اقتراح بمنع القاصرات من ارتداء الحجاب يثير الجدل في فرنسا
اقتراح بمنع القاصرات من ارتداء الحجاب يثير الجدل في فرنسا
أطلق حزب "النهضة" الحاكم في فرنسا، اليوم الأربعاء، مبادرة تشريعية تهدف إلى حظر ارتداء الحجاب في الأماكن العامة للفتيات المسلمات دون سن الخامسة عشرة، في خطوة مثيرة للجدل تتزامن مع مراجعة الحكومة لتقرير رسمي يتناول ما تصفه بـ"انتشار الإسلام السياسي" داخل البلاد.
واستعرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تقريراً أمنياً مع كبار المسؤولين يشير إلى أن جماعة "الإخوان المسلمين" تمثّل "تهديداً مباشراً لتماسك الدولة"، وفقاً لما نقلته وكالة "فرانس برس"، عن مصادر إعلامية فرنسية.
وجاء في التقرير أن الجماعة تعمل على "تفكيك النسيج الاجتماعي وتقويض المؤسسات الجمهورية"، ما دفع القيادة الفرنسية إلى إعادة النظر في أدواتها التشريعية للحد مما تسميه "التطرف المتغلغل في الحياة العامة".
تفاصيل المقترح المثير
ويقضي المقترح الجديد بمنع أي فتاة دون الخامسة عشرة من ارتداء الحجاب في الأماكن العامة مثل الشوارع والمقاهي والمتاجر والحدائق.
كما ينصّ على تجريم أولياء الأمور الذين يُجبرون بناتهم على ارتداء الحجاب تحت طائلة "الإكراه"، وهو إجراء يرى فيه الحزب الحاكم وسيلة لحماية الطفولة وتعزيز "المساواة بين الجنسين".
ويواجه "حزب النهضة"، الذي أسسه ماكرون ويقوده حالياً رئيس الوزراء السابق غابريال أتال، عقبة سياسية كبرى كونه لا يمتلك الأغلبية في البرلمان، ما يجعله يعتمد على دعم جزئي من أحزاب يمينية تقليدية.
ورغم اتفاق البعض على خطورة بعض مظاهر التطرف، يرى كثيرون أن الحجاب ليس مقياساً له، بل يُعد خياراً شخصياً نابعاً من المعتقدات الدينية، ما يجعل هذا النوع من المقترحات عرضة لاتهامات بالتمييز الديني، خصوصاً ضد المسلمات.
هجوم من اليمين المتطرف
واستغل زعيم حزب "التجمّع الوطني" اليميني المتطرف جوردان بارديلا الفرصة لمهاجمة أتال، متهماً إياه بـ"الازدواجية في المواقف"، حيث نشر تسجيلاً قديماً يعود إلى مناظرة في عام 2022، حذر فيها أتال من اضطهاد النساء المسلمات إذا تولت مارين لوبن الرئاسة.
وتعود لوبن، زعيمة اليمين المتطرف، إلى الواجهة بتذكيرها بمطالب حملتها الرئاسية التي دعت فيها إلى حظر كامل للحجاب في الأماكن العامة.
وتأتي هذه الخطوة بعد سلسلة قوانين فرنسية تمنع ارتداء الرموز الدينية في المباني الحكومية، بما في ذلك المدارس، وتستهدف الحجاب، والعمامة السيخية، والقلنسوة اليهودية، والصليب.
وتعتزم الحكومة حالياً الدفع نحو إقرار قانون جديد يحظر الحجاب في المسابقات الرياضية، مما يثير انتقادات واسعة من منظمات حقوقية تعتبر ذلك امتداداً لسياسات تمييزية ممنهجة ضد النساء المسلمات.
أكبر تجمع للمسلمين في أوروبا
يُذكر أن فرنسا، إلى جانب ألمانيا، تحتضن أكبر عدد من المسلمين بين دول الاتحاد الأوروبي، ويشكل المسلمون نسبة مؤثرة في المجتمع الفرنسي.
ويُنظر إلى هذه الإجراءات الحكومية المتتالية على أنها محاولة لإعادة تشكيل العلاقة بين الدولة والعقيدة الإسلامية، وسط تصاعد في الحساسيات المجتمعية والسياسية منذ الهجمات الإرهابية التي هزت البلاد خلال العقد الماضي.