«واشنطن بوست»: تهديد ترامب بإلغاء الإعفاء الضريبي يضع «هارفارد» في مأزق مالي
«واشنطن بوست»: تهديد ترامب بإلغاء الإعفاء الضريبي يضع «هارفارد» في مأزق مالي
في تطور غير مسبوق، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، بإلغاء إعفاء جامعة هارفارد من الضرائب، وذلك في إطار تصعيد المواجهة مع إدارة الجامعة بشأن سياسات الحكومة، وقد تبعت هذه التهديدات تدابير عملية تمثلت في تجميد منح بحثية بقيمة 2.2 مليار دولار، وهو ما دفع الجامعة إلى اتخاذ خطوات استباقية من خلال الاقتراض من الأسواق المالية.
ووفقا لصحيفة "واشنطن بوست"، كانت جامعة هارفارد قد بدأت في اتخاذ تدابير تحسباً لأي تخفيضات محتملة في التمويل الفيدرالي، حيث اقترضت مبلغ 750 مليون دولار من وول ستريت.
وأكدت الجامعة، الاثنين، أنها لن تستجيب لمطالب إدارة ترامب التي تهدف إلى فرض رقابة حكومية أكبر على الأنشطة الأكاديمية، كما سلطت الجامعة الضوء على المخاطر الكبيرة التي قد تنجم عن تخفيض المنح الفيدرالية، لا سيما في الأبحاث الطبية والعلمية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالأمراض المميتة مثل السرطان ومرض السكري.
تجميد المنح على الأبحاث
في وقت لاحق من الأسبوع، نزلت الصدمة على العديد من الباحثين في جامعة هارفارد، حيث تلقت أستاذة علم المناعة في كلية تشان للصحة العامة، سارة فورتشن، أمراً بوقف العمل في عقد بحثي بقيمة 60 مليون دولار، هذا العقد كان يركز على دراسة كيفية مكافحة الجهاز المناعي لمرض السل.
وهو ما يهدد بتوقف الأبحاث التي كانت في مراحل متقدمة، وأعربت فورتشن عن قلقها من إمكانية إلغاء تجارب حاسمة على قرود المكاك، ما قد يتطلب اتخاذ قرار مؤلم بقتل الحيوانات.
وتعد جامعة هارفارد واحدة من أكبر المستفيدين من التمويل الفيدرالي في مجال الأبحاث العلمية، حيث يشكل التمويل الفيدرالي أكثر من 68% من إيرادات الجامعة، أي ما يعادل 686 مليون دولار في السنة المالية 2024.
وقد أعلنت الجامعة أنها قد تضطر إلى إيقاف العديد من المشاريع البحثية الكبرى في حال استمر تجميد هذه المنح، وهذا الأمر يعكس مدى اعتماد الجامعة على هذا التمويل لاستمرار الأبحاث العلمية التي لا يمكن تمويلها إلا من خلال الدعم الفيدرالي.
إجراءات إدارة ترامب
في خطوة تصعيدية، أرسلت إدارة ترامب الأسبوع الماضي رسالة رسمية إلى جامعة هارفارد طالبت فيها بفرض تغييرات في القيادة الجامعية وزيادة الرقابة على الأنشطة الأكاديمية، بالإضافة إلى التعاون مع السلطات الفيدرالية المعنية بالهجرة.
وأتبعت هذه الرسالة قرارات بتجميد منح متعددة السنوات، بما في ذلك تلك التي تدعم الأبحاث الطبية والفضائية، وجاءت هذه التطورات بعد اتهامات للحكومة بالتحقيق في معاداة السامية وبرامج التنوع والمساواة في الجامعة.
وعلى الرغم من أن الرئيس ترامب لا يملك السلطة المباشرة لإلغاء الإعفاء الضريبي للجامعة، إلا أن تهديداته ألقت بظلالها على مستقبل هذا الامتياز.
ووفقًا للمتحدث باسم البيت الأبيض، فإن الرئيس يطالب بعدم انتهاك القانون الفيدرالي، مشيرًا إلى أن دافعي الضرائب لا ينبغي أن يدعموا جامعة تعتبر من أغنى الجامعات في العالم.
الحفاظ على استقلالها الأكاديمي
وفي مواجهة هذه الضغوط، أصدر رئيس جامعة هارفارد، آلان جاربر، بيانًا أكد فيه أن الجامعة لن تتخلى عن استقلالها الأكاديمي أو حقوقها الدستورية، مشيرًا إلى أن الجامعة ستواصل العمل مع السلطات الفيدرالية ولكن مع الحفاظ على الحريات الأكاديمية.
وأعرب أعضاء هيئة التدريس في الجامعة عن دعمهم لهذا الموقف، مؤكدين أن أي محاولات لتقليص التمويل الفيدرالي أو فرض رقابة على الأبحاث ستؤدي إلى تراجع في مكانة الولايات المتحدة على الساحة العالمية في مجال العلوم والتكنولوجيا.
وتسبب تجميد المنح في توقف العديد من المشاريع البحثية في مجالات حيوية، مثل البحث في مرض التصلب الجانبي الضموري (ALS) وتأثيرات الإشعاع على البيولوجيا البشرية.
وتعرضت هذه المشاريع، التي تدعمها المنح الفيدرالية، لخطر الإلغاء، ما يهدد بتأثيرات سلبية على تقدم الأبحاث العلمية في الولايات المتحدة.
وفي السياق، أشار ديفيد والت، أحد الباحثين الرئيسيين في معهد وايس، إلى أن نقص التمويل الفيدرالي سيؤدي إلى تراجع كبير في النتائج البحثية وقد يؤثر على مكانة الولايات المتحدة كداعم رئيسي للأبحاث العلمية.
التحديات المستقبلية للجامعة
مع استمرار هذه الضغوط، يبدو أن جامعة هارفارد تواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على استقرارها المالي والأكاديمي، ففي الوقت الذي تسعى فيه الجامعة للحفاظ على استقلالها الأكاديمي، يتعين عليها التعامل مع المخاوف المتعلقة بتجميد التمويل الفيدرالي الذي يعد شريان الحياة للعديد من الأبحاث الحيوية.
وتدرك الجامعة أن استمرار هذه السياسات قد يعرضها لتهديدات أكبر على المدى الطويل، وهو ما يستدعي التكيف مع الأوضاع المالية غير المستقرة في ظل التحديات السياسية المستمرة.