دراسة تحذر: تغيّر المناخ يزيد تهديد الفطريات القاتلة عالمياً

دراسة تحذر: تغيّر المناخ يزيد تهديد الفطريات القاتلة عالمياً
فطريات- أرشيف

حذّرت دراسة علمية جديدة من أن تغير المناخ وتزايد درجات الحرارة يدفعان فطريات مميتة مثل أسبرغيلوس (Aspergillus) إلى الانتشار في مناطق جديدة حول العالم، ما يعزز مخاطرها على الصحة العامة، خاصة في ظل نقص الاستعدادات الطبية وقلّة العلاجات المتاحة.

وأكد الباحث نورمان فان راين، المتخصص في تغير المناخ والأمراض المعدية بجامعة مانشستر، في تصريحات نشرتها الدراسة، أن الفريق استخدم نماذج حاسوبية وتوقعات مناخية لرسم خريطة الانتشار المستقبلي للفطريات، موضحاً أن هذه الكائنات الدقيقة "ستؤثر على معظم مناطق العالم في المستقبل، رغم أن الفطريات لا تزال مهملة بحثياً مقارنة بالفيروسات والطفيليات"، وفق وكالة "فرانس برس".

وأوضحت الدراسة أن فطريات أسبرغيلوس، التي تُطلق كميات ضخمة من الأبواغ المحمولة جواً، تُستَنشق يومياً من البشر دون أن تظهر أعراض في أغلب الأحيان. 

غير أن الفئات الأكثر عرضة للخطر تشمل المصابين بأمراض تنفسية مزمنة كالتليف الكيسي والربو، أو أصحاب المناعة الضعيفة كمرضى السرطان ومتلقي زراعة الأعضاء.

وحذّر فان راين من أن هذه الفطريات "تنمو داخل الجسم حرفياً إذا عجز الجهاز المناعي عن صدّها، وتُسبب ما يُعرف بداء الرشاشيات، وهو مرض قاتل للرئتين تصل فيه معدلات الوفاة إلى نحو 40%، ويصعب تشخيصه بسبب تشابه أعراضه مع أمراض أخرى شائعة كالحُمى والسعال".

مناطق أكثر اتساعاً

أشارت الدراسة إلى أن نوع Aspergillus flavus، المفضل للمناخات الاستوائية الحارة، قد تزيد رقعة انتشاره بنسبة 16% في حال استمرار انبعاثات الوقود الأحفوري، ليطال مناطق في شمال أميركا وشمال الصين وروسيا. 

ويُعد هذا النوع مقاومًا لعدة أدوية مضادة للفطريات، كما يهاجم المحاصيل الزراعية، ما يجعله تهديداً مزدوجاً للصحة العامة والأمن الغذائي.

أما Aspergillus fumigatus، الذي ينمو في المناخات المعتدلة، فيُتوقع أن ينتشر شمالاً نحو المناطق القطبية بسبب الاحترار العالمي، وقد تزيد مساحة انتشاره بنسبة تصل إلى 77.5% بحلول عام 2100، مما يعرض نحو 9 ملايين شخص في أوروبا للخطر.

مناطق آمنة نسبياً

بيّنت الدراسة أن بعض مناطق إفريقيا جنوب الصحراء قد تصبح حارة أكثر من اللازم لنمو أسبرغيلوس، ما قد يؤدي إلى نتائج غير متوقعة لأن الفطريات تلعب دورًا بيئيًا أساسياً في التربة. 

وفي المقابل، فإن ارتفاع درجات الحرارة قد يجعل الفطريات أكثر قدرة على البقاء داخل أجسام البشر لفترات أطول.

لفت التقرير إلى أن الظواهر المناخية المتطرفة كالجفاف والفيضانات وموجات الحر، تُسهّل انتقال أبواغ الفطريات لمسافات طويلة. وذُكرت حادثة تفشي مرض فطري بعد إعصار جوبلين في ولاية ميزوري الأميركية عام 2011 كمثال حيّ.

تحذير من نقص الأدوية

أبرزت الدراسة خطورة محدودية الخيارات العلاجية، إذ لا توجد سوى أربع فئات رئيسية من الأدوية المضادة للفطريات، ما يزيد من فاعلية الفطريات المقاومة ويقلّص فرص النجاة. 

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أدرجت Aspergillus flavus ضمن قائمتها "الحرجة" للفطريات المُمرِضة في عام 2022.

واختتم جاستن ريمايس، أستاذ علوم الصحة البيئية بجامعة كاليفورنيا- بيركلي، بالقول إن "العوامل الفطرية المُسببة للأمراض باتت أكثر شيوعًا وأكثر مقاومة للعلاج، ولا نزال في بداية فهم التأثير الكامل لتغير المناخ على هذا التهديد الصامت".

وأكد الباحثون أن مواجهة هذا التهديد تتطلب تحركًا عاجلًا لتعزيز الاستعدادات الطبية، وزيادة الأبحاث الموجهة لفهم الفطريات وتطوير علاجات جديدة قبل أن يسبقنا خطرها المتزايد.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية