«فرانس برس»: التغير المناخي يهدد بساتين الزيتون في الطفيلة الأردنية
«فرانس برس»: التغير المناخي يهدد بساتين الزيتون في الطفيلة الأردنية
شكا مزارعون في محافظة الطفيلة بالأردن من تداعيات التغيرات المناخية، وانخفاض معدلات الهطول المطري التي لم تتجاوز في الموسم الماضي 90 ملم، مقارنة بالمعدل السنوي المعتاد البالغ 260 ملم، وأدى ذلك إلى تراجع منسوب ينابيع المياه التي تغذي بساتين الزيتون المعمر، فضلاً عن انتشار الآفات الزراعية وزحف العمران على المساحات الزراعية.
وتعاني بساتين الزيتون الممتدة على أكثر من 35 ألف دونم من خطر التصحر، في ظل اختفاء تدريجي للينابيع المغذية، ما يهدد هذه الثروة الزراعية التي شكلت لقرون جزءًا من هوية الطفيلة.
وطالب مزارعون في تقارير صحفية بضرورة إدراج هذه البساتين ضمن مشاريع زراعية مستدامة تحميها من الجفاف والاندثار وفق صحيفة "الدستور" الأردنية.
من منحدر العيص، تطل الطفيلة على زوارها ببساتين زيتون معمرة، طالما أغنت المدينة بجمالها وخيرها. وتنتشر في الأودية المجاورة ينابيع مياه عذبة، كان عددها يتجاوز 365 ينبوعاً حسب المسوحات الزراعية، إلا أن معظمها قد جف اليوم بفعل التغير المناخي.
شجرة الزيتون رمز الطفيلة
أشار مزارعون إلى أن بعض أشجار الزيتون في الطفيلة تجاوز عمرها الألف عام، حيث يبلغ قطر جذوعها مترين بحسب الدراسات الزراعية، ولا تزال هذه الأشجار المباركة تدر زيتًا عالي الجودة، تغذت عليه لمئات السنين مياه الينابيع الصافية المنبثقة من صخور الأودية.
تحكي بقايا معاصر الزيتون القديمة المنتشرة على ضفاف الأودية تاريخ ارتباط الطفيلة بالزيتون، ووفق المؤرخ والأديب سليمان القوابعة، كان زيت الطفيلة يُنقل قديماً إلى المسجد الإبراهيمي في الخليل لإضاءة قناديله.
وأشار إلى أن اسم الطفيلة ربما اشتُق من الكلمة الرومانية "دي تيفلوس" بمعنى "أم الكروم"، أو من كلمة "الطفل" أي الطين، نسبةً إلى خصوبة تربتها.
خطر التصحر يتفاقم
مع تراجع الأمطار، بدأت بساتين الزيتون والكرمة تعاني من خطر الجفاف، وتفاقمت إصابات الأشجار بالآفات الزراعية مثل سوسة الأغصان وحشرة "البسيلا"، ما أدى إلى تدهور حال الأشجار، وسط مطالبات بصيانة الينابيع واستغلال الفاقد من مياهها قبل اشتداد حرارة الصيف.
أوضح المزارعون أن اختفاء عيون المياه وتذبذب تدفقها أصبح السمة السائدة في المناطق الزراعية، حيث لم يتبقَ سوى حوالي 50 ينبوعاً نشطاً بعد أن كانت الطفيلة تحتضن نحو 365 ينبوعًا حتى أواخر الثمانينيات، ومعظمها بات مجرد نزازات شحيحة بالكاد تروي البساتين المجاورة.
أشارت مصادر وزارة الزراعة إلى إعداد دراسات ميدانية لإنشاء سدود قرب المساقط المائية، بهدف الحفاظ على الثروة الزراعية، خصوصاً بساتين الزيتون المعمر، كما تنفذ مديرية زراعة الطفيلة مشاريع تأهيل وصيانة الينابيع، إلى جانب برامج إرشادية للمزارعين لتحسين الإنتاج وتشجيعهم على التوسع في زراعة الزيتون.
تغير المناخ يهدد الإنتاج
أكد مدير مديرية الزراعة المهندس طارق العبيدين أن بساتين الزيتون تأثرت بعوامل طبيعية عدة، منها تراجع انتظام الأمطار، وانتشار الآفات الزراعية، وجفاف مصادر المياه، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في إنتاجية الزيتون، رغم الجدوى الاقتصادية الجيدة لهذه الزراعة الحيوية.
يُعد الأردن من أكثر الدول تأثرًا بشحّ الموارد المائية، إذ يصنَّف ضمن أفقر ثلاث دول مائيًا على مستوى العالم، وتفاقمت أزمة الجفاف خلال العقود الماضية نتيجة التغيرات المناخية التي أدت إلى تراجع معدلات الأمطار وعدم انتظام توزيعها الزمني والمكاني.
وتشير الدراسات المناخية إلى أن المملكة تشهد ارتفاعًا تدريجيًا في درجات الحرارة مقابل انخفاض متواصل في معدلات الهطل المطري، ما يزيد من حدة التصحر وتراجع الغطاء النباتي، ويهدد الأمن الغذائي والمائي للبلاد.
وتُضاعف الأزمات المناخية من التحديات التي تواجه القطاعات الزراعية، خاصة في المناطق الجنوبية مثل الطفيلة والكرك ومعان، حيث تضررت مساحات واسعة من بساتين الزيتون والكرمة والحمضيات نتيجة الجفاف واختفاء ينابيع المياه الطبيعية.
ورغم تنفيذ الحكومة الأردنية عدة برامج للتحسين الزراعي وإقامة السدود والحصاد المائي، فإن تفاقم آثار التغير المناخي يستدعي استراتيجيات طويلة الأمد لتعزيز الأمن المائي وحماية الثروات الزراعية المهددة بالاندثار.