طرد الجزائر لمهاجري جنوب الصحراء.. ضرورة أمنية واقتصادية أم تصفية حسابات؟
طرد الجزائر لمهاجري جنوب الصحراء.. ضرورة أمنية واقتصادية أم تصفية حسابات؟
وسط صمت رسمي وإدانات متصاعدة، تتكشف فصول مأساة إنسانية جديدة على حدود الجزائر الجنوبية، حيث طُرد عشرات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، وأُلقوا في قلب الصحراء القاحلة، دون ماء أو طعام، في درجات حرارة مميتة.
ما بدا أنه "ترتيب أمني" أو "ضرورة اقتصادية"، سرعان ما تحوّل إلى قضية رأي عام دولي، مع توالي شهادات صادمة عن العنف والمعاملة القاسية، وتلميحات إلى تواطؤ أوروبي وتمويل خفي، فهل هو إجراء مشروع لحماية السيادة الوطنية؟ أم تصفية حسابات سياسية خلف واجهة الأمن؟ وبين الروايات الرسمية وتقارير المنظمات الحقوقية، يضيع الإنسان وتُدفن القيم.. في هذا التقرير تحاول "جسور بوست" الاقتراب من الحقيقة وسط زوبعة المواقف، والبحث عن إجابات في رمال الصحراء المتحركة.
وتنوعت تفاعلات وقراءات مصادر من الجزائر، وتونس، وليبيا، تحدثت إليهم "جسور بوست"، بشأن هذا الموضوع؛ بين من قال إن "هؤلاء الأفارقة ينعمون بالمعاملة الحسنة من قِبل الجزائريين والتونسيين، لكنهم أصبحوا يشكلون ضغطاً عليهم، وإن طردهم طبيعي نوعاً ما"، ومن أعلن أنه يدين هذه الأفعال والتصرفات في تعامل الدول، سواء كانت الجزائر، أو ليبيا، أو تونس، مع النازحين والمهاجرين غير الشرعيين، لكن مع التأكيد في المقابل أن هؤلاء يمثلون عبئاً أمنيّاً واقتصاديّاً على هذه الدول، والدعوة إلى إنشاء صندوق دولي، لتنمية دولهم الأصلية، والمساهمة في استقرارها الأمني، لإنهاء هذه الإشكالية، بينما هناك من ذهب إلى تفسير هذا الطرد بأنه "رد فعل سياسي للجزائر على توتر علاقتها مع مالي، ودعم النيجر وبوركينا فاسو للأخيرة".
عنف ووفيات
في بيان مشترك، وجهت المنظمة الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للعمال المهاجرين بالمغرب نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي، تنددان فيه بـ"الطرد الجماعي والمنهجي للمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء من طرف السلطات الجزائرية"، إذ كشفتا أن "أزيد من 6000 مهاجر طردوا إلى النيجر خلال شهر أبريل المنصرم، وتم تركهم في الصحراء قرب منطقة أساماكا في ظروف شديدة القسوة؛ دون ماء أو غذاء، وفي درجات حرارة تصل إلى 48 درجة مئوية، وكان بينهم نساء وأطفال أكدت شهادات تعرضهم للعنف، وتسجيل وفيات خلال الطريق".
وبينت المنظمتان أن "سنة 2024 سجلت رقماً قياسيّاً بلغ 31404 أشخاص تم ترحيلهم من الجزائر نحو النيجر، وفق أرقام منظمة Alarme Phone Sahara، وأن عمليات الطرد تتم ضمن استراتيجية منسقة بين الجزائر، وتونس، وليبيا، مدعومة بتمويل أوروبي، ما يجعل الاتحاد الأوروبي شريكاً في هذه الانتهاكات الجسيمة، بينما مراكز الاستقبال في النيجر أصبحت غير قادرة على استيعاب هذا التدفق الهائل، وأن 1900 لاجئ في مدينة أغاديز النيجرية يعيشون أوضاعاً مأساوية، في ظل غياب الغذاء والرعاية الطبية، وتعقيدات إدارية قد تطيل مدة الانتظار إلى سبع سنوات".
ودعت المنظمتان إلى تحرك فوري، لوقف ما اعتبرتاه "كارثة إنسانية، وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وحقوق الإنسان".
ضغط على الجزائريين والتونسيين
تعليقاً على ما ورد في البيان المشترك للمنظمة الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للعمال المهاجرين بالمغرب، وما نشرته وسائل إعلامٍ دوليةٍ بشأن هذا الطرد، قال المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي الجزائري، إسماعيل معراف، إن هؤلاء الأفارقة ينعمون بالمعاملة الحسنة من قِبل الشعبين الجزائري والتونسي، لكنهم أصبحوا يشكلون ضغطاً عليهما، لأنهم يوجدون تقريباً بشكل يومي في الطرق، وفي عدد من الأماكن، وربما أصبحوا يشكلون حتى خطراً على البيئة، وإن الحكومات ليست وحدها من ضاقت بهؤلاء المهاجرين، بل إن الشعوب داخل الجزائر، وتونس، والمغرب، وليبيا، أصبحت قلقة ومتذمرة من وجودهم.
وبيَّن معراف، في تصريحات لـ"جسور بوست"، أن هذا ليس كرهاً وعنصرية، ولكن لأن هؤلاء المهاجرين أصبحوا فعلاً مصدر قلق في الطرق، وأصبحوا يتاجرون، وباتوا سماسرة في الكثير من القطاعات، وغيرها من الأمور الأخرى، ولم يعودوا مجرد لاجئين يبحثون عن المأكل، والملبس، والعيش، وأن مكسبهم اليومي يصل في بعض الأحيان إلى نحو 20 أو 30 يورو أو دولاراً، بحسب معراف، الذي بيَّن أن هذا ربما غير متوفر حتى لطبيب جراح أو متخصص يشتغل نهاراً وليلاً.
طرد طبيعي
رغم وصف معراف للبيان المشترك للمنظمة الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للعمال المهاجرين بالمغرب بـ"المغلوط، وأنه ربما ينطوي على نوايا سياسية مبيتة تجاه الجزائر، وتونس، وليبيا"، فإنه اعتبر، بناءً على هذا الواقع، الذي أوضحه سالفاً، أن هذا الطرد، الذي قامت به السلطات الجزائرية، يصبح نوعاً ما طبيعيّاً، لأن دول شمال إفريقيا، التي ذكرها، باتت -بحسبه- عاجزة تقريباً عن تلبية احتياجات هؤلاء المهاجرين، في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، التي يعيشها العالم، وميزانيات حكوماتها أصبحت لا تستطيع تحمل كل هذا العبء.
وأوضح معراف قائلاً: "أما فكرة أن الطرد يصبح غير شرعيٍّ وغير إنسانيٍّ، فهذا أيضاً فيه صعوبة، ثم هؤلاء المهاجرين يعيشون في أجواء صحراوية قاحلة في بلدانهم، فعمليّاً حتى لو دُفِعُوا إلى مناطق معينة (يقصد الحدود الجزائرية النيجرية)، فسيكونون تقريباً في بيئة غير مختلفة (عن تلك الموجودة في بلدانهم الأصلية)".
معالجة أممية للملف
أبرز معراف أن معالجة مشكلة اللاجئين الأفارقة يجب أن تكون في إطار الأمم المتحدة، من خلال مفوضية شؤون اللاجئين، لا أن تُتْرَكَ هكذا لسياسات تونس، أو الجزائر، أو غيرهما من الدول، التي يوجد فيها هؤلاء النازحون الأفارقة، وأن المشكل بكل موضوعية ليس مشكل النظام في الجزائر أو تونس، بل يتعلق بالأمم المتحدة، وأن مفوضية شؤون اللاجئين لديها الكثير من الإمكانيات المالية، وتستطيع حل هذا المشكل؛ إما بالقيام بتنمية اقتصادية قوية داخل الدول التي تعاني من المشكلات، لا سيما دول الساحل الإفريقي، موضحاً أن هؤلاء المهاجرين هم في النهاية بشر يبحثون عن مأكلٍ، وملبسٍ، وحياة كريمة، بسبب الجوع، والفقر، وغيرها من الأمور الأخرى ذات الصلة، أو أن تُنْشَأَ لهم مناطق خاصة عبارة عن محميات في دول شمال إفريقيا، التي ذكرها، وتعطَى لهم تراخيص للاشتغال فيها في قطاعات معينة.
وأفاد معراف بأن ملف المهاجرين، أو الهجرة غير الشرعية والسرية، كان حوله نقاش داخل الاتحاد الأوروبي، وأنه كان من المفروض أن يكون هناك تنسيق قوي، لكن هذا التنسيق توقف، بسبب عدم رغبة الدول الأوروبية في حل هذا المشكل بشكل نهائي، لأنها تريد -وفق معراف- أن تُبقِي هؤلاء اللاجئين في هذه الدول الواقعة في شمال إفريقيا، واقترحت على الجزائر، وتونس، والمغرب، أن تكون فيها محميات لهم يمولها الاتحاد الأوروبي، مبرزاً أن هذا سوف يؤدي ربما إلى كثير من المشكلات السياسية، والأمنية، والاختلال الديموغرافي في هذه الدول.
وأوضح معراف أن وسائل الإعلام في العالم لا تسلط الضوء على هذه المواضيع، وتريد فقط أن تُبقِي هذا الموضوع ورقةً سياسيةً تبتز بها الشعوب الموجودة في المغرب العربي بشكل عام.
رد فعل سياسي
من جانبه، قال الخبير الأمني والعسكري التونسي، أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة منوبة بتونس، فيصل الشريف، إن عملية طرد السلطات الجزائرية لأفارقة جنوب الصحراء إلى الحدود مع النيجر، تأتي في إطار رد فعل سياسي للجزائر على ما وقع مع مالي، بعد إسقاط الجزائر طائرة بدون طيار مالية على الحدود المالية-الجزائرية، ودعم بوركينا فاسو موقف مالي، وتضامن النيجر، التي تعد المدخل الكبير للمهاجرين، كذلك معها (أي مع مالي)، فقامت سلطات الجزائر، التي يوجد بها العديد من المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء؛ من بوركينا فاسو، ومالي، والنيجر، والعديد من الدول الأخرى، بإيصالهم إلى الحدود مع النيجر، للعودة إلى بلدانهم الأصلية، دون أن يكون ذلك مرفوقاً بتفاهمات مع حكومات هذه البلدان، نظراً للتوتر السياسي الشديد القائم الآن بين الجزائر من جهة، ومالي والنيجر وحتى بوركينا فاسو من جهة ثانية -بحسب الشريف- الذي أكد أن الملف هو في الوقت نفسه إنساني وسياسي بين هذه البلدان، نظراً لعدم وجود التفاهم.
وأضاف الشريف، في حديث مع "جسور بوست"، أن 31 ألف مهاجر تقريباً تم ترحيلهم من الجزائر إلى حدودها مع النيجر منذ بداية يناير (2025)، وأن الوتيرة أخذت في التصاعد في شهر مايو الجاري، مردفاً أن هناك مشروعاً لإيصال غاز نيجيريا إلى أوروبا مروراً بالنيجر والجزائر، وأن النيجر أوقفت الآن تقريباً جميع المساعي والدراسات المتعلقة به، ما جعل الجزائر ترى الآن أن دول إفريقيا جنوب الصحراء تتبنى تقريباً موقفاً معادياً لها، في ظل كَوْنِ هذا الملف (خط الغاز) استراتيجيّاً جدّاً بالنسبة للجزائر ولهذه البلدان.
وضع المهاجرين في الصحراء
تعليقاً على الطريقة "اللاإنسانية"، التي تنفذ بها السلطات الجزائرية هذا الطرد، وفق ما جاء في البيان المشترك للمنظمة الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للعمال المهاجرين بالمغرب، قال الشريف إن هناك بالفعل مسألة إنسانية مطروحة الآن في هذا السياق، ولا نعلم ما إذا كانت المنظمة الدولية للهجرة، وبعض الجمعيات، يسهرون على هذه المسألة، وإنه نظراً لعدم وجود تنسيق مع السلطات في النيجر، يبدو أن السلطات الجزائرية تضع هؤلاء المهاجرين على بعد 15 كيلومتراً تقريباً من الحدود، وتدفعهم للدخول إلى تراب النيجر، ومن هناك العودة إلى بلدانهم.
وتابع الشريف: "لا ندري حتى الآن ما هي الظروف، التي تتم فيها هذه العملية، وهل المنظمة الدولية للهجرة تشرف عليها أم لا، ولكن يبدو أن السلطات الجزائرية قد أخذت بزمام الأمور، وهي التي تقوم بهذه العملية، ويبدو أن هناك العديد من الشكايات من جمعيات للهجرة، وبعض المنظمات، وحتى داخل هذه البلدان، ولكن المشهد فيه ضبابية كبيرة، وإلى الآن لا ندري إلى أي مدى ستتواصل هذه العملية، وحتى متى، ولا نعرف حتى عدد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء وبلدان الساحل في الجزائر".
تنسيق جزائري تونسي أوروبي
رداً على قول المنظمة الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للعمال المهاجرين بالمغرب، في بيانهما المشترك، إن "عملية طرد الجزائر لهؤلاء المهاجرين تتم في إطار استراتيجية منسقة بين الجزائر، وتونس، وليبيا، بتمويل أوروبي"، أوضح الشريف أن هناك دعماً ماليّاً ولوجستيّاً للسلطات الإيطالية والتونسية، بينما من الصعب -بحسبه- التنسيق مع ليبيا، نظراً لحالة الفوضى السائدة الآن، وعدم وجود نظام قائم يمكنه التعامل مع هذه العملية، في ظل اتساع الحدود الليبية على المستويين البحري والبري، وبالتالي فإن التعامل يكون بالأساس مع تونس، لأن معظم هؤلاء المهاجرين يأتون إليها، وأن هناك بالفعل تنسيقاً قائماً الآن خصوصاً مع إيطاليا، التي دعت حتى إلى القيام بدوريات مشتركة تونسية-إيطالية على الحدود البحرية، لكي لا يصل هؤلاء المهاجرون إلى النقاط القريبة جدّاً، إذ تبعد جزيرة لامبيدوزا الإيطالية بـ70 كيلومتراً عن تونس، بينما تبعد جزيرة صقلية الإيطالية بـ140 كيلومتراً، وبالتالي فإن بلد الانطلاق يكون -وفقه- هو تونس بالأساس.
وبيَّن الشريف أن تونس تنسق أكثر مع الجزائر، بينما هذه الأخيرة لا تنسق مباشرة مع الاتحاد الأوروبي، لأن هؤلاء المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء حتى وإن أتوا إلى الجزائر، فهي هجرة مؤقتة بالنسبة إليهم، لأن غايتهم القصوى هي الدخول إلى التراب التونسي، ومن هناك المرور إلى ليبيا، لأنها أقرب نقطة بحرية إلى الحدود الإيطالية، مبرزاً أن هناك تشجيعاً من أوروبا على أن تكون هناك سياسة تونسية-جزائرية مشتركة، للحد من هذه الهجرة، لكن تونس هي المرشحة أكثر -بحسبه- لأنها هي التي لديها العبء الأكبر في هذه السياسة، في حين من المستبعد جدّاً أن تكون لليبيا -وفقه- سياسة واضحة في هذا الشأن، بسبب الحالة الأمنية السائدة فيها اليوم.
وأبرز الشريف أن الجزائر، التي تعد بلد عبور بالنسبة لهؤلاء المهاجرين، وتونس، اللذين تربطهما حدود برية طولها 950 كيلومتراً تقريباً، قامتا في وقت سابق بتفاهمات في هذا الشأن، حتى لا يصل المهاجرون من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء إلى حدود تونس، التي يدخلونها ومنها ينطلقون باتجاه أوروبا، مردفاً أن هناك تفاهمات أوروبية تونسية بأن يتم الحد من زحف المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء والساحل.
إدانة للعنف والتهجير القسري
من جهته، قال الخبير العسكري والاستراتيجي الليبي، العقيد طيار عادل عبد الكافي، إنه ضد العنف واستخدام القسوة والتهجير القسري في حق المهاجرين، لأن لديهم ظروفاً اقتصادية وإنسانية واجتماعية وأمنية دفعتهم إلى اللجوء إلى شريان الهجرة غير الشرعية، بحثاً عن ملاذ آمن على جميع الأصعدة، وإنه يدين هذه الأفعال والتصرفات في تعامل الدول، سواء كانت الجزائر أو ليبيا أو تونس، مع النازحين والمهاجرين غير الشرعيين نتيجة الحروب والأوضاع الاقتصادية المتردية في دولهم (الأصلية)، حتى وإن كان ذلك بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، الذي يحاول -وفقه- ترحيل مشكلاته وإلقاءها إلى دول شمال إفريقيا، بالضغط عليها والتعاون معها، حتى تتخلص من النازحين والمهاجرين غير الشرعيين.
إشكالية أمنية واقتصادية
في المقابل، بيَّن عبد الكافي، في تصريحات لـ"جسور بوست"، أنه أيضاً لا يُحمِّل الجزائر وليبيا وتونس عبء الهجرة غير الشرعية والنازحين من دول القتال، لأن هذا العبء لا يمثل فقط إشكالية أمنية، بل أيضاً إشكالية اقتصادية كبيرة على هذه الدول، موضحاً أن مواجهات حدثت في تونس بين هؤلاء المهاجرين والأمن التونسي، وأن الأمر نفسه يحدث ما بين الحين والآخر في ليبيا، الدولة المنقسمة على الأصعدة الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية، وأن عصابات وشبكات للجريمة المنظمة وتهريب الأسلحة والمخدرات تشكلت من قِبل العناصر الإفريقية النازحة إلى هذه الدول (الجزائر، وليبيا، وتونس) عبر الهجرة غير الشرعية، ولذلك لا يمكن تحميل هذه الدول العبء، فهي أيضاً ترى أنه ستكون هناك تداعيات أمنية واقتصادية سلبية على أراضيها وسلامة مواطنيها.
مقترح ليبي للأمم المتحدة
أوضح عبد الكافي أنه تحدث على الصعيد الشخصي مع بعثة الأمم المتحدة الخاصة بليبيا عن هذا الجانب تحديداً، وكذلك عن تداعيات نزوح مئات الآلاف من المهاجرين من السودان إلى الأراضي الليبية، الذين شكلوا عبئاً اقتصاديّاً وأمنيّاً كبيراً جدّاً، ويعانون بدورهم من عبء إنساني واجتماعي، مردفاً أنه تحاور مباشرة مع بعثة الأمم المتحدة بشأن حل هذه الإشكالية، واقترح عليها أن تكون هناك دعوة للمنظمات الإنسانية والدولية المعنية بمثل هذه الحالات، وأن يتم التعاون على المستوى الدولي لإيجاد الحلول الفعلية والناجعة، سواء تعلق الأمر بالهجرة غير الشرعية أو بالنازحين من دول الحروب أو الانقلابات، حتى تكون هناك شفافية وعمل مهني للتعامل مع هذا الملف، الذي أصبح يؤرق إفريقيا عموماً، وليس فقط الدول الواقعة في شمالها وغربها.
وتابع عبد الكافي أنه يأمل أن يتم طرح رؤية استراتيجية، من خلال المبادرة، التي يقدمها الآن، وسبق واقترحها بشكل شخصي على بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، لكي يكون هناك اتجاه نحو مناشدة المنظمات الإنسانية والدولية، لأن لديها الموارد الاقتصادية الكافية، التي تستطيع أن تعالج مثل هذه الملفات الشائكة وتتعامل معها، ويتم إنشاء صندوق دولي مَعْنِيٍّ فقط بهذه الدول، التي يتم النزوح أو الهجرة منها.
وشدد عبد الكافي على أن تتم إدارة هذا الصندوق من خلال إشراف دولي بشفافية ونزاهة كاملة، حتى لا يكون هناك استشراء للفساد فيه، وأن تكون مهمته (الصندوق) هي إنشاء مشاريع، والقيام بتنمية مكانية، والمساهمة في الاستقرار الأمني، في بعض الدول، التي تشهد حالات نزوح وهجرة غير شرعية بأعداد كبيرة جدّاً، وبهذا ستنتهي هذه الإشكالية.
وأردف عبد الكافي أن الأمر سيحتاج إلى بعض الوقت، لكن في النهاية ستُأْتِي الاستراتيجية ثمارها، التي ستحقق الاستقرار الاقتصادي والأمني لشعوب الدول، التي يتم النزوح أو الهجرة منها، مبرزاً أنه يتطلع إلى حدوث تعاون بين الجزائر، وليبيا، وتونس، لطرح مبادرة تَخُصُّ هذه الاستراتيجية، التي اقْتَرَحَهَا.