«هيومن رايتس» تطالب الاتحاد الأوروبي بإعطاء الأولوية لحماية حقوق الفلسطينيين

«هيومن رايتس» تطالب الاتحاد الأوروبي بإعطاء الأولوية لحماية حقوق الفلسطينيين
آثار الحرب على غزة

دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الاتحاد الأوروبي إلى إعطاء الأولوية لحماية حقوق الفلسطينيين خلال الحوار رفيع المستوى مع السلطة الفلسطينية المقرر في 14 أبريل الجاري، مشددة على ضرورة إنهاء الانتهاكات المتصاعدة ضد المعارضين والمنتقدين، ومحاسبة المتورطين في أعمال التعذيب والاحتجاز التعسفي.

وأكدت "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير على موقعها الرسمي، اليوم الاثنين، أنه فيما تواصل إسرائيل ارتكاب انتهاكات جسيمة في غزة ترقى إلى جريمتي الفصل العنصري والإبادة الجماعية، فإن ذلك لا يبرر إطلاق يد السلطة الفلسطينية لقمع مواطنيها، في ظل تمويل أوروبي يُستخدم فعلياً في تعزيز هذا القمع.

قمع واعتقالات تعسفية 

وثّقت المنظمة الحقوقية سلسلة من الانتهاكات التي مارستها السلطة الفلسطينية في الأشهر الأخيرة، شملت اعتقال المنتقدين والمعارضين تعسفياً، وتعذيبهم وسوء معاملتهم، دون أي إجراءات لمحاسبة المنتهكين.

وأوضحت أن هذه الانتهاكات تستند إلى شهادات موثقة، من بينها شهادة المواطن حمزة زبيدات (40 عاماً)، الذي اعتُقل من منزله في مخيم الدهيشة بعد منشور على "فيسبوك" دعا فيه الرئيس محمود عباس إلى التنحي.

وقال زبيدات، إنه تعرّض للضرب والإهانة وسكب الماء البارد عليه في ظروف شديدة البرودة، واتُهم بإهانة "السلطات العليا" والاعتداء على عنصر أمن.. ورغم الإفراج عنه، لا تزال التهم قائمة.

وبحسب "الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان"، سُجلت خلال عام 2024 نحو 231 شكوى تتعلق بالاعتقال التعسفي، و124 شكوى بشأن التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز، في استمرار لنمط موثق من الإفلات من العقاب.

تقييد حرية الإعلام

أشارت "هيومن رايتس ووتش" إلى تصعيد أمني خطير شهدته مدينة جنين خلال الفترة بين ديسمبر ويناير، إذ نفّذت قوات الأمن الفلسطينية عمليات أمنية أسفرت عن مقتل 11 شخصاً بينهم طفلان وصحفي ومواطن أعزل.

وأفاد سكان المخيم بأنهم واجهوا حصاراً خانقاً منعهم من الوصول إلى الماء والغذاء، وتضررت منازلهم بفعل المواجهات.

وفي موازاة ذلك، اتخذت السلطة إجراءات صارمة ضد حرية الإعلام، إذ أوقفت بث قناة "الجزيرة" في الأراضي الفلسطينية بزعم "التحريض على الفتنة"، كما منعت الوصول إلى مواقعها الإلكترونية، وشملت الإجراءات أيضاً إغلاق صحف ومحطات ومواقع إلكترونية أخرى، وهو ما عدّته "هيومن رايتس ووتش" تصعيداً مقلقاً في تكميم الأفواه ومنع تدفق المعلومات.

استشهاد مئات المدنيين

في السياق نفسه، واصلت إسرائيل شن غاراتها الجوية على قطاع غزة، مما أسفر عن استشهاد مئات المدنيين، من بينهم أطفال ونساء وصحفيون ومسعفون، مع تدمير واسع للبنية التحتية ومنع دخول المساعدات الإنسانية، في انتهاك صريح للقانون الدولي.

وفي الضفة الغربية، تصاعدت الانتهاكات باستخدام نفس الأساليب المتبعة في غزة، كما داهمت القوات الإسرائيلية مخيم جنين وهجّرت أكثر من 16 ألفاً من سكانه.

ورغم التحذيرات الدولية، تستمر إسرائيل في تحدي قرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك الحكم الصادر عن "محكمة العدل الدولية" في يوليو 2024، الذي أكد عدم قانونية احتلال الأراضي الفلسطينية، واعتبر إسرائيل مسؤولة عن نظام فصل عنصري، داعياً المجتمع الدولي إلى وقف أي شكل من أشكال الدعم لهذه الانتهاكات.

تواطؤ أوروبي ومعايير مزدوجة

انتقدت "هيومن رايتس ووتش" موقف الاتحاد الأوروبي المتردد إزاء انتهاكات إسرائيل، ودعت إلى مراجعة فورية لاتفاقية الشراكة بين الطرفين، بما يشمل تعليق الاتفاقية ووقف نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وتقديم الدعم للمحكمة الجنائية الدولية لتنفيذ أوامر الاعتقال بحق المتورطين في الجرائم.

وأشارت المنظمة إلى أن الدول الأوروبية تستمر في دعم السلطة الفلسطينية رغم الانتهاكات الحقوقية الخطيرة التي تمارسها، ما يعكس سياسة المعايير المزدوجة التي تقوّض مصداقية الاتحاد كمناصر لحقوق الإنسان.

تأتي هذه المطالب وسط تدهور خطير في الأوضاع الإنسانية والحقوقية في الأراضي الفلسطينية، في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، وغياب المساءلة على جرائم الحرب والانتهاكات الممنهجة، بالتوازي مع القمع الداخلي المتزايد الذي تمارسه السلطة الفلسطينية.

ودعت منظمات حقوقية دولية ونقابات عمالية مراراً الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ مواقف حازمة تجاه الانتهاكات، إلا أن الاستجابة لا تزال محدودة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية