لجنة برلمانية مغربية تصادق على مشروع قانون المسطرة الجنائية
لجنة برلمانية مغربية تصادق على مشروع قانون المسطرة الجنائية
صادقت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب المغربي، اليوم الأربعاء، بالأغلبية على مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23، الذي قدمه وزير العدل عبد اللطيف وهبي، بعد نقاش طويل استمر لساعات داخل اللجنة البرلمانية.
وحصل المشروع على 18 صوتاً مؤيداً مقابل 7 أصوات معارضة، من دون تسجيل أي امتناع، رغم استمرار الجدل الحاد حول عدة مقتضيات، أبرزها المادة الثالثة، التي تمنع جمعيات المجتمع المدني من تقديم شكاوى في قضايا الفساد والمال العام، وهو ما وصفه عدد من المراقبين والنشطاء الحقوقيين بأنه تراجع خطير عن دور الرقابة المدنية على تدبير الشأن العام.
واقتصر وزير العدل، خلال الجلسة، على تقديم ملاحظات مقتضبة بشأن التعديلات المقترحة من طرف الفرق النيابية، مؤكداً أن الحكومة قررت التمسك بغالبية المقتضيات الأصلية في المشروع، مع قبول جزئي لبعض التعديلات.
وقال وهبي: "حتى أكون واضحاً معكم، فقد أطلنا النقاش داخل الإدارة بشأن هذه التعديلات"، موضحاً أن الأغلبية البرلمانية تقدمت بـ155 تعديلاً تم قبول 43 منها فقط.
رفض تعديلات المعارضة
أظهر توزيع التعديلات المقبولة تفاوتاً كبيراً بين الفرق السياسية، حيث لم تُستجب الحكومة سوى لعدد محدود من المقترحات التي تقدمت بها المعارضة، فعلى سبيل المثال، قدم الفريق الاشتراكي 309 تعديلات، لم يُقبل منها سوى 42، أما الفريق الحركي فقد اقترح 186 تعديلاً، استُجيب لـ28 منها.
وتقدم فريق التقدم والاشتراكية بـ167 تعديلًا، لم يُعتمد منها إلا 11 فقط، بينما قدمت مجموعة العدالة والتنمية النيابية أكبر عدد من التعديلات بلغ 435، لم يُقبل منها سوى 21 تعديلًا، مما يعكس تشبث الحكومة بنسختها الأصلية للمشروع مقابل انفتاح محدود على مقترحات الفرق الأخرى.
أما النواب غير المنتسبين فقد حظوا بتجاوب شبه رمزي، إذ لم تُقبل سوى تعديلات محدودة جداً، حيث تم اعتماد تعديل واحد فقط من أصل 12 تقدمت به النائبة ريم شباط، وتعديلين فقط من أصل 55 قدمتها النائبة فاطمة التامني، وتعديل وحيد من أصل 24 اقترحته النائبة نبيلة منيب، ما يؤكد استمرار ضعف تأثير النواب المستقلين في هندسة التشريعات الكبرى.
مخاوف وانتقادات حقوقية
أثار تمرير المادة الثالثة تحديداً موجة استياء كبيرة في الأوساط الحقوقية والمدنية، حيث اعتُبر منع الجمعيات من التبليغ عن قضايا الفساد بمثابة ضرب لآليات الشفافية والمساءلة، وتضييق خطير على فضاء الحريات العامة.
واعتبر نشطاء أن هذا التوجه التشريعي يُشكّل نكسة لجهود مكافحة الفساد التي ظلت من أولويات المجتمع المدني المغربي لعقود، ويعكس توجهاً نحو تقليص المساحات المتاحة للرقابة المجتمعية، في وقت تشهد فيه البلاد مطالبات متزايدة بإصلاحات سياسية وقضائية أكثر انفتاحاً.
ومن المنتظر أن يُحال مشروع القانون على الجلسة العامة لمجلس النواب، وسط ترقب شديد من الرأي العام ومنظمات حقوق الإنسان التي تسعى لحشد الأصوات داخل البرلمان وخارجه، للضغط من أجل تعديل المقتضيات المثيرة للجدل.
ويُتوقع أن يُشكل هذا المشروع أحد أبرز ملفات النقاش السياسي والحقوقي في البلاد خلال الأسابيع المقبلة، لما له من انعكاسات مباشرة على الحريات العامة ومكافحة الفساد في المغرب.