اليوم الدولي للتنوع البيولوجي.. فقدان مليون نوع من الكائنات الحية يهدد استدامة الحياة على الأرض
يحتفل به في 22 مايو من كل عام
يحتفى المجتمع الدولي في 22 مايو 2025 بـاليوم الدولي للتنوع البيولوجي، الذي أقرته الأمم المتحدة ليكون مناسبة سنوية تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي باعتباره حجر الزاوية في استدامة الحياة على كوكب الأرض.
يوافق هذا التاريخ اعتماد نص اتفاقية التنوع البيولوجي خلال قمة الأرض في ريو دي جانيرو عام 1992، وهي المعاهدة الدولية الرائدة التي وضعت أسس التعاون الدولي في مجال حماية البيئة، وتحقيق الاستخدام العادل والمنصف للموارد البيولوجية.
ويطلق الاحتفال هذا العام تحت شعار "الانسجام مع الطبيعة والتنمية المستدامة"، ليعكس الحاجة الملحة إلى إعادة بناء العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وضمان التكامل بين الجهود البيئية والاقتصادية والاجتماعية لضمان مستقبل مزدهر ومستدام.
أزمة فقدان الأنواع
شهد العالم خلال العقود الأخيرة تسارعًا مقلقًا في معدلات فقدان التنوع البيولوجي، بفعل الأنشطة البشرية التي أفرزت تغيرًا مناخيًا حادًا، ودفعت إلى تدمير النظم البيئية، ونشرت التلوث، ووسّعت نطاق استخدام الموارد الطبيعية بطريقة غير مستدامة.
قدّر المنتدى الحكومي الدولي المعني بالتنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية (IPBES) أن ما يقرب من مليون نوع من الكائنات الحية مهددة بالانقراض، بينما طال التغيير الجسيم نحو 75% من النظم البيئية الأرضية و66% من النظم البحرية.
وكشفت تقارير الأمم المتحدة أن التدهور الحاصل في التنوع البيولوجي يُضعف التقدم نحو أكثر من 80% من أهداف التنمية المستدامة، ما يعكس حجم الترابط العميق بين البيئة والتنمية والصحة العامة.
دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في رسالته بهذه المناسبة إلى تحرك عالمي عاجل لمواجهة التهديدات المحدقة بالتنوع البيولوجي، وذكّر بأن لا دولة، مهما بلغت قوتها أو ثراؤها، قادرة على التعامل بمفردها مع التحديات البيئية الراهنة.
حث غوتيريش جميع الحكومات على تنفيذ إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي، الذي اعتمد في ديسمبر 2022، ويتضمن 23 هدفًا لعام 2030 وخمسة أهداف بعيدة المدى لعام 2050.
شدّد الأمين العام على أهمية استعادة 20% من النظم البيئية المتدهورة، والحد بنسبة 50% من دخول الأنواع الغريبة الغازية، وضمان تمويل عادل ومستدام لتحقيق هذه الأهداف، مشيرًا إلى ضرورة تحويل التدفقات المالية بعيدًا عن الأنشطة التي تضر بالطبيعة.
العدالة البيئية
طالب الإطار الدولي الجديد بوضع استراتيجيات وخطط وطنية للتنوع البيولوجي تأخذ في الاعتبار العدالة الاجتماعية، تركّز على تمكين النساء والفتيات، والشعوب الأصلية، والمجتمعات المحلية، واحترام المعارف التقليدية.
أبرز الشعار المعتمد لاحتفال هذا العام الترابط العميق بين الطبيعة والتنمية المستدامة، داعيًا إلى تكامل السياسات البيئية مع برامج التنمية البشرية لضمان توازن شامل في كوكبنا.
من جانبها، أكدت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو أودري أزولاي أن فقدان التنوع البيولوجي لا يُهدد الأنواع فقط، بل يُهدد صحة الإنسان ورفاهيته أيضًا.
وأوضحت أن أكثر من 3 مليارات شخص يعتمدون على المصايد البحرية مصدراً أساسياً للبروتين الحيواني، وأن نحو 80% من سكان المناطق الريفية في البلدان النامية يعتمدون على الطب التقليدي القائم على النباتات، في حين أن أكثر من 80% من الغذاء العالمي مصدره النبات.
حذّرت أزولاي من أن تراجع التنوع البيولوجي يُفاقم من خطر انتشار الأمراض الحيوانية المنشأ، في حين أن الحفاظ على البيئة يُعزز القدرة على التصدي للأوبئة مثل فيروس كورونا المستجد.
الدور الحاسم للمجتمع
حثت الأمم المتحدة الدول والمجتمعات والأفراد على مشاركة أوسع في جهود حماية التنوع البيولوجي، من خلال دعم السياسات البيئية، واعتماد أنماط استهلاك مسؤولة، واستخدام الوسائل الإعلامية والاجتماعية لنشر الوعي بهذه القضايا المصيرية.
وشجّعت المنظمات الدولية على استخدام الشعار الرسمي لليوم باللغات المتعددة، ونشر الرسائل والفيديوهات والمواد التوعوية التي توضح العلاقة الوثيقة بين الطبيعة وحياة الإنسان.
أشارت إلى أن الحلول متاحة، وأن اليونسكو من خلال شبكاتها وبرامجها تمكنت من رصد وتعميم نماذج ملهمة من التغيير الإيجابي في مختلف أنحاء العالم.
نبّهت الأمم المتحدة إلى أن عام 2025 يُعد عامًا محوريًا، إذ لا يتبقى سوى خمس سنوات لتحقيق الأهداف قصيرة المدى لكل من إطار التنوع البيولوجي وأجندة التنمية المستدامة 2030، طالبت بالتسريع في تغيير ممارسات الإنتاج والاستهلاك، وتعزيز الوعي البيئي، والتحوّل نحو اقتصادات خضراء مستدامة تضمن حق الأجيال القادمة في بيئة سليمة.
وأكدت أن العيش في انسجام مع الطبيعة لم يعد خيارًا، بل ضرورة من أجل بقاء البشرية وسلامة كوكب الأرض، ودعت إلى أن يكون هذا اليوم محطة لإعادة الالتزام الجماعي بالبيئة، وبناء عالم أكثر عدالة وتوازنًا.