«أوتشا»: الأزمة الإنسانية تتفاقم في غزة وسط استمرار العمليات العسكرية وارتفاع الأسعار

«أوتشا»: الأزمة الإنسانية تتفاقم في غزة وسط استمرار العمليات العسكرية وارتفاع الأسعار
نازحون في غزة- أرشيف

 

أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بأن الأوضاع الإنسانية في غزة تتدهور بسرعة، مع تصاعد العمليات العسكرية في مختلف أنحاء القطاع، وذكر أن الهجمات الأخيرة استهدفت سيارات إسعاف تابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني، أثناء محاولتها إجلاء الجرحى، ما أدى إلى محاصرة طواقمها وفقدان الاتصال ببعض الفرق الطبية.

وأفاد المكتب، في بيان له الخميس، بأن فريقا تابعا للأمم المتحدة والهلال الأحمر حاول التدخل لإنقاذ المصابين، إلا أن استمرار العمليات العسكرية حال دون وصولهم إلى المنطقة، ووفقًا للتقارير، لا يزال عدد من المدنيين محاصرين وسط القصف المستمر، فيما يحاول العاملون الإنسانيون تأمين ممرات آمنة لإجلائهم.

موجة نزوح جديدة وأزمة إيواء متفاقمة

أكد مكتب أوتشا أن أوامر الإخلاء الإسرائيلية تدفع أعدادًا متزايدة من سكان غزة إلى النزوح، حيث غطت المناطق المشمولة بأوامر الإجلاء نحو 18% من مساحة القطاع، ويواجه النازحون أوضاعًا مأساوية في ظل النقص الحاد في الغذاء والمياه والأدوية والمأوى.

وفي هذا السياق، أشار المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، إلى أن الإغلاق الكامل للمعابر يعوق إدخال المساعدات الإنسانية، مشددًا على أن آلاف العائلات النازحة لم تتمكن من أخذ أي من متعلقاتها، مما يزيد من تفاقم أزمة الإيواء.

النظام الصحي يوشك على الانهيار

بدورها، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن القطاع الصحي في غزة على حافة الانهيار، في ظل نقص الإمدادات الطبية الأساسية، وتزايد أعداد المصابين نتيجة العمليات العسكرية، وأوضحت أن هناك أقل من 500 وحدة دم متاحة، في حين أن الاحتياجات الشهرية تبلغ 8000 وحدة، كما حذرت من نفاد مستلزمات التخدير واللقاحات، ما يهدد حياة المرضى.

سكان غزة: "نواجه مجاعة وشيكة"

وفقا للموقع الإخباري للأمم المتحدة يواجه سكان غزة صعوبات متزايدة في تأمين الغذاء، حيث اشتكى مواطنون من ارتفاع الأسعار وشح السلع الأساسية.

يقول صلاح عودة، وهو جزار من مدينة غزة: "كنت أبيع اللحوم الطازجة في سوق الشيخ رضوان، لكن مع بدء الحرب بدأنا نستقبل لحومًا مجمدة، والآن بعد إغلاق المعابر، لا يوجد أي لحوم أو دجاج أو حتى أسماك، الأسعار أصبحت جنونية، ولم يعد أمام الناس سوى اللجوء إلى المعلبات".

أما عمر الزعانين، وهو أحد سكان القطاع، فيؤكد أن الأسواق تعاني نقصًا حادًا في السلع، مضيفًا: "الناس يأتون إلى السوق بلا أمل، لا يجدون ما يشترونه، ولا طعام ولا شراب. نحن نقترب من مجاعة حقيقية، ونناشد الجميع التدخل العاجل لإعادة فتح المعابر قبل أن تقع الكارثة".

"الإنسانية في أحلك لحظاتها"

كما وصف المفوض العام لوكالة الأونروا، فيليب لازاريني، الوضع في غزة بأنه "يمر بأحلك ساعاته"، مشيرًا إلى أن المعابر مغلقة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، وهي أطول فترة تبقى فيها غزة بدون إمدادات منذ بدء الحرب.

وقال لازاريني عبر منصة "إكس": "خلال الهدنة السابقة، كان يدخل إلى غزة ما بين 500 إلى 600 شاحنة يوميًا، أما الآن، فلا شيء.. الأطفال بلا غذاء، المرضى بلا دواء، والجوع يتفشى وسط مخاوف من انتشار الأوبئة، فيما يستمر القصف الإسرائيلي بلا توقف".

وأكد أن الأسبوع الماضي شهد أحد أكثر الأيام دموية منذ اندلاع الحرب، حيث قتل أكثر من 500 شخص، بينهم نساء وأطفال، كما فقدت الأونروا ثمانية من موظفيها.

ودعا لازاريني إلى رفع الحصار وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية والإمدادات التجارية، مؤكدًا ضرورة وقف القصف وتجديد اتفاق وقف إطلاق النار.

تفاقم خطر الجوع 

بدوره، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن آلاف السكان في قطاع غزة يواجهون مجددًا خطر الجوع الحاد وسوء التغذية، مع تراجع مخزونات الغذاء واستمرار إغلاق المعابر أمام المساعدات الإنسانية، وأكد البرنامج أن تصاعد العمليات العسكرية يعيق بشدة إيصال المساعدات، مما يعرض حياة العاملين في المجال الإغاثي للخطر.

كشف برنامج الأغذية العالمي أن مخزونه المتبقي في غزة يقدر بنحو 5,700 طن، وهو ما يكفي لدعم عملياته لمدة لا تتجاوز أسبوعين، ومع تدهور الأوضاع الأمنية والنزوح المتسارع قرر البرنامج تكثيف توزيع الغذاء بأقصى سرعة، وتركز عملياته على دعم المخابز والمطابخ المجتمعية، بالإضافة إلى توزيع الطرود الغذائية للعائلات المحتاجة.

ولضمان وصول الإمدادات إلى أكبر عدد ممكن من السكان، قلل البرنامج الحصص الغذائية المقدمة، ويخطط لتوزيع طرود غذائية مخفضة الحجم تكفي الأسرة لمدة أسبوع، في ظل استعداداته لإدخال أكثر من 85 ألف طن من المواد الغذائية المخزنة خارج غزة فور فتح المعابر.

أسعار الغذاء ترتفع بشكل قياسي

أشار البرنامج الأممي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل حاد داخل غزة، إذ ارتفع سعر كيس دقيق القمح (25 كجم) إلى 50 دولارًا، بزيادة تصل إلى 400% مقارنة بأسعاره قبل 18 مارس، فيما قفزت أسعار غاز الطهي بنسبة 300% مقارنة بشهر فبراير الماضي.

ودعا البرنامج جميع الأطراف إلى إعطاء الأولوية لاحتياجات المدنيين، وحماية العاملين في المجال الإنساني، وضمان دخول المساعدات إلى القطاع دون تأخير، كما أكد حاجته إلى 265 مليون دولار لدعم عملياته خلال الأشهر الستة المقبلة، بهدف تقديم المساعدة لنحو 1.5 مليون شخص في غزة والضفة الغربية.

يذكر أن إسرائيل استأنفت في 18 مارس الجاري عملياتها العسكرية ضد قطاع غزة منهيةً بذلك هدنة هشة استمرت لنحو شهرين كانت قد بدأت في يناير الماضي بوساطة مصرية قطرية أمريكية، ونفذت سلسلة غارات جوية مكثفة وأحزمة نارية على عدة مناطق في القطاع.

أسفرت الحرب عن استشهاد أكثر من 50 ألف شخص وإصابة أكثر من 113 ألفًا، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقًا لبيانات وزارة الصحة في غزة، والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة وسط أزمة واحتياجات إنسانية هائلة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية