في اليوم الدولي للتنوع البيولوجي.. مليون نوع من الكائنات الحية معرض لخطر الانقراض
في اليوم الدولي للتنوع البيولوجي.. مليون نوع من الكائنات الحية معرض لخطر الانقراض
في الوقت الذي يتعرض فيه مليون نوع من الكائنات لخطر الانقراض، تلفت جامعة الأمم المتحدة الانتباه إلى "الانقراض المشترك": التفاعل المتسلسل الذي يحدث عندما يؤثر الاختفاء الكامل لأحد الأنواع على نوع آخر.
وقد أصبحت هذه القضية في دائرة الضوء قبل اليوم الدولي للتنوع البيولوجي، الذي يتم الاحتفال به سنويًا في 22 مايو، ويتم تناوله في الطبعة الأخيرة من تقرير مخاطر الكوارث المترابطة الصادر عن جامعة الأمم المتحدة.
ويعتبر التنوع البيولوجي النسيج الحي الذي يشكل كوكب الأرض، فهو الذي يحدد عافية الإنسان في الحاضر كما في المستقبل، وعليه فإن التراجع السريع الذي يصيبه من شأنه أن يشكل خطرا على الطبيعة والبشر على حد سواء.
وحسب ما جاء في التقارير التي صدرت عام 2018 من قبل المنتدى الحكومي الدولي للعلوم والسياسات المعني بالتنوع البيولوجي وخدمات النُّظم الإيكولوجية (IPBES)، فإن العوامل العالمية المسببة لخسارة التنوع البيولوجي تتمثل بالتغير المناخي وانتشار الأنواع الغازية، والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية والتلوث والتوسع الحضري.
ومن أجل الحد من هذا التراجع أو ربما عكس نتائجه فقد بات من الضروري إجراء تغيير على الدور الذي يلعبه الأفراد وممارساتهم وعلاقاتهم مع التنوع البيولوجي، وهناك العديد من الحلول المطروحة لوضع نهاية للتدهور الحاصل على التنوع البيولوجي إذ استطاعت اليونسكو من خلال شبكاتها على مختلف أشكالها وبرامجها وشركائها رصد بذور تغيير ملهمة وإيجابية حول العالم.
وتسعى اليونسكو بمرافقة الدول الأعضاء وشعوبها إلى بذل الجهود الرامية إلى الحد من الخسائر التي تلم بالتنوع البيولوجي من خلال إبداء بوادر الفهم والتقدير لأعمالهم من جهة وحماية واستخدام التنوع البيولوجي على نحو مستدام من جهة أخرى.
لذلك أعلنت الأمم المتحدة 22 مايو اليوم العالمي للتنوع البيولوجي من أجل تقديم فهم أوسع ومعرفة أعمق بالقضايا المتعلقة بالتنوع البيولوجي.
سلحفاة غوفر
ويشير الموقع الرسمي لأخبار الأمم المتحدة، إلى أنه من بين الحيوانات المعرضة للخطر سلحفاة غوفر، وهي واحدة من أقدم الكائنات الحية على هذا الكوكب، وهي تعيش في قلب السهول الساحلية في جنوب الولايات المتحدة.
ولا يمثل انخفاض عددها مشكلة بالنسبة لبقاء السلحفاة كنوع فحسب، حيث تلعب هذه المخلوقات الجذابة أيضًا دورًا حيويًا في الحفاظ على التوازن الدقيق في عالمها الساحلي.
سلاحف غوفر ليست مجرد ساكنة في بيئتها، إنها مهندسة معمارية، وتنحت النظم البيئية، وتوفر ملاذات لأكثر من 350 نوعًا آخر، حيث تعمل أرجلها الأمامية مثل المجارف، وتقوم بحفر الجحور التي يتراوح حجمها من 20 إلى 30 قدمًا (6 إلى 9 أمتار) وعمقها من 6 إلى 8 أقدام (1.8 إلى 2.5 متر).
يلعب كل كائن حي من الحشرات الصغيرة إلى البرمائيات الكبيرة، دورًا حيويًا في شبكة الحياة المعقدة للنظام البيئي التي توفرها هذه الجحور، بالنسبة للبعض، تعتبر جحور سلحفاة غوفر ملاذًا آمنًا للتكاثر ورعاية النسل، بينما بالنسبة للآخرين، توفر فترة راحة من الحيوانات المفترسة والعناصر.
إذا اختفت سلحفاة غوفر، فمن المحتمل أن يكون هناك تأثير الدومينو في جميع أنحاء النظام البيئي.
ضفدع "غوفر"
ومن بين أكثر الكائنات عرضة للخطر ضفدع غوفر الداكن المهدد بالانقراض، وهو يعتمد على جحور السلحفاة من أجل المأوى والبقاء على قيد الحياة، من المرجح أن يؤدي اختفاء السلحفاة إلى تعريض بقاء الضفدع للخطر أيضًا.
دور البشر
وفي تسليط المزيد من الضوء على حالات الانقراض المشترك، قالت جامعة الأمم المتحدة إن الأنشطة البشرية المكثفة، مثل تغير استخدام الأراضي، والاستغلال المفرط، وتغير المناخ، والتلوث، وإدخال الأنواع الغازية، تتسبب في تسارع الانقراض بما لا يقل عن عشرات إلى مئات المرات أسرع من عملية الانقراض الطبيعية.
ففي المائة عام الماضية، على سبيل المثال، فُقد أكثر من 400 نوع من الفقاريات، ولذلك، يتضمن التقرير حالات الانقراض المتسارعة ضمن "نقاط التحول الخطرة" الست المترابطة.
ويتم الوصول إلى مثل هذه النقاط عندما تصبح الأنظمة التي تعتمد عليها البشرية غير قادرة على حماية المخاطر والتوقف عن العمل كما هو متوقع نتيجة للأفعال البشرية في الأساس.
الانقراض يولد الانقراض
تُبنى النظم البيئية على شبكات معقدة من الروابط بين الأنواع المختلفة، كما يشير مثال ضفدع غوفر السلحفاة غامق اللون.
ويمكن أن يؤدي تأثير الدومينو إلى انقراض المزيد من الأنواع، بل وفي نهاية المطاف إلى انهيار النظم البيئية بأكملها.
ومع تعرض ما يقرب من مليون نوع من النباتات والحيوانات للخطر حاليًا، فإن التأثير المضاعف لانقراض نوع واحد يمكن أن يؤثر على عدد لا يحصى من الأنواع الأخرى، مما يعطل الوظائف البيئية الحيوية.
ثعالب البحر
تقدم ثعالب البحر المهددة بالانقراض مثالا آخر على التبعيات المعقدة داخل النظم البيئية، فقد كانت غابات عشب البحر في المحيط الهادئ موطنًا لها، وكانت ذات يوم وفيرة، ولكنها الآن مهددة بالانقراض محليًا بسبب اصطيادها بلا هوادة للحصول على فرائها في الماضي.
تفترس ثعالب البحر قنافذ البحر، مما يوقف النمو غير المقيد لمجموعات قنفذ البحر، وبدون وجود ثعالب الماء، تكثر أعداد هذه الحيوانات، وتتحول غابات عشب البحر الخضراء إلى "مناطق قاحلة قاحلة" مقفرة.
لكن جامعة الأمم المتحدة قالت إن زوال ثعالب البحر سيكون له تأثيرات تمتد إلى ما هو أبعد من اختفاء عشب البحر وحده، حيث يعتمد أكثر من 1000 نوع -بما في ذلك أسماك القرش والسلاحف والفقمات والحيتان والطيور والعديد من الأسماك- على هذه الملاذات تحت الماء من أجل وجودها.
موضوع اليوم الدولي
تتطلب معالجة أزمة التنوع البيولوجي اتباع نهج متعدد الأوجه يعترف بالترابط بين المخاطر والحلول، ويدعو موضوع اليوم الدولي للتنوع البيولوجي الجميع إلى دعم تنفيذ خطة التنوع البيولوجي، المعتمدة في عام 2022، والتي تحدد الأهداف والتدابير الملموسة لوقف وعكس اتجاه فقدان الطبيعة بحلول عام 2050.
وقالت نائبة مدير معهد البيئة والأمن البشري بجامعة الأمم المتحدة والمؤلفة الرئيسية للتقرير، زيتا سيبيسفاري، إن أحد الأهداف يشمل خفض معدل انقراض جميع الأنواع عشرة أضعاف بحلول منتصف القرن وزيادة وفرة الأنواع البرية المحلية إلى مستويات صحية ومرنة.
وأوضحت: "في حين أن استراتيجيات التكيف، مثل استعادة وحماية الممرات الخضراء بين موائل الحيوانات توفر بعض الراحة، فإن معالجة الدوافع الأساسية للانقراض تظل أمرًا بالغ الأهمية، لأن هذا الهدف لا يمكن تحقيقه طالما أننا نخاطر بتسارع الانقراض".
وعلى المدى الطويل، سيكون تجنب الانقراض هو الحل الواقعي الوحيد لوقف فقدان التنوع البيولوجي.
وقالت "سيبيسفاري": "يجب أن تمتد جهود الحفظ إلى ما هو أبعد من الأنواع الفردية لتشمل النظم البيئية بأكملها.. "هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة للحفاظ على مرونة النظم البيئية وضمان بقاء شبكة الحياة المتنوعة على كوكبنا. إن احتضان الطبيعة كجزء لا يتجزأ من ثقافتنا أمر ضروري لتأمين مستقبل مستدام، مع الاعتراف بأن مصيرنا يتشابك حتما مع مصير العالم الطبيعي.