بالقانون والواقع.. كيف أجهضت الإمارات محاولات السودان تسييس أزمته الداخلية وتدويلها؟
بالقانون والواقع.. كيف أجهضت الإمارات محاولات السودان تسييس أزمته الداخلية وتدويلها؟
رفضت محكمة العدل الدولية، النظر في الدعوى التي رفعتها السلطات السودانية ضد دولة الإمارات، بعدما قضت بعدم الاختصاص في هذه القضية، التي زعمت فيها السودان تقديم أبو ظبي دعم عسكري لقوات الدعم السريع في النزاع المحتدم بدارفور.
وجاء الحكم بعد مداولات علنية، الاثنين الماضي، صوّت فيها 14 قاضياً لمصلحة القرار، ما عكس قناعة غالبية أعضاء المحكمة بعدم توفر الصلاحية القانونية لبحث مضمون الاتهامات الموجهة.
وقدّمت الإمارات دفوعها القانونية مستندة إلى مبدأ الاختصاص القضائي، حيث أكدت أن المعاهدة التي استندت إليها الخرطوم، وهي "اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948"، لا تمنح المحكمة ولاية تلقائية لبحث القضية دون موافقة مسبقة من الطرفين.
ونجحت أبو ظبي عبر هذه المقاربة القانونية في تعطيل القضية قبل الدخول في تفاصيلها، ما عُدّ انتصاراً استراتيجياً مدروساً استبق جلسات المرافعة حول الموضوع.
وعزّزت أبو ظبي دفاعها القانوني بخطة دبلوماسية هادئة ومنسقة، اتسمت بالصمت الإعلامي، وابتعدت عن السجال العلني رغم الاتهامات المتكررة.
وأكدت ريم كتيت، نائب مساعد وزير الخارجية الإماراتي وممثلة الدولة في القضية، أن الحكم جاء ليضع حداً لمحاولة "استغلال المحكمة كمنصة لنشر معلومات مضللة"، مضيفة أن الدعوى كانت تفتقر للأساس القانوني والوقائعي.
وحمّلت الإمارات القوات المسلحة السودانية مسؤولية محاولات تضليل الرأي العام، وتوجيه الاتهامات دون إثباتات، في وقت تتخبط فيه البلاد في أسوأ أزمة إنسانية في تاريخها الحديث.
ولفتت إلى أن الخرطوم حاولت تدويل الصراع وتصدير أزماتها من خلال المؤسسات القضائية، بدل العمل على وقف النزيف الداخلي.
تدهور الوضع الإنساني
تفاقمت الأزمة في السودان منذ اندلاع الحرب الأهلية بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، ما أسفر عن مقتل آلاف المدنيين، وتشريد نحو 13.6 مليون سوداني داخل البلاد وخارجها، وفق بيانات الأمم المتحدة.
ووصفت منظمة OCHA هذه الأزمة بأنها "الأكبر من نوعها في العالم حالياً"، بسبب الانهيار الشامل لمؤسسات الدولة، وفقدان السيطرة على العاصمة الخرطوم وأقاليم استراتيجية أخرى.
وزعمت السلطات السودانية اتهام دولة الإمارات بتزويد الدعم السريع بأسلحة ومعدات، مستندة إلى تقارير اعتبرها مراقبون ودبلوماسيون في الأمم المتحدة "غير مكتملة وغير موثقة".
ورغم محاولة الخرطوم تثبيت هذه الاتهامات عبر المحافل القضائية، لم تتمكن من تقديم أدلة ملموسة تثبت مزاعمها، وهو ما دفع المحكمة لتجاهل مضمون الشكوى بالكامل.
وبالرغم من ذلك، تابعت الإمارات تقديم مساعدات إنسانية ضخمة للشعب السوداني، بعيداً عن ضوضاء الاتهامات، وأرسلت أكثر من 80 طائرة شحن إغاثية، وأقامت مستشفى ميدانياً في بورتسودان، وقدّمت دعماً مالياً وإنسانياً تجاوز 125 مليون دولار حتى مايو 2025، بحسب هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، كما استقبلت عشرات الآلاف من اللاجئين السودانيين على أراضيها وقدّمت لهم الرعاية الصحية والتعليم.
نفي التدخل العسكري
أحبطت السلطات الإماراتية، في مارس 2025، شحنة أسلحة قيل إنها كانت متجهة للجيش السوداني، ما عدته دليلاً على حيادها الكامل، مؤكدة في بيان رسمي أنها "لا تتدخل عسكرياً في الشؤون الداخلية للدول، وأن وجودها في السودان هو إنساني بحت".
ورفضت الإمارات الدخول في دوامة الصراعات الإقليمية، ورأت أن الحلول السياسية والإنسانية هي الأجدى. وسعت إلى تهدئة الأزمات في عدة ملفات إفريقية، منها إثيوبيا واليمن، عبر وساطات دبلوماسية، وقنوات حوار مع المجتمعات المحلية والحكومات، ما عزّز صورتها كوسيط نزيه وفاعل في المشهد الإقليمي والدولي.
وأشاد خبراء القانون الدولي بما وصفوه بـ"الاحتراف القانوني" للإمارات، وأكد البروفيسور محمد العمري، أستاذ القانون الدولي في جامعة باريس، أن قرار المحكمة يمثل "رفضاً لتحويل ساحات القضاء إلى منابر سياسية"، مشيراً إلى أن الإمارات قدمت "نموذجاً يُحتذى في كيفية إدارة الملفات الدولية المعقدة بحكمة قانونية".
وأنهى قرار المحكمة حملة التشهير السياسية ضد الإمارات، وأكد صلابة موقفها في التعامل مع القضايا الدولية بمرونة قانونية وانضباط دبلوماسي، وبذلك، نجحت أبو ظبي في تحصين نفسها قانونياً، وأعادت ضبط البوصلة في اتجاه العمل الإنساني والدبلوماسي، مبتعدة عن لغة الاتهام ومصطلحات التصعيد.
الدعوى تسقط قانونياً
قال خبير القانون الدولي والأكاديمي البارز الدكتور مصطفى سعداوي، إن الدعوى التي تقدم بها السودان ضد دولة الإمارات أمام محكمة العدل الدولية تفتقر إلى الأسس القانونية الموضوعية والشكلية، مؤكداً أن المحكمة، وفقاً لنظامها الأساسي، لا تملك النظر في القضايا إلا إذا توافرت شروط محددة لنشوء الاختصاص، وهو ما لم يتحقق في هذه الدعوى التي افتقرت منذ لحظاتها الأولى إلى المشروعية القانونية.
وأوضح سعداوي في تصريحات لـ"جسور بوست"، أن المادة 40 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية قد حددت بوضوح طرق مباشرة الدعاوى، إما من خلال اتفاق خاص بين الطرفين، أو بطلب كتابي يُرفع مباشرة إلى مسجل المحكمة، مشيراً إلى أن مجرد تقديم الطلب لا ينعقد به اختصاص المحكمة، ما لم يكن هناك خرق فعلي لالتزام دولي أو معاهدة دولية قائمة، وهو الشرط الجوهري الذي لم يستطع السودان إثباته في شكواه ضد دولة الإمارات.
وشدد على أن الإجراءات التي اتبعتها الحكومة السودانية أمام المحكمة كشفت بوضوح عن غياب أي دليل ملموس على خرق دولة الإمارات لاتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، وأن تعديل السودان لمطالبه قبل ساعات من نظر الجلسة يُعد خروجاً عن الأصول القانونية المستقرة، حيث إن المحكمة لا تقبل بإجراء أي تعديلات على الطلبات المقدمة بعد تسجيلها، حسب ما تنص عليه المادة 36 من النظام الأساسي للمحكمة.
وبيّن سعداوي أن السودان، الذي يعيش أزمة داخلية خانقة، حاول توظيف القضاء الدولي لإحداث خرق في الموقف الدبلوماسي العربي، وخلق حالة من الضغط على دولة الإمارات التي كانت، وما زالت، من أبرز الداعمين للسودان إنسانياً وتنموياً وسياسياً.
وأضاف أن الإمارات، في الوقت الذي كانت تُتهم فيه زوراً، كانت قد قدّمت تمويلاً ودعماً للمشروعات الحيوية السودانية، وأسهمت في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السودانيين عبر مسارات تفاوضية اعترف بها السودانيون أنفسهم.
وأكد الخبير القانوني أن الإمارات، خلافاً لما زعمه الجانب السوداني، لديها تشريع وطني واضح ينظم مسائل الجرائم الدولية، يتمثل في القانون الاتحادي رقم 12 لسنة 2017 بشأن الجرائم الدولية، والذي يحدد اختصاص المحاكم الإماراتية في النظر في أربع جرائم رئيسية، تشمل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والعدوان. وبناءً على هذا القانون، فإن النظر في الادعاءات المرتبطة بهذه الجرائم، إن صحّت، ينعقد أصلاً للقضاء الإماراتي وليس لمحكمة العدل الدولية.
وأشار سعداوي إلى أن محاولة تعديل السودان لطلبه أمام المحكمة لتضمين تعويضات عن أفعال مزعومة، يُعد مخالفة صريحة للإجراءات، ويؤكد تهافت الادعاء، ويكشف عن تخبط قانوني واضح، يعكس حالة ارتباك سياسي أكثر من كونه تحركاً قانونياً نزيهاً.
وختم حديثه، قائلاً: "إن المشكلة سودانية – سودانية بامتياز، ولا يجوز تصدير الأزمة للخارج، وعلى الأشقاء في السودان أن يسألوا أنفسهم بصدق: من الذي دمّر مؤسسات الدولة؟ ومن الذي عطل التوافق؟ ومن الذي شرّع باب التدخلات الخارجية؟ لا يصح أن نحاول تغطية ثقوب منازلنا بثقب في جدار الجار".
ادعاءات بلا أدلة
من جانبه، أكد اللواء فؤاد علام، الخبير الأمني المتخصص في قضايا مكافحة الإرهاب، أن الاتهامات التي طالت بعض الدول العربية، وعلى رأسها دولة الإمارات، بشأن مزاعم تدخلها في النزاع السوداني هي ادعاءات لا تستند إلى أدلة موضوعية، ووصفها بأنها “عارية تمامًا عن الصحة”، فالإمارات ليست من الدول التي تسعى لإذكاء الفتن أو التدخل لزعزعة استقرار أي دولة عربية، بل هي من أوائل الدول التي تسهم في جهود الإغاثة والدعم الإنساني وقت الأزمات، وهو ما أثبتته مرارًا في عدة ساحات عربية".
وتابع اللواء علام في تصريحات لـ"جسور بوست"، الاتهام الموجه للإمارات لا يخدم سوى من يسعى إلى تشتيت الانتباه عن جذور الأزمة السودانية وتعقيداتها الداخلية، مؤكداً أنه "من غير المنطقي أن تسعى أي دولة عربية، وخصوصًا الإمارات، إلى إسقاط الحكومة السودانية أو دعم طرف على حساب آخر، فمثل هذه المواقف تتنافى مع المبادئ التي تجمع الدول العربية في رؤيتها للأمن القومي المشترك، خاصة عندما يكون الأمر متعلقًا بدولة مجاورة ومحورية كالخرطوم".
وأشار إلى أن الأزمة في السودان تجاوزت النطاق المحلي وأصبحت ذات بعد إقليمي ينذر بتداعيات خطِرة، ليس فقط على السودان، بل على دول الجوار، وخصوصًا مصر التي تربطها بالسودان علاقات جغرافية وتاريخية وأمنية لا تنفصم.
وأكد أن استمرار الصراع في السودان يفتح الباب أمام أطراف إقليمية ودولية قد لا يكون لها مصلحة في استقرار المنطقة، ما يجعل من الضروري أن يكون هناك موقف عربي موحد وفاعل، قائلاً: "أتمنى أن تتم الدعوة إلى اجتماع عاجل لجامعة الدول العربية، لمناقشة تطورات الأزمة واتخاذ خطوات جماعية سريعة وواضحة".
وأضاف: "لا أعلم سبب التراخي في تبني موقف عربي حاسم تجاه ما يحدث في السودان، فالوضع لم يعد يحتمل الانتظار أو التردد. حتى لو تطلب الأمر قرارات استثنائية أو إجراءات غير تقليدية، فالأمن العربي المشترك لا يحتمل المساومات".
انتصار قانوني للإمارات
رحب الدكتور عبدالله الذوادي، النائب البرلماني البحريني السابق والمستشار في الشأن الجيوسياسي الخليجي، بقرار محكمة العدل الدولية القاضي بشطب الدعوى المقدمة من القوات المسلحة السودانية ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، لعدم الاختصاص، مشدداً على أن هذا القرار يُعد انتصاراً واضحاً للقانون الدولي، وتجسيداً فعلياً لنجاعة الدبلوماسية الإماراتية، التي أثبتت مرة أخرى أنها تتعامل مع التحديات والمزاعم بحكمة، وضمن الأطر القانونية والمؤسسية، بعيدًا عن الانفعال أو التصعيد غير المسؤول.
وأشار الذوادي، في تصريحات لـ"جسور بوست"، إلى أن ما حدث يُجسد نضجاً قانونياً ودبلوماسياً كبيراً من جانب الإمارات، التي لم تستدرج إلى الرد الإعلامي أو السياسي الحاد، بل اتخذت موقفاً هادئاً ومسؤولاً، يعكس التزامها العميق بمبادئ القانون الدولي واحترامها لهيئات القضاء العالمية، وهذا السلوك المتزن عرّى الطابع الانفعالي وغير المؤسس للدعوى السودانية، التي افتقرت إلى الحد الأدنى من الشروط القانونية والاختصاص القضائي، وهو ما دفع المحكمة إلى رفض النظر فيها.
وأضاف أن الدعوى، في جوهرها، لم تكن قانونية بقدر ما كانت محاولة لتوظيف القضاء الدولي كمنبر سياسي في ظل الأزمة الداخلية التي تعصف بالسودان، معتبراً مثل هذه المحاولات تضر بالقضاء الدولي وتضعف ثقة المجتمع الدولي في الأطراف التي تحاول استغلال القانون لأغراض سياسية، وهو ما انعكس سلبًا على صورة السودان الرسمية أمام المؤسسات الدولية. وأكد أن رفض الدعوى لا يُعَدّ رفضاً للعدالة، بل هو تأكيد على أن المحاكم الدولية لا تقبل الانجرار وراء قضايا تُستخدم كأوراق ضغط ظرفية.
وأشار إلى أن الفشل السوداني في تقديم ملف قانوني متكامل يعكس خللاً واضحاً في المؤسسات القانونية والسياسية التي تتخذ قرارات مصيرية باسم الشعب، دون إدراك للمآلات القانونية والدبلوماسية لتلك التحركات، وفي المقابل، عزز القرار من صورة الإمارات كدولة راشدة، تتمتع بثقة القانون الدولي وبمكانة دبلوماسية تُحترم، ما يعزز دورها كفاعل استراتيجي وشريك تنموي في مختلف المحافل الدولية.
وأكد الذوادي، أن هذا الانتصار لا يعني التشفي أو الغلبة، بل هو دعوة لمراجعة المسارات، وتغليب لغة القانون والتفاهم بدل التصعيد والتشهير، خاصة في ظل أوضاع إقليمية متوترة تتطلب من الجميع أن يتعاملوا بمسؤولية تاريخية، تضع الشعوب في قلب الأولويات، لا الحسابات السياسية الضيقة.
واختتم تصريحه، قائلاً إن دولة الإمارات، رغم ما تعرضت له من اتهامات ومواقف غير ودّية، لم تتخلَّ عن دورها الإنساني والتنموي في المنطقة، بل واصلت تقديم العون للجاليات السودانية، وحافظت على خطاب متزن ومسؤول، يعكس أخلاقيات الدولة ومبادئها الثابتة في احترام سيادة الدول ومساعدة الشعوب بعيداً عن التسييس.
لا اختصاص ولا أدلة
من جانبه، قال الخبير القانوني السوداني، طارق كانديك، عضو تجمع المحامين الديمقراطيين، إن النقاش الدائر حول دعوى السودان ضد دولة الإمارات أمام محكمة العدل الدولية يقتضي بدايةً التمييز بين جهتين قضائيتين رئيسيتين كثيراً ما يتم الخلط بينهما في الخطاب العام، وهما محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، فالأولى، أي محكمة العدل، هي الجهاز القضائي الرئيسي التابع للأمم المتحدة، ومهمتها الأساسية تسوية النزاعات القانونية بين الدول حصراً، كما تملك صلاحية إصدار آراء استشارية قانونية غير ملزمة للهيئات الأممية.
وتابع كانديك، في تصريحات لـ"جسور بوست"، أن السودان، حين لجأ إلى محكمة العدل متهماً الإمارات بخرق اتفاقية منع الإبادة الجماعية الصادرة سنة 1948، لم يراعِ نص المادة التاسعة من هذه الاتفاقية، والتي تجيز للدول الأطراف أن تتحفظ على اختصاص المحكمة في النظر في أي نزاع بشأن تطبيق أو تفسير الاتفاقية. وقد استخدمت الإمارات هذا التحفظ القانوني كركيزة في دفوعها أمام المحكمة، وهو ما اعتمدت عليه المحكمة لاحقاً لتقرر عدم اختصاصها، وقضت بشطب القضية.
وختم كانديك تصريحه بالتأكيد على أن القانون الدولي لا يعمل بالادعاءات السياسية أو الحملات الإعلامية، بل يتطلب أدلة دامغة وتعاوناً قانونياً صادقاً، وأن الإمارات في هذه القضية حسمت موقفها وفق القانون، في حين يظل موقف السودان مرهوناً بمدى جديته في التعاطي مع العدالة الدولية دون انتقائية أو ازدواجية.
خطوة غير مدروسة
قال أستاذ الاقتصاد المصري البارز والأكاديمي صلاح الدين فهمي، إن قرار السودان بالتوجه إلى محكمة العدل الدولية وتوجيه الاتهام لدولة الإمارات كان خطوة غير مدروسة على المستوى الدبلوماسي والسياسي، المسألة كانت تتطلب التزام التسلسل الدبلوماسي الطبيعي الذي يبدأ من المؤسسات العربية، وعلى رأسها جامعة الدول العربية، التي كان من المفترض أن تكون هي الجهة التي يتم اللجوء إليها لحل أي نزاع بين الدول العربية.
وأوضح فهمي، في تصريحات لـ"جسور بوست"، أنه في حالات النزاع بين دولتين عربيتين، يكون من الأجدر بالدولة المعنية أن تسعى للتفاهم مع جيرانها من خلال القنوات الرسمية والدبلوماسية، قبل أن تتجه إلى المحاكم الدولية، وأن تجاوز الجامعة العربية بهذه الطريقة يعكس عدم التقدير لآليات التعاون العربي، التي يجب أن تُحترم في مثل هذه الحالات، ولا سيما أن السودان كان بإمكانه استكشاف طرق للوساطة من دول ذات وزن إقليمي كبير مثل مصر والسعودية.
وأضاف أن الإمارات، على المستوى الدولي، تتمتع بثقل سياسي واقتصادي يضعها في مكانة متميزة، وهذا يجعل أي موقف ضدها في المحافل الدولية أمراً صعباً للغاية، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي في معظمه يتعامل مع قضايا النزاع الدولي من خلال موازين القوى والظروف المحيطة، وهو ما يعنى أنه من غير المرجح أن يشهد السودان دعماً دولياً مؤثراً ضد الإمارات.
وأشار فهمي إلى أن اتخاذ القرار بسرعة، دون استشارة الدول العربية الكبرى أو الجامعة العربية، لم يكن الخيار الأمثل في مثل هذه الحالة، كان من المفترض أن تتوافر بعض التشاورات مع الأطراف المعنية من أجل خلق توازن وإيجاد حلول توافقية تُفضي إلى الفصل في النزاع بطريقة سلمية ومقبولة للطرفين. وأوضح أن الوساطة العربية كانت الحل الأفضل لحل النزاع بين الإمارات والسودان، وهو ما كان يجب أن تركز عليه الدولة السودانية في المرحلة الأولى من الأزمة.
وشدد فهمي، على أن الخطوة السريعة نحو محكمة العدل الدولية بدلاً من السعي للوفاق العربي قد لا تكون قد خدمت المصلحة السودانية، مضيفاً أن الدبلوماسية والحوار هما السبيل الأنسب لتجاوز مثل هذه النزاعات بين الدول الشقيقة.