ترميم مرقد حاخام يهودي في بغداد.. إنقاذ تراث منسي وسط العاصمة

ترميم مرقد حاخام يهودي في بغداد.. إنقاذ تراث منسي وسط العاصمة
ترميم مرقد الحاخام إسحاق جاؤون

وسط زحام الحياة في العاصمة العراقية، تتسارع الخطى لإنقاذ آخر ما تبقى من ملامح الوجود اليهودي في البلاد، ففي حيّ البتاوين، يعمل عمال بصمت على ترميم مرقد الحاخام إسحاق جاؤون، أحد رموز اليهودية في العراق منذ القرن السابع الميلادي، في محاولة لإحياء تراث طاله النسيان لعقود.

واستأنف ممثلون عن الطائفة اليهودية العراقية، بقيادة خالدة إلياهو، رئيسة الطائفة، أعمال الترميم بعد أن ظلّ المرقد مهملًا لسنوات، تحوّل خلالها إلى مكبّ للنفايات وفق فرانس برس.

"لم يكن بإمكاننا إعادة إعماره من دون موافقة السلطات"، تقول إلياهو، مؤكدة أن الكلفة التقديرية للمشروع تبلغ نحو 150 ألف دولار ستتحملها الجالية اليهودية.

قالت إلياهو إن المرقد كان موقعًا يزوره المسلمون أيضًا، مضيفة أن الموقع "ليس تراثًا يهوديًا فقط، بل عراقيًا جامعًا".

وقد أُضيفت إلى مدخله لوحات مرمرية كُتب عليها بالعبرية "تبارك دخولك" و"الله الواحد"، إلى جانب أسماء شخصيات بارزة من تلامذته.

إسحاق جاؤون

رغم محدودية المصادر التاريخية، يرجّح المؤرخ سيمشا غروس من جامعة بنسلفانيا أن إسحاق جاؤون كان رئيسًا لإحدى الأكاديميات الدينية اليهودية في العراق، وله مكانة دينية مرموقة، ويروي نص يعود للقرن العاشر أنه استقبل الإمام علي بن أبي طالب على رأس 90 ألف يهودي، لكن غروس يشكك في صحة الرواية.

ويرى أن هذه "الأسطورة" تعكس نمطًا رائجًا في القرون الوسطى حينما كانت الأقليات تروّج لروايات ترحيبها بالفتوحات الإسلامية للحصول على امتيازات ضريبية ومجتمعية.

حيّ البتاوين

في حيّ البتاوين الذي كان يسكنه الكثير من الطائفة اليهودية، لا يزال كنيس وحيد قائمًا، فيما تنتشر منازل تراثية مهجورة، يقول موسى حياوي، أحد سكان الحي: "كانت النساء المصابات بالعقم يأتين إلى البئر داخل المرقد ويغتسلن فيه، ويُقال إن بعضهن حبلن بعدها".

ويضيف: "كان الناس يشعلون الشموع ويطلبون الشفاء والذرية وإطلاق سراح السجناء".

يُتوقع أن تنتهي أعمال الترميم خلال شهرين، وحتى ذلك الحين، يترقب المهتمون من داخل العراق وخارجه افتتاح الموقع رسميًا ليكون رمزًا لتاريخ مشترك يربط الطوائف، ويذكّر بجذورٍ امتدت عميقًا في تربة الرافدين.

إرث مهدد وعودة بطيئة

ترجع جذور الطائفة اليهودية في العراق إلى أكثر من 2600 عام، وقد بلغت ذروتها قبيل منتصف القرن العشرين، إذ بلغ عددهم نحو 135 ألفًا قبل أن تبدأ موجات الهجرة بعد "الفرهود" عام 1941، والتي قُتل خلالها أكثر من 100 يهودي في بغداد.

مع قيام دولة إسرائيل عام 1948، تسارعت الهجرة الجماعية ليبقى اليوم في العراق عشرات اليهود فقط، معظمهم في إقليم كردستان.

ويقول وزير العدل السابق سالار عبد الستار إن الحكومة استرجعت بعض ممتلكات اليهود ووضعت لوائح لحمايتها، داعيًا من يملكون أملاكًا في الشتات إلى العودة واتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية