في الفاشر السودانية.. جرحى بلا علاج وأطفال يئنّون تحت الحصار

في الفاشر السودانية.. جرحى بلا علاج وأطفال يئنّون تحت الحصار
نازحون سودانيون- أرشيف

نجا محمد، الطفل ذو الثمانية أعوام، من الموت في مدينة الفاشر غرب السودان، لكنه لم ينجُ من الجرح الغائر في ذراعه، حيث لا تزال قطعة قماش متسخة تحيط بالجرح الذي تُرك بلا تطهير، في ظل عجز طبي كامل فرضه الحصار المحكم والمستمر على المدينة، والد الطفل، عيسى سعيد، يقول إن "النزيف توقف بمساعدة جارتنا، لكنها لم تستطع أن تداوي الألم.. محمد لا ينام من شدة الوجع".

منذ مايو 2024، تفرض قوات الدعم السريع طوقاً خانقاً على مدينة الفاشر، ما يجعل نقل المصابين إلى المستشفيات أمراً مستحيلاً، خاصة بعد تعرّض معظم المرافق الصحية للقصف أو التدمير، فالهجمات المتكررة دمّرت النظام الصحي بالكامل، وخلّفت المئات من الجرحى بلا أي فرصة للعلاج بحسب فرانس برس.

الطب الشعبي بدل الطوارئ

يحاول سكان الفاشر التعايش مع الألم ومعالجة جراحهم بإمكانات بدائية، محمد، منسق مساعدات إنسانية لجأ إلى المدينة هارباً من مجاعة مخيم زمزم، قال إن "الناس يفتحون بيوتهم للعلاج، يستخدمون نباتات طبية وخبرات شعبية لأن كل شيء آخر مفقود"، ويضيف محمد إنه قد أُصيب في فخذه خلال هجوم على المخيم، ومع ذلك لم يجد سوى الأعشاب والضمادات المصنوعة يدوياً.

رصاص في الجسد وجبائر من الخشب

يروي محمد أبكر، شاب أصيب برصاصة خلال محاولته جلب الماء لأسرته، كيف حمَله الجيران إلى البيت واستدعوا شخصاً له خبرة شعبية في علاج الكسور، استخدم فيها الأخشاب وقطع القماش، لكن الرصاصة ما زالت عالقة في رجله، ولا أحد يعرف كيف أو متى يمكن إزالتها.

في حي آخر من الفاشر، أصيب زوج هناء حماد بقذيفة سقطت على منزله، لم تجد الزوجة سوى ملح الطعام لتطهير الجرح، حاولت مع جيرانها إيقاف النزيف، لكن في الصباح التالي، لفظ زوجها أنفاسه، تقول هناء بصوت مختنق: "لم نستطع إنقاذه.. لم يكن لدينا شيء".

أطفال في الجحيم ومناشدات عاجلة

قُتل أكثر من 400 شخص خلال الأسابيع الماضية في هجمات على مدينة الفاشر ومخيّمات النازحين المحيطة، حسب الأمم المتحدة، وتُحذّر منظمة اليونيسف من أن 825 ألف طفل يعيشون الآن في "جحيم حقيقي"، مع تصاعد الخطر من عملية عسكرية واسعة النطاق قد تشنّها قوات الدعم السريع.

ناشد محمد، أحد الجرحى الطريحي الفراش، المجتمع الدولي للتدخل العاجل، قائلاً: "الناس تموت كل يوم"، وفي السياق، دعت منظمة "أطباء بلا حدود" إلى تنفيذ عمليات جوية عاجلة لإيصال الإمدادات إلى مليون شخص محاصرين، وقال رئيس بعثتها راسماني كابوري: "رغم إغلاق الطرق، لا بد من التحرك".

اندلعت الحرب في السودان في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بعد تصاعد الخلافات بين الطرفين حول عملية دمج القوات، ومنذ اندلاعها، خلفت الحرب آلاف القتلى وملايين النازحين، ودمّرت البنية التحتية في عدد من المدن الكبرى، وعلى رأسها مناطق إقليم دارفور، مدينة الفاشر، آخر مدن دارفور التي لم تسقط بالكامل، تعيش اليوم على وقع الحصار والقصف والمجاعة، في ظل غياب أي تدخل دولي فعّال لوقف الكارثة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية