«الغارديان»: القمع يخيّم على الصحافة الطلابية الأمريكية بسبب الخطاب المؤيد للفلسطينيين

«الغارديان»: القمع يخيّم على الصحافة الطلابية الأمريكية بسبب الخطاب المؤيد للفلسطينيين
أحد عناصر الصحافة الطلابية الأمريكية

خيم مناخ من القمع على الصحافة الطلابية الأمريكية، حيث يواجه كتّاب ومحررون، خصوصًا من أصول دولية، ضغوطًا غير مسبوقة لحذف مقالاتهم أو إخفاء أسمائهم، وسط سياسات متشددة لإدارة الرئيس دونالد ترامب تستهدف الداعمين للقضية الفلسطينية وفق صحيفة "الغارديان" البريطانية.

وأشارت الصحيفة في تقرير لها اليوم الإثنين إلى تزايد طلبات إخفاء الهوية في الصحف الجامعية بشكل لافت خلال الأسابيع الماضية، بعد اعتقال طالبة الدراسات العليا في جامعة تافتس، روميسا أوزتورك، من قبل سلطات الهجرة الأمريكية، في محاولة لترحيلها، موضحة أنه رغم غياب أي دليل رسمي على انتهاكها للقانون، إلا أن مقال رأي كتبته قبل عام ينتقد إسرائيل، يُعتقد أنه كان سببًا في استهدافها.

يقول محررو صحف طلابية إن المخاوف لم تعد مقتصرة على الطلبة الدوليين، بل باتت تشمل أمريكيين يخشون على مستقبلهم المهني، إذ تُعامل المواقف السياسية علنًا كخطر على الأمن القومي، حتى لو جاءت على شكل مقالات رأي.

إما الصمت أو الترحيل

منذ مارس الماضي، احتُجز ما لا يقل عن 12 طالبًا أو باحثًا من قبل سلطات الهجرة، على رأسهم محمود خليل، طالب دراسات عليا بجامعة كولومبيا، ومالك البطاقة الخضراء، والذي اعتُقل على خلفية مشاركته في احتجاجات مؤيدة لفلسطين.

في جامعة كولومبيا، صرّح آدم كيندر، محرر مجلة "كولومبيا بوليتيكال ريفيو"، بأن مجلته حذفت نحو 12 مقالًا، وأوقفت نشر عدد مماثل بسبب الضغوط، وقال: "الطلاب يخشون الانتقام الحقيقي لمجرد أنهم لا يتفقون مع سياسات ترامب".

أما في جامعة ستانفورد، فأشارت المحررة غريتا رايش إلى أن عدد طلبات حذف الأسماء والصور بلغ العشرات، بعضها من كتاب الرأي، وأخرى من مصادر طالبة للتمويه، وأضافت: "محرر سابق من الطلاب الدوليين استقال تمامًا خشية ارتباطه بالمحتوى".

مخاوف في غرف الأخبار

وفقا للغارديان تجد الصحف الطلابية نفسها أمام معضلات أخلاقية حقيقية: حماية سلامة طلابها مقابل الالتزام بالشفافية والمصداقية، بعض المحررين اختاروا حلولًا وسطى، مثل إزالة المقالات من نتائج محركات البحث دون حذفها من المواقع.

في جامعة فرجينيا، اضطرت نعيمة صوايا، رئيسة تحرير صحيفة "كافاليير ديلي"، إلى تغيير نظرتها حول أرشيف الصحيفة، وقالت: "إذا طلب أحد الموظفين حذف مقال حفاظًا على سلامته، فسأحذفه".

وفي جامعة نيويورك، أوضح المحرر يزن سعادة أن بعض الصحفيين اضطروا للانسحاب من عملهم التحريري، لكنهم ما زالوا يساهمون في مهام أخرى بعيدًا عن الأضواء.

التهديد يمتد إلى الجميع

في فبراير الماضي، أقدمت صحيفة "بوردو إكسبوننت" على حذف أسماء وصور طلاب شاركوا في مظاهرات داعمة لحقوق الفلسطينيين، مستشهدة بمخاوف أمنية ومدونة أخلاقيات الصحافة، لكنها واجهت سيلًا من الانتقادات والتهديدات، وصل عددها إلى أكثر من 7 آلاف رسالة إلكترونية، بعضها يحمل تهديدًا بالقتل.

مايك هيستاند، المحامي في مركز قانون الصحافة الطلابية، أكد أن تغيّر السياق السياسي بعد يناير 2025 فرض على المؤسسات الإعلامية الطلابية مراجعة مبادئها التحريرية، وتقول ليندسي رانك، مديرة المناصرة في مؤسسة الحقوق الفردية والتعبير: "ما كان يُعتبر مسألة أخلاقية قبل أشهر، بات اليوم مسألة قانونية تهدد الإقامة والتأشيرات".

خوف يعمّ الأوساط الجامعية

تشير صوايا إلى تغير مناخ العمل الصحفي الجامعي بشكل جذري، فحتى مسؤولو الاتصالات في الجامعات باتوا يرفضون الحديث إلى الصحف الطلابية. وتقول: "أشعر بأن هناك خوفًا حقيقيًا، حتى من الأشخاص الذين من واجبهم أن يجيبوا عن أسئلتنا".

تُبرز هذه الأزمة حجم التحديات التي تواجه الجيل الجديد من الصحفيين في أمريكا، الذين باتوا يكتبون تحت طائلة الرقابة، لا من إدارات تحريرهم، بل من سلطة سياسية تهددهم بالملاحقة لمجرد التعبير.

شهدت الولايات المتحدة بعد تولي دونالد ترامب مقاليد السلطة استهداف النشطاء في الجامعات الأمريكية بسبب مواقفهم السياسية، وسط تزايد الرقابة على الأصوات المناصرة لفلسطين في ظل تصاعد التوترات العالمية حول القضية.

وتأتي هذه القضية في سياق حملة واسعة أعلنتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تعهدت بترحيل المحتجين الأجانب المؤيدين للفلسطينيين، متهمة إياهم بـ"دعم حماس ومعاداة السامية".

وأثارت هذه الإجراءات انتقادات حقوقية واتهامات للإدارة الأمريكية بالتضييق على حرية التعبير، ويؤكد ناشطون أن معاقبة الطلاب الأجانب بسبب آرائهم السياسية يمثل انتهاكًا لمبادئ الديمقراطية، في حين ترى إدارة ترامب أن بعض الاحتجاجات "معادية للسامية" وتشكل تهديدًا للسياسة الخارجية الأمريكية.
 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية