اليوم الدولي للأسر 2025.. تغيّرات رقمية وديموغرافية تعيد صياغة نواة المجتمع
يحتفل به في 15 مايو من كل عام
يحتفي العالم في الخامس عشر من مايو من كل عام باليوم الدولي للأسر، وهو مناسبة سنوية أقرتها الأمم المتحدة منذ عام 1993 بقرار الجمعية العامة رقم A/RES/47/237 ، ويأتي احتفال هذا العام 2025 في ظل مشهد عالمي يتّسم بتسارع التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، وما تحمله من تحديات مباشرة لبنية الأسرة ووظائفها الأساسية.
ويحتفل العالم يهذه المناسبة لتعزيز الوعي العام وصانعي السياسات بأهمية الأسرة كمكون أساسي في المجتمعات، ولفتح النقاش حول التحديات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية التي تؤثر في استقرارها، وسبل دعمها بسياسات شاملة.
واختارت الأمم المتحدة في 2025 شعار "سياسات موجهة نحو الأسرة من أجل التنمية المستدامة"، تأكيداً على دور الأسرة الحيوي في دعم أهداف التنمية، خاصة في ظل الأزمات المتداخلة التي تواجه العالم.
تركّز المناسبة على الحاجة الماسّة لإعادة تصميم السياسات الاجتماعية بما يعزّز صمود الأسرة وقدرتها على التكيّف مع متغيرات العصر، من الرقمنة إلى تغير المناخ، ومن النزوح القسري إلى التقدّم في العمر.
يأتي ذلك ضمن سياق الاستعداد للقمة العالمية للتنمية الاجتماعية المقرّر عقدها في الدوحة في الفترة من 4 إلى 6 نوفمبر 2025، بعد ثلاثة عقود على قمة كوبنهاغن التاريخية لعام 1995، التي أرست مبادئ العدالة الاجتماعية كعنصر جوهري في التنمية، وذلك بهدف مراجعة الالتزامات الدولية تجاه العدالة الاجتماعية وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية.
تاريخ الاحتفال
بدأت الأمم المتحدة توسيع اهتمامها بقضايا الأسرة منذ أوائل الثمانينات، عندما اعتمد المجلس الاقتصادي والاجتماعي القرار رقم 1983/23 بعنوان "دور الأسرة في عملية التنمية"، حثّ هذا القرار الدول الأعضاء على الاعتراف بدور الأسرة وتعزيز وعي الجمهور بأهميتها، وأوصى بصياغة سياسات وطنية تلبّي احتياجاتها المتغيرة.
واصلت الجمعية العامة هذا النهج بإصدار القرار رقم 44/82 عام 1989، الذي أعلن سنة 1994 سنة دولية للأسرة، وقد أسندت الأمم المتحدة مهمة التنسيق إلى لجنة التنمية الاجتماعية التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، بهدف تعزيز التفاهم العالمي بشأن التحديات التي تواجه الأسرة.
تقييم السياسات الأسرية
تدعو فعاليات هذا العام إلى دراسة السياسات التي تستهدف تمكين الأسرة، والتأكد من اندماجها ضمن خطط التنمية الوطنية، مع التركيز على قضايا مثل التوازن بين العمل والحياة، والإدماج الاجتماعي، وحماية حقوق الأطفال وكبار السن، وتخفيف آثار التغيرات المناخية والتكنولوجية.
وقد حثّت الأمم المتحدة الدول على الاستفادة من هذه المناسبة لإجراء تقييم دقيق لسياساتها، بما يسهم في إنجاح القمة الاجتماعية المرتقبة، من خلال تقديم نماذج مجتمعية قائمة على التضامن والعدالة الاجتماعية.
تحديات سكنية وديموغرافية
كشف التقرير الأممي المرتبط بهذه المناسبة عن أرقام مقلقة تعكس واقع الأسر في العالم، حيث أشار إلى أن نحو 2% من سكان العالم يفتقرون إلى مأوى، في حين يعيش 20% في مساكن غير آمنة أو غير مناسبة، وقد تجاوز عدد سكان الأحياء العشوائية في المدن مليار نسمة، ما يمثل نحو 23% من سكان العالم.
أوضح التقرير كذلك أن التغيرات الديموغرافية تمضي بسرعة، إذ من المتوقع أن تبلغ نسبة من هم فوق الـ65 عامًا نحو 12% من سكان العالم بحلول عام 2030، بينما يُتوقّع أن يرتفع متوسط العمر العالمي إلى 77.2 سنة بحلول 2050، مقارنة بـ72.8 سنة في عام 2019.
القمة الاجتماعية المقبلة
مهّدت المناسبة الطريق أمام القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية، التي ستعقد بعد مرور 30 عامًا على قمة كوبنهاغن الأولى عام 1995، وركّزت تلك القمة التاريخية على القضاء على الفقر وتعزيز التماسك الاجتماعي وحماية الفئات الضعيفة.
دعت الأمم المتحدة إلى وضع الأسرة في صلب النقاشات المرتبطة بالتنمية، باعتبارها ركيزة لتعزيز التضامن بين الأجيال، وضمان إدماج الشباب، والاعتراف بأدوار النساء، وتوفير الحماية لكبار السن.
كما شجّعت الأمم المتحدة الحكومات على الاستثمار في سياسات التماسك الأسري، بما يشمل التوسع في برامج الإجازات الأسرية، وتوفير خدمات الحضانة والتعليم المبكر، وتأمين السكن اللائق، وتمكين الآباء من التوفيق بين مسؤوليات العمل والأسرة.
ركّزت توصيات الأمم المتحدة في هذه المناسبة على أهمية إشراك الأسر في مواجهة التغير المناخي، من خلال تعزيز الوعي البيئي داخل المنزل، وتحفيز أنماط الاستهلاك المستدام.
وتدعو المنظمة الأممية إلى تعزيز السياسات العامة التي تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، لا سيما الهدف الأول المتعلق بالقضاء على الفقر، والهدف الثالث المرتبط بالصحة الجيدة والرفاه، والهدف الخامس المتعلق بالمساواة بين الجنسين، والهدف الحادي عشر الذي يدعو إلى مدن ومجتمعات آمنة ومستدامة.
شجّع الخبراء الدول على اتخاذ خطوات ملموسة لمواءمة سياساتها الاجتماعية مع متطلبات الأسرة الحديثة، وتحديث أنظمتها التعليمية والصحية والاقتصادية على هذا الأساس.
مركزية الأسرة في التنمية
أكدت الأمم المتحدة أن الأسرة تمثل البنية التحتية الاجتماعية الأكثر حيوية وقدرة على التأقلم، إذ تؤثر في التنشئة، والرعاية، والنمو الاقتصادي، والاستقرار المجتمعي.
دعت الجهات الأممية إلى النظر للأسرة لا باعتبارها مجرد وحدة سكنية، بل كعنصر فاعل في تحقيق التنمية والعدالة والمرونة في مواجهة الأزمات المعاصرة.