أوروبا تدافع عن المحكمة العليا لحقوق الإنسان بعد انتقادات لسياساتها بشأن الهجرة
أوروبا تدافع عن المحكمة العليا لحقوق الإنسان بعد انتقادات لسياساتها بشأن الهجرة
سارع مجلس أوروبا إلى الدفاع عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بعد هجوم لاذع شنته إيطاليا وثماني دول أوروبية أخرى على أداء المحكمة، خصوصًا في ما يتعلق بقراراتها بشأن الهجرة غير الشرعية.
وتأتي هذه التطورات في أعقاب رسالة مشتركة نشرتها الدول التسع، اعتبرت فيها أن المحكمة "تجاوزت" أحيانًا نطاق الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، مطالبةً بمراجعة كيفية مواءمة الاتفاقيات الدولية مع التحديات الراهنة، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، السبت.
وجاءت الرسالة التي نُشرت على موقع مكتب رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، موقعة من قادة كل من إيطاليا، والدنمارك، وبولندا، وبلجيكا، والنمسا، وإستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا، وتشيكيا.
وشددت الرسالة على أن تطور تفسير المحكمة لبنود الاتفاقية "يحد أحيانًا من قدرة الدول الديمقراطية على اتخاذ قرارات سياسية"، في إشارة ضمنية إلى اعتراضات تلك الحكومات على تدخل المحكمة في ملفات الهجرة وحقوق الأجانب.
ردود صارمة من ستراسبورغ
وردًا على هذه الانتقادات، دعا الأمين العام لمجلس أوروبا آلان بيرسيه إلى الحفاظ على حياد المحكمة واستقلالها، محذرًا من "تسييس العدالة" واستخدام المحكمة كسلاح سياسي سواء ضد الحكومات أو من قبلها.
وقال بيرسيه، وهو الرئيس السابق لسويسرا، "في دولة القانون، يجب ألا تُخضع العدالة لضغوط سياسية"، مؤكدًا أن "المؤسسات التي تدافع عن الحقوق الأساسية لا يمكن أن تكون رهينة للظروف السياسية المتغيرة".
قرارات مثيرة للجدل
أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في السنوات الأخيرة، قرارات بارزة في قضايا تتعلق بالهجرة، منها منع المملكة المتحدة من ترحيل طالبي لجوء إلى رواندا، ورفض ترحيل مواطن شيشاني من فرنسا إلى روسيا، وهي قرارات أثارت استياء الحكومات المعنية، ودفعت ببعض وزرائها إلى التشكيك في سلطات المحكمة.
وتمثل دعوة الدول التسع الأخيرة تصعيدًا في التوتر بين المحكمة وبعض الحكومات الأوروبية ذات التوجهات المتشددة تجاه الهجرة، خاصة حكومة ميلوني التي تعهدت باتخاذ خطوات صارمة لمواجهة الهجرة غير النظامية.
وكان مشروعها بإنشاء مراكز احتجاز في ألبانيا قد واجه عراقيل قانونية داخل إيطاليا، إذ رفض القضاء المصادقة على احتجاز مهاجرين تم توقيفهم في البحر خارج الأراضي الإيطالية، وأحال الملف إلى محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ.
دفاع عن سيادة القانون
من جهته، وعد ماتياس غويومار، القاضي الفرنسي الذي انتُخب مؤخرًا رئيسًا للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بالدفاع عن "دولة القانون" وعن القيم التي بُنيت عليها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، معتبرًا أن التشكيك في دور المحكمة يمثل تحديًا جوهريًا للنظام القضائي الأوروبي.
وتُعد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تتخذ من ستراسبورغ مقرًا لها، الملاذ الأخير لمواطني 46 دولة أوروبية موقعة على الاتفاقية، في حال فشلهم في الحصول على إنصاف من أنظمتهم القضائية الوطنية.
وتستقبل المحكمة آلاف الطلبات سنويًا، ما يجعلها ركيزة أساسية في الدفاع عن الحقوق والحريات في القارة العجوز.