"الغذاء العالمي": ملايين اليمنيين يواجهون خطر الجوع مع تراجع التمويل الإنساني
"الغذاء العالمي": ملايين اليمنيين يواجهون خطر الجوع مع تراجع التمويل الإنساني
كشف برنامج الغذاء العالمي أن أكثر من نصف الأسر اليمنية عجزت عن تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية خلال شهر مارس الماضي، محذراً من تدهور الوضع الإنساني على نحو خطِر وسط اشتداد الصراع وغياب التمويل الكافي.
وأشار البرنامج في تحديثه الأخير، الجمعة، حول الأمن الغذائي إلى أن "الحرمان الغذائي" شهد ارتفاعاً حاداً مقارنة بالعام الماضي، ما يؤكد استمرار انزلاق ملايين اليمنيين نحو مستويات أكثر حدة من انعدام الأمن الغذائي، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
ورصد التقرير تحسناً موسمياً طفيفاً في الوضع الغذائي خلال شهر رمضان، مدفوعاً جزئياً بدفع رواتب جزئية لبعض الموظفين، إلا أن هذا التحسن كان أقل بكثير من مستويات التحسن التي سُجلت في رمضانات سابقة.
وعزا البرنامج هذا التراجع إلى عوامل متعددة أبرزها التدهور الاقتصادي المزمن، والنقص الكبير في تمويل المساعدات الإنسانية، إلى جانب محدودية سبل كسب العيش، وتأثيرات الجفاف التي تضرب القطاع الزراعي، وتعطل الإنتاج المحلي في اليمن.
صراع متصاعد
لفت التقرير إلى أن تصاعد أعمال العنف والغارات الجوية الأمريكية، إلى جانب العقوبات المرتبطة بما يُعرف بـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، أسهم في مفاقمة معاناة السكان، وعرقلة إيصال الدعم الإنساني إلى المناطق المتأثرة.
وأكد برنامج الغذاء العالمي أن هذه العوامل المترابطة تزيد من هشاشة الأسر، وتدفع النازحين خصوصاً إلى اتباع استراتيجيات بقاء قاسية، تشمل تقليص عدد الوجبات اليومية واللجوء إلى التسول لتوفير الحد الأدنى من الغذاء.
وسجلت مناطق سيطرة الحكومة اليمنية تراجعاً إضافياً في سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، تزامناً مع ارتفاع قياسي في أسعار الوقود، ما ساهم في تضخم أسعار المواد الغذائية بشكل مباشر.
وبلغت تكلفة سلة الغذاء الأساسية في هذه المناطق ذروتها في مارس الماضي، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 28% مقارنة بالشهر نفسه من العام 2024.
وفي المقابل، بقيت أسعار المواد الغذائية في مناطق سيطرة سلطات صنعاء أكثر استقراراً نسبياً، إلا أن ضعف القدرة الشرائية للسكان أبقى حركة الأسواق في حالة جمود شبه كامل.
سوء تغذية يهدد الأطفال والنساء
أكد البرنامج أن نحو نصف الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية، في حين يواجه 3.5 مليون طفل وامرأة خطر سوء التغذية الحاد في ظل محدودية الخدمات الصحية والوقائية.
ويحذر التقرير من أن استمرار نقص التمويل سيؤدي إلى مزيد من التدهور في مؤشرات التغذية، خصوصاً في المناطق التي تعتمد بشكل كلي على المساعدات الغذائية الدولية.
وكشف برنامج الغذاء العالمي أن خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2025 لم تُمول سوى بنسبة 8% حتى الآن، ما يهدد بتقليص حجم التدخلات الإغاثية العاجلة التي يحتاج إليها الملايين.
ودعا البرنامج المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لضمان تمويل كافٍ يسمح بمواصلة تقديم المساعدات الغذائية الأساسية، وتحسين فرص النجاة للفئات الأشد ضعفاً.
يعيش اليمن منذ 2015 واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، نتيجة صراع مسلح متواصل بين الحكومة المدعومة من التحالف العربي وجماعة الحوثي المدعومة من إيران، وأدى الصراع إلى مقتل الآلاف ونزوح الملايين، وانهيار البنى التحتية، فيما يعتمد أكثر من 21 مليون يمني على شكل من أشكال المساعدات الإنسانية للبقاء.