100 يوم على حكم ترامب.. «كابوس» يواجه حقوق المهاجرين واللاجئين
100 يوم على حكم ترامب.. «كابوس» يواجه حقوق المهاجرين واللاجئين
على مدار نحو 100 يوم، حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذ وعوده بحق المهاجرين واللاجئين ببلاده، سواء بإصدار أوامر تنفيذية أو استدعاء قوانين قديمة أو التلويح بترحيل حاصلين على الجنسية الأمريكية بناءً على مواقفهم السياسية، في مواقف وُصفت من مراقبين بأنها غير مسبوقة.
وفي أحاديث مع "جسور بوست"، يرى عضو بالحزب الجمهوري الحاكم وأستاذ في العلوم السياسية، أن ترامب سينفذ وعوده الانتخابية، داعياً للتريث في الحكم على خطط ترامب، سواء بترحيل المهاجرين غير الشرعيين أو الطلاب.
يرى خبيران بالقانون الدولي وشؤون الهجرة واللاجئين ترامب قد اتخذ إجراءات تضر بمصالح واشنطن تحت دعوى أمريكا أولاً، مؤكدين أن أمريكا تعيش في "كابوس مفزع" وتتراجع للوراء بشدة بعد الـ100 يوم الأولى من حكم الرئيس الأمريكي.
إجراءات صادمة
وفي 8 أبريل الجاري قضت المحكمة العليا الأمريكية بالسماح لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمواصلة استخدام قانون "الأعداء الأجانب" الصادر عام 1798 والذي يُستخدم فقط بأوقات الحروب، ولغت المحكمة حكمًا سابقًا أصدره القاضي الفيدرالي الديمقراطي جيمس بواسبيرغ، إذ كان قد أمر بوقف ترحيل 261 مهاجرًا غير شرعي كانوا على متن طائرتين متجهتين إلى السلفادور، وهو ما عده اتحاد الحريات المدنية الأمريكي في دعوى قضائية، انتهاكًا لحقوق المهاجرين في محاكمة عادلة.
وكان ترامب قد استعان -في منتصف مارس الماضي- بقانون "الأعداء الأجانب" لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، مانحاً نفسه صلاحيات واسعة بموجب قانونٍ يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر، ولا يُستخدم إلا في أوقات الحروب لترحيل مهاجرين غير شرعيين.
وسبق أن وقع ترامب أوامر تنفيذية، لبدء حملة لترحيل الأجانب، بمن فيهم أولئك الذين قد تكون لديهم "مواقف عدائية" تجاه المواطنين الأمريكيين، أو الثقافة أو الحكومة أو المؤسسات أو المبادئ الأمريكية، بخلاف أمر تنفيذي ينهي حق الحصول على الجنسية الأمريكية بالولادة من مهاجرين غير قانونيين، وهو حق يضمنه الدستور، وأكدته المحكمة العليا منذ أكثر من 125 عامًا.
في أحد الأوامر التنفيذية العشرة التي أصدرها الرئيس دونالد ترامب في يوم تنصيبه في 20 يناير الماضي، والمتعلقة بالهجرة، أوضح الرئيس خططًا لإنشاء سجل جديد، يُلزم جميع الأجانب غير المسجلين في الولايات المتحدة بالتسجيل".
وتشير التقديرات الحديثة إلى أن عدد المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة يراوح بين 10.5 مليون و11.7 مليون شخص، وفق تقديرات مركز بيو للأبحاث، لا تشمل الأعداد الكبيرة من المهاجرين الذين يتم توقيفهم وترحيلهم على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، حيث شهدت هذه الأعداد زيادة ملحوظة منذ مارس 2021، لتصل إلى مستويات تاريخية.
وسبق ترامب بقرارات تطوق الهجرة غير النظامية، ووقع في 30 يناير الماضي أمرًا تنفيذيًا يتضمن توجيه وزارتي الدفاع والأمن الداخلي للبدء في إعداد منشأة المهاجرين التي تضم 30 ألف شخص في خليج جوانتانامو".
كما أوقف ترامب عدة برامج تسمح للمهاجرين بالاستقرار بشكل مؤقت في الولايات المتحدة، ومنها برنامج كان يسمح للمهاجرين الذين ينتظرون في المكسيك بتحديد موعد لطلب اللجوء عند معبر حدودي قانوني، بخلاف برنامج آخر يسمح للمواطنين من كوبا وهايتي ونيكاراجوا وفنزويلا خارج الولايات المتحدة بالدخول عن طريق الجو إذا كان لديهم ضامن أمريكي أو شخص يمكن التواصل معه داخل الولايات المتحدة، وبعد الخضوع للتدقيق.
تنفيذ الوعود
قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، وعضو الحزب الجمهوري الأمريكي الدكتور نبيل ميخائيل، في حديث لـ"جسور بوست"، إن ترامب يركز على تحقيق وعوده الانتخابية، وتأكيد فشل الديمقراطيين في حماية الحدود، وأيضًا يركز على تأمين حدود أمريكا الجنوبية مع المكسيك وبالفعل تراجع معدل الهجرة بنسبة كبيرة، لافتًا إلى أن الامر امتد لاحتمال ترحيل طلاب منحازين للقضية الفلسطينية.
ويرى أن هناك قضاءً ينظر في قرارات الترحيل ويرفض بعضها وسنرى قراره، داعيًا للتريث في الحكم على خطط الهجرة واللاجئين لحين اتضاح الصورة أكثر.
وبرأي أستاذ القانون الدولي الفلسطيني الدكتور أمجد شهاب، في حديث لـ"جسور بوست"، فإن ترامب منذ وصوله للسلطة مجددًا يحاول تغيير دفن القانون الدولي وإحياء امبراطوريته الخاصة المبنية على قانون الغابة والبقاء للأقوى وأمريكا أولًا، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي لا يهمه حقوق الإنسان ولا حقوق المهاجرين أو اللاجئين ولا يرى أن للضعيف مكانة يجب النظر إليها.
ويعتقد أن انضمام أصحاب الأراء تجاه القضية الفلسطينية إلى المعرضين لخطر الترحيل القسري، تأكيد جديد على أن ترامب غير مهتم على الإطلاق بحقوق الفلسطينيين العادلة التي ينصفها القانون الدولي الذي كما قلنا لا يعطيه أي اهتمام.
كابوس مفزع
مستعرضًا القرارات وتداعياتها الخطِرة، قال الحقوقي المختص بشؤون اللاجئين، وجدي عبد العزيز، لـ"جسور بوست": "كانت المائة يوم الأولى في ولاية ترامب الثانية بمنزلة الكابوس المفزع بالنسبة للمهاجرين واللاجئين الذين وصلوا للولايات المتحدة قبيل تنصيبه في 20 يناير الماضي".
اتخذ ترامب "أكثر من 21 إجراءً، سعى خلالها إلى تغيير أجزاء من نظام الهجرة الأمريكي، بما في ذلك كيفية معالجة طلبات المهاجرين واللاجئين وترحيلهم من الولايات المتحدة"، وفق عبد العزيز، موضحًا "نُشرت صور لعمليات الترحيل القسري التي تنفذها طائرات شحن عسكرية، كما وعد ترامب بـعمليات ترحيل جماعي واعتقالات، ولا يزال من غير الواضح كيفية تنفيذ خطته كاملة بالفعل".
وتوضح 5 إجراءات مهمة سياسة ترامب بشأن الهجرة خلال فترة رئاسته الحالية، وفق الحقوقي المختص بشؤون اللاجئين، وجدي عبد العزيز، وهي أولاً ترحيل المهاجرين، حيث يُعد ترحيل المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة ووعده بـ"الترحيل الجماعي" حجر الزاوية في سياسة ترامب المتعلقة بالهجرة.
وإحصاءات دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية تشير إلى أن أكثر من 1000 شخص قد تم ترحيلهم أو إعادتهم إلى أوطانهم في اليوم الرابع لإدارة ترامب، بحسب عبد العزيز، لافتًا إلى أنه مع تغييرات ترامب، يُمكن الآن تنفيذ عمليات الترحيل هذه في أي مكان في الولايات المتحدة، وستُطبق على المهاجرين غير المسجلين الذين لا يستطيعون إثبات وجودهم في البلاد لأكثر من عامين.
والإجراء الثاني في خطة ترامب يتمثل -بحسب عبد العزيز- في "تحصين الحدود الأمريكية المكسيكية لمنع دخول المهاجرين"، وينضم له إجراء ثالث بإنهاء برنامج رئيسي في عهد جو بايدن سمح لما يصل إلى 30 ألف مهاجر شهريًا من كوبا وهايتي ونيكاراغوا وفنزويلا بالسفر إلى الولايات المتحدة جوًا لأسباب إنسانية.
ورابع هذه الخطوات التي أثرت في المهاجرين واللاجئين -بحسب عبد العزيز- هو إلغاء مواعيد المهاجرين الحالية فور تولي ترامب منصبه تقريبًا إلغاء تطبيق CBP One للهواتف الذكية، الذي كان بإمكان المهاجرين استخدامه لحجز المواعيد مع ضباط دوريات الحدود الأمريكية والذي أطلقته إدارة بايدن كوسيلة لتنظيم وتبسيط دخول المهاجرين الفارين من الملاحقة القضائية.
ويوضح أن هناك حاليًا نحو 30 ألف شخص عالقين داخل المكسيك منذ إزالة التطبيق- جميعهم لديهم مواعيد مُجدولة تم إلغاؤها الآن، كما يوجد نحو 270 ألف مهاجر على الجانب المكسيكي من الحدود ينتظرون الحصول على مواعيد من خلال هذا التطبيق، وقوبلت هذه الخطوة بقلق بالغ من المهاجرين الذين قطعوا رحلات طويلة إلى الحدود، وانتظروا شهورًا لتأمين تلك المواعيد.
آخر هذه الإجراءات -بحسب الحقوقي وجدي عبد العزيز- هي: "توسيع صلاحيات هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (ICE) وتنفيذ المداهمات للقبض على المهاجرين ممن ليس لديهم أوراق ثبوتية، حيث يُلغي هذا الأمر مبدأً توجيهيًا قائمًا منذ فترة طويلة يحظر مداهمات الهجرة في المناطق التي تُعد "حساسة"، مثل المدارس والمستشفيات والكنائس.
تهديد لأمريكا
ويعتقد عبد العزيز أن تلك الإجراءات "تمثل كابوسًا، لكنها متوقعة من ترامب وإدارته اليمينية الشعبوية التي تغازل مشاعر الأمريكيين الذين يعانون مشكلات اقتصادية متعددة، ويلقون اللوم على المهاجرين واللاجئين باعتبارهم سبب تلك المشكلات".
وشبه تلك القرارات بـ"مثل قررات ترامب بفرض تعريفة جمركية مبالغ فيها على غالبية دول العالم تمثل ضررًا للاقتصاد الأمريكي، إذ تحرمه من توافر الأيدي العاملة الرخيصة التي توفرها ملايين المهاجرين واللاجئين، ولكنها تأتي لتنفيذ وعوده الانتخابية، ولن تحد من الجرائم المنتشرة في الولايات المتحدة الأمريكية".
وأكد وفق الحقوقي المختص بشؤون اللاجئين، وجدي عبد العزيز أنه "لن تمثل هذه السياسة مكسبًا للاقتصاد والمجتمع الأمريكي القائم على الهجرة سوى في ترديد الدعايات الكاذبة المناهضة لقضايا وحقوق المهاجرين واللاجئين في الولايات المتحدة ودول العالم الغربي الذي تتصاعد فيه موجات العنصرية وكراهية الأجانب والمهاجرين واللاجئين".