو صفية الذي أُفرج عنه بعد وقت قليل.
فقد أحد أبنائه في القصف الإسرائيلي، وقد دُفن إلى جوار جدار المستشفى، وقال أبو صفية وقتها، "رأيته يموت عند بوابة الدخول، كانت صدمة كبيرة، وجدت قبراً له بالقرب من أحد جدران المستشفى، حتى يبقى قريباً مني".
وتعرض هو نفسه للإصابة على يد القوات الإسرائيلية، وقال عن تلك الإصابة، "أُصبت في مكان عملي، وهذا شرف لي، ودماؤنا ليست أغلى من دماء الناس وحتى لو فقدنا أرواحنا سنبقى صامدين، ودمائي ليست أغلى من دماء زملائي بالكوادر الطبية الذين أُصيبوا قبلي".
وجاء الاعتقال الأخير لأبو صفية في ديسمبر الماضي -وما يزال قيد الاعتقال- في حين يُصعد المدافعين عن حقوق الإنسان من مطالبتهم بالإفراج عنه، وفك القيود التي فرضت عليه.
حسام أبو صفية، أو أبو إلياس كما عُرف، أصبح أُنموذجاً لما يعانيه الأطباء بسبب الحرب.
ولد يوم 21 نوفمبر 1973 في مخيم جباليا بمحافظة شمال قطاع غزة، وتعود أصول عائلته إلى بلدة حمامة في عسقلان عاش خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي الداخلي للقطاع، والحصار، وكذلك الهجمات الجوية الإسرائيلية التي لا تُحصى على القطاع.
التحق بمراحل التعليم المختلفة في غزة حتى توجه إلى دراسة الطب البشري في إحدى الجامعات الروسية في التسعينيات وعاد إلى غزة، وخلال سفره التقى بزوجته ألبينا أبو صفية، وهي من أصل كازاخستاني.
حصل بعد عودته على درجة الماجستير وشهادة البورد الفلسطيني في طب الأطفال وحديثي الولادة، وتنقل تدريجياً من مستشفى إلى آخر في التخصص ذاته.