فورين بوليسي: بكين تخنق واشنطن بتحكمها في صناعة الرقائق الإلكترونية
فورين بوليسي: بكين تخنق واشنطن بتحكمها في صناعة الرقائق الإلكترونية
فرض وزير التجارة الأمريكي، هوارد لوتنيك، الأسبوع الماضي، واقعًا جديدًا أمام قطاع التكنولوجيا، معلنًا عن نية واشنطن فرض رسوم جمركية جديدة على الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والإلكترونيات المستثناة مؤقتًا من الرسوم على الواردات الصينية، وذلك خلال شهرين، في خطوة مفاجئة بعد 48 ساعة فقط من إعلان استثناءات أثارت بعض الأمل في القطاع.
وذكرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، اليوم السبت، أن هذه الخطوة تأتي رغم الاعتراف الضمني بصعوبة فك الارتباط بين الاقتصاد الأمريكي وسلاسل التوريد الصينية.
وقالت المجلة الأمريكية إنه بحسب شركة "كاونتربوينت" لتحليل سوق التكنولوجيا، لا تزال 80% من أجهزة آيفون، و70% من الهواتف الذكية، و80% من شاشات الحاسوب المبيعة في السوق الأمريكية تُصنع في الصين.
تشكيك في الجدوى
انتقد الزميل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، باراث هاريثاس، قدرة واشنطن على تنفيذ إعادة هيكلة حقيقية لسلاسل التوريد خلال فترة الاستثناء المؤقتة التي لا تتجاوز ثلاثة أشهر، مؤكدًا أن الاعتماد الأمريكي على الصين أكبر بكثير مما يرغب صانعو القرار في الاعتراف به.
ورغم أن إدارة ترامب تلوح بالرسوم الجمركية، خاصة على قطاع أشباه الموصلات، فإن إدارة الرئيس السابق جو بايدن فضّلت استخدام الحوافز الضريبية.
وأطلقت قانون "الرقائق والعلوم" عام 2022، الذي ضخ نحو 450 مليار دولار في الاستثمارات المحلية في صناعة الرقائق حتى أغسطس الماضي، وأرفقت هذه الحوافز بعقوبات صارمة على بيع الرقائق المتقدمة للصين.
تكلفة مزدوجة
توصل معهد بيترسون للاقتصاد الدولي إلى أن الرسوم الجمركية وحدها أقل فاعلية من قانون الرقائق في تعزيز الإنتاج المحلي.
ورغم أن الجمع بينهما قد يسرّع التصنيع، إلا أنه سيثقل كاهل الشركات والمستهلكين الأمريكيين، خاصة في ظل استمرار الطلب الكبير على الرقائق المتقدمة التي لا يغطيها الإنتاج المحلي حتى الآن.
وفي تصعيد مضاد، كشفت الصين في أبريل عن قيود تصديرية تطال المعادن الأرضية النادرة الثقيلة، ما قد يعرقل سلاسل الإنتاج الأمريكية، بدءًا من هواتف آيفون إلى مقاتلات F-35.
وتحكم الصين قبضتها على أكثر من 90% من سوق معالجة هذه المعادن، وتستخدمها كورقة ضغط في النزاعات التجارية والدبلوماسية.
اختناق طويل الأمد
أشارت فورين بوليسي إلى أن بكين تفرض أيضًا قيودًا على تصدير الغاليوم والجرمانيوم، المستخدمين في صناعة الرقائق، فضلًا عن تقنيات استخلاص المعادن النادرة، مما يعمّق مأزق واشنطن.
كما أن مشاريع الاستقلال الأمريكي في هذا المجال لا تزال في بداياتها، ويُرجّح أن تستغرق سنوات حتى تؤتي ثمارها، وفقًا لتقرير صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
في الوقت الذي تحاول فيه إدارة ترامب تقليص الاعتماد على الصين، تواجه الشركات الأمريكية كلفة اقتصادية باهظة، في ظل تحكم بكين في مواد حيوية تمس صميم الأمن القومي.
وبذلك، تتجلى المفارقة في أنه رغم التهديدات الأمريكية، تبقى اليد العليا للصين في قطاعات استراتيجية تجعلها قادرة على توجيه ضربات موجعة لخصمها التجاري.