المغرب يراهن على مشروع «الطريق السيار المائي» لمواجهة أزمة الجفاف
المغرب يراهن على مشروع «الطريق السيار المائي» لمواجهة أزمة الجفاف
اعتمد المغرب مشروعاً ضخماً لنقل فائض المياه من المناطق الشمالية إلى مناطق متضررة بشدة من الجفاف، عبر ما يُعرف بـ"الطريق السيار المائي"، حيث يسهم هذا المشروع في إنقاذ نحو 12 مليون شخص من أزمة العطش، لكنه لا يزال يواجه تحديات كبيرة ترتبط بالتقلبات المناخية.
ووفقاً لتقرير نشرته وكالة "فرانس برس"، اليوم الأحد، شهد المغرب جفافاً مستمراً هو الأطول تاريخياً، استمر لمدة ستة أعوام، في حين لم تتجاوز فترة الجفاف في الماضي ثلاثة أعوام متتالية.
وأفاد وزير التجهيز والماء نزار بركة خلال مؤتمر حول الموضوع بأن موارد المياه تراجعت إلى 5 مليارات متر مكعب سنوياً في المتوسط، مقارنة بـ18 مليار متر مكعب خلال ثمانينيات القرن الماضي.
تراجع معدل هطول الأمطار بنسبة 75% خلال الأعوام الستة الأخيرة مقارنةً بالمتوسط المعتاد، كما ارتفعت درجات الحرارة بنحو 1.8 درجة مئوية العام الماضي، ما أدى إلى زيادة كبيرة في معدل التبخر.
تحويل فائض مياه حوض سبو
أنشأ المغرب نظاماً يعتمد على تحويل فائض مياه نهر سبو، أحد أهم الأنهار في البلاد، من خلال سد للمنع شمال القنيطرة، حيث تخضع المياه لمعالجة أولية قبل نقلها عبر قناة تحت الأرض تمتد لمسافة 67 كيلومتراً.
افتُتِح هذا المشروع في أواخر أغسطس 2023، وأسهم في تزويد الرباط والمدن المجاورة، بما فيها شمال الدار البيضاء، بمياه الشرب، وفقاً للبيانات الرسمية، تمكنت القناة من نقل أكثر من 700 مليون متر مكعب حتى مطلع مارس 2024.
أنجز المغرب الشطر الأول من المشروع بشكل عاجل خلال تسعة أشهر، بتكلفة بلغت نحو 7 مليارات درهم (ما يعادل 700 مليون دولار).
تحديات الاستدامة
واجه المغرب مشكلة عدم توازن في توزيع الموارد المائية، حيث تتساقط 53% من الأمطار على 7% فقط من مساحة البلاد، وفقاً لما أوضحه الوزير نزار بركة، ورغم أن تحلية مياه البحر تمثل الخيار الاستراتيجي الأساسي للمملكة، إلا أن المشروع الحالي يعد حلاً ضرورياً لمواجهة الإجهاد المائي المتزايد.
توقع الباحث نبيل المساعد أن يؤدي تغير المناخ إلى التأثير في الأحواض المائية الشمالية مستقبلاً بشكل أكبر مقارنة بالجنوب، مشيراً إلى أن المياه الفائضة الحالية قد لا تبقى متاحة في المستقبل.
ودعا المساعد في دراسة أجراها عام 2020 إلى تقليص مدى المشروع، وتجنب التوسع إلى مناطق أكثر بعداً مثل جهة مراكش، حيث يقل الفائض المائي بشكل ملحوظ.
التحول نحو تحلية المياه
أكد الباحث في سياسات الري عبد الرحيم هندوف أن المشروع القائم يمثل حلاً فعالاً مؤقتاً لعدم توفر بدائل أخرى، لكنه أشار إلى أن استمرار التقلبات المناخية سيطرح تحديات كبيرة حتى في المناطق الشمالية التي تعد حالياً غنية بالموارد المائية.
دعا هندوف إلى التركيز على تحلية مياه البحر، إلى جانب تطوير البحث العلمي وتقنيات الري الاقتصادي، نظراً لأن القطاع الزراعي يستهلك الحصة الكبرى من الموارد المائية في البلاد.
التفاؤل بتحسن الوضع المائي في المستقبل
رغم التحذيرات من تأثيرات تغير المناخ، عبّر المسؤول في وزارة الزراعة محجوب الحرش عن تفاؤله بتحسن الوضع المائي مستقبلاً، مشيراً إلى أن "وضعية الندرة لن تستمر هكذا.. ستتحسن الأمور بالتأكيد".
يعمل المغرب في الوقت ذاته على زيادة إنتاج المياه المحلاة من 270 مليون متر مكعب حالياً إلى 1.7 مليار متر مكعب بحلول عام 2030.
قطاع الزراعة
يواجه القطاع الزراعي في المغرب تحديات متزايدة بسبب الجفاف المستمر للسنة السابعة على التوالي، ما أثر في الإنتاج الزراعي وسوق العمل، ومع ذلك، تسعى المملكة إلى التصدي لهذه الأزمة عبر تحلية مياه البحر واعتماد تقنيات ري موفرة للمياه.
يسهم القطاع الزراعي بنحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر 30% من فرص العمل، لكن موجات الجفاف الأخيرة أدت إلى فقدان 157 ألف وظيفة في الأرياف عام 2023 و137 ألفًا أخرى عام 2024، ما رفع معدل البطالة إلى 13.3%، وهو الأعلى منذ عام 2000.
وفي فبراير الماضي، قال وزير الزراعة أحمد البواري، شهد المغرب عجزًا في الأمطار بنسبة 53% مقارنة بمتوسط الثلاثين عاماً الماضية، ومن المتوقع أن ينخفض معدل الأمطار بنسبة 11% بحلول عام 2050، مع ارتفاع في درجات الحرارة بمعدل 1.3 درجة مئوية.
على الرغم من هذه التحديات، فلا تزال الصادرات الزراعية تمثل 19% من إجمالي الصادرات المغربية، حيث بلغت عائداتها 41.8 مليار درهم (نحو 4 مليارات دولار) حتى نوفمبر 2023.