أزمة الكهرباء تهدد حياة الملايين باليمن وتعزز الاعتماد على الطاقة الشمسية

أزمة الكهرباء تهدد حياة الملايين باليمن وتعزز الاعتماد على الطاقة الشمسية
الاعتماد على الطاقة الشمسية في اليمن - أرشيف

تواجه العاصمة المؤقتة عدن ومناطق يمنية أخرى منذ سنوات أزمة كهرباء خانقة تتفاقم يومًا بعد يوم، إذ وصلت الانقطاعات في بعض المناطق، خصوصًا عدن وضواحيها، إلى أكثر من 20 ساعة يوميًا في فبراير 2025، وفق تقارير محلية. 

وتعاني الأسر اليمنية، خاصة في الأحياء الفقيرة، من ظروف معيشية صعبة بسبب غياب الكهرباء، الأمر الذي أدى إلى تعطل إمدادات المياه المعتمدة على المضخات الكهربائية، وانهيار خدمات الصرف الصحي، وفق موقع “روسيا اليوم”.

وكشف تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في يناير الماضي أن أزمة الكهرباء في اليمن تعود إلى ما قبل اندلاع الصراع الحالي بنحو عقد، حيث عانى البلد أساسًا من نقص في البنية التحتية للطاقة. 

ومنذ تصاعد الحرب، ازداد الاعتماد على الوسائل التقليدية لتوليد الطاقة كالديزل، الذي ارتفعت أسعاره بشكل كبير، مما جعل الكهرباء سلعة بعيدة عن متناول معظم السكان. 

وتشير التقديرات الأممية إلى أن أكثر من 90% من اليمنيين لم يتمكنوا خلال سنوات الحرب من الحصول على كهرباء عمومية بشكل منتظم.

تأثيرات على الصحة والتعليم

تسببت أزمة الكهرباء في تقويض عمل المستشفيات والمراكز الصحية التي تعتمد على الطاقة في تشغيل المعدات الطبية، كما عانت المدارس من بيئة تعليمية غير مواتية نتيجة انعدام الإضاءة والتبريد وتشغيل أجهزة الحواسيب. 

وأشارت تقارير إلى أن نصف المرافق الصحية في اليمن كانت خارج الخدمة بحلول عام 2020 بسبب انقطاع الكهرباء، الأمر الذي فاقم من تدهور الأوضاع الصحية في البلاد.

سارعت منظمات دولية وإقليمية إلى التدخل عبر مشاريع للطاقة الشمسية، كان أبرزها مبادرة برنامج الصمود الريفي 3، بتمويل من الاتحاد الأوروبي وحكومة السويد، وبتنفيذ من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. 

ونجح المشروع في تزويد 164 مرفقًا عامًا، بينها مدارس ومراكز صحية ومكاتب إدارية، بمنظومات شمسية خارج الشبكة الوطنية منذ 2023، استفاد منها نحو 200 ألف مواطن، بينهم أكثر من 16 ألف امرأة.

وزود البرنامج 92 مدرسة في أنحاء اليمن بالطاقة الشمسية، ما ساعد في تحسين جودة التعليم من خلال توفير الإضاءة والطاقة لتشغيل الوسائل التعليمية، منها مدرسة "كود عطيرة" في لحج، التي تحسنت بنيتها التحتية بفضل تمويل مشترك مع برنامج الأغذية العالمي.

دعم إماراتي للطاقة المتجددة

إلى جانب الدعم الأوروبي، قدّمت دولة الإمارات مساهمات كبيرة في قطاع الطاقة المتجددة في اليمن، ففي أبريل 2025، أعلنت السلطات تسلم معدات لمحطة طاقة شمسية جديدة في مدينة حيس بمحافظة الحديدة، بقدرة 10 ميغاواط، لتصبح سادس محطة تشيدها الإمارات في اليمن. 

وشملت المحطات السابقة الخوخة وعدن (بقدرة 120 ميغاواط) والمخا (15 و40 ميغاواط) وشبوة (53 ميغاواط).

وأبرزت منصة "الطاقة" المتخصصة أن محطة البريقة في عدن، التي دشّنت في يوليو 2024 بتمويل إماراتي، تعد أكبر محطة طاقة شمسية في اليمن، ووفّرت دعمًا كبيرًا لتغطية النقص الحاد في الكهرباء.

أرقام صادمة قبل الحرب

أشار مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية إلى أن القدرة المركبة للطاقة قبل الحرب لم تتجاوز 1.5 غيغاواط، وكانت فاعلية التشغيل لا تتعدى 67%، بسبب تقادم البنية التحتية. 

وكان متوسط استهلاك الفرد السنوي 255 كيلوواط/ساعة فقط، مقارنة بمتوسط إقليمي يزيد على 2900 كيلوواط.. وفي 2014، بلغت نسبة الوصول للكهرباء نحو 40% فقط، مع تباين كبير بين المناطق الحضرية (85%) والريفية (23%).

وانهارت الشبكة الوطنية نتيجة الحرب، وتعمل بعض المحطات فقط لتغطية الطلب المحلي في ظل غياب التنسيق المركزي.

 وتؤكد التقديرات أن نحو 32% من الطاقة المتاحة فقط تعمل حاليًا (309 ميغاواط من أصل 960). 

أنظمة الطاقة الشمسية

ونتيجة لذلك، انتشرت أنظمة الطاقة الشمسية بشكل واسع، وبدأ نحو 75% من السكان باستخدام الألواح الشمسية كمصدر أساسي للطاقة منذ ديسمبر 2019، في ظل صعوبة الحصول على الكهرباء الحكومية أو شرائها من مزودي الخدمة الخاصين بسبب كلفتها المرتفعة.

وتعكس هذه الأزمة المستمرة حجم التحديات التي يواجهها اليمن في ظل الحرب، وتبرز أهمية التحول نحو الطاقة المتجددة كخيار حتمي ومستدام. 

وفي الوقت الذي تعجز فيه الحكومة عن إعادة بناء الشبكة الوطنية، تبقى الجهود الدولية والإقليمية نقطة الضوء الوحيدة في نفق مظلم يتقاطع فيه غياب البنية التحتية مع تفاقم الأوضاع الإنسانية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية