من التخطيط للحجز وحتى إعادة تنظيم الرحلة.. الذكاء الاصطناعي يُعيد رسم خارطة السفر
بدلًا من الوكيل البشري
بدأت برامج المساعدة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تفرض حضورها بقوة في قطاع السفر، حيث لم تعد تكتفي بمجرد المساعدة في الحجز، بل باتت ترافق المسافر خطوة بخطوة، مقترحة الأنشطة والمطاعم وحتى إعادة جدولة الرحلات في حال حدوث أي طارئ.
فعلى سبيل المثال، يُمكن لتطبيق "مايندتريب" توليد خطة سفر متكاملة بمجرد إدخال جملة بسيطة مثل "أريد زيارة المكسيك"، ليقترح خلال ثوانٍ الفنادق والمطاعم والجولات السياحية وفق اهتمامات المستخدم وفق فرانس برس.
نقلة نوعية في خدمة العملاء
أوضح آندي موس، رئيس شركة "مايندتريب"، أن هذا النوع من الخدمات يُمثل بديلاً رقميًا لوكيل السفر التقليدي، قائلًا: "بدل البحث عبر غوغل والبدء من الصفر في كل مرة، نوفر للمستهلك وكيلًا رقميًا يتحدث معه ويخطط له الرحلة".
ولم تكن "مايندتريب" وحدها في هذا المجال، فقد استطاعت شركات ناشئة أخرى مثل "فاكاي" و"نافان" (الموجهة لرحلات الأعمال) حجز مواقع متقدمة في سوق يشهد منافسة متزايدة من عمالقة التكنولوجيا.
شركات الحجز التقليدية تدخل السباق
دخلت أيضًا المنصات الكلاسيكية على خط المنافسة، لكن بحذر، فقد أطلقت "إكسبيديا" مساعدها "رومي" عام 2024 لتخطيط الرحلات الجماعية، في حين طورت "بوكينغ دوت كوم" برنامج "سمارت فيلتر" لتقديم اقتراحات مخصصة، كالفنادق المطلة على القنوات المائية في أمستردام.
وصرّح روب فرانسيس، المسؤول عن التكنولوجيا في "بوكينغ دوت كوم"، بأن التقنية ما زالت في بداياتها، لكنها تفتح الباب لعلاقة أكثر تفاعلًا مع العملاء بفضل قدرتها على الإجابة بلغة قريبة من المستخدمين.
رد فوري وسلاسة في التعامل
من جانبه، أشار رئيس مجلس إدارة "كلوب ميد"، هنري جيسكار ديستان، إلى أنهم بصدد اختبار ميزة على تطبيق واتساب تتيح للمستخدمين طرح أسئلتهم العملية وتلقي ردود فورية، معتبرًا أن "هذا تطور كبير في الإنتاجية، مقارنةً بالردود البشرية التي كانت تستغرق أكثر من ساعة".
لا تقتصر مهام هذه البرامج على التخطيط، بل تمتد إلى التعامل مع المستجدات الأمنية والظروف الطارئة، من خلال إعادة تنظيم جدول الرحلات تلقائيًا عند حدوث تأخيرات أو تغييرات مفاجئة.
ويشرح الأكاديمي جوكا لايتاماكي، من جامعة نيويورك، أن الذكاء الاصطناعي "لم يعد ترفًا بل حاجة"، مؤكدًا أن أدوات مثل هذه تستجيب لتطلعات المسافرين نحو خدمة مخصصة وسريعة وفعالة.
عقبات في البنية التحتية
رغم الإمكانات الهائلة، تُواجه هذه البرامج تحديات في التبني الواسع، خاصة من قِبل الجهات الصغيرة التي تفتقر للبنية التحتية، مثل الفنادق المحلية ووكلاء السفر الإقليميين، بحسب إيفا ستيوارت من شركة "جي إس آي كيو" الاستشارية.
ومع ذلك، يرى لايتاماكي أن المستخدمين أكثر استعدادًا من المؤسسات، مشيرًا إلى أن الكثيرين يعرفون بالفعل كيف يستخدمون أدوات مثل "تشات جي بي تي".
المنصات الكبرى تسيطر
ورغم تقدم الشركات الناشئة، تحتفظ المنصات العملاقة مثل "إكسبيديا" و"بوكينغ" و"إير بي إن بي" بالأفضلية بفضل قاعدة عملائها ومواردها الضخمة، فيما تواصل تقييم مدى نجاعة هذه البرامج، دون استعجال في دمجها الكامل.
وقال ديف ستيفنسون، رئيس تطوير "إير بي إن بي"، إن الشركة لا تنوي إضافة روبوت محادثة فقط، بل تبحث عن حل يعزز التجربة بالكامل.
في المقابل، يبدو أن وكلاء السفر التقليديين باتوا أمام مفترق طرق، خصوصًا أن هذه التقنيات قد تُلغي الحاجة إليهم بالنسبة لغالبية المسافرين، باستثناء العملاء الأثرياء الذين سيظلون يفضلون التواصل البشري المباشر، وفقًا لـ لايتاماكي.