ضربة قضائية لترامب.. المحكمة تبطل رسومه الجمركية وبكين تدعو للإلغاء الكامل
ضربة قضائية لترامب.. المحكمة تبطل رسومه الجمركية وبكين تدعو للإلغاء الكامل
تعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لانتكاسة قضائية جديدة بعدما أبطلت محكمة أمريكية متخصصة في الشؤون التجارية الرسوم الجمركية "المتبادلة" التي فرضتها إدارته مطلع أبريل على كل السلع المصدرة إلى الولايات المتحدة.
واعتبرت المحكمة أن هذه الإجراءات تخطت الصلاحيات الدستورية الممنوحة للرئيس، داعية إلى عودة هذه السلطة إلى الكونغرس، في وقت سارعت الصين إلى مطالبة واشنطن بإلغاء هذه الرسوم "غير المبررة" بشكل كامل، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، الخميس.
وأكد القضاة الثلاثة في المحكمة التجارية الدولية الأمريكية أن الرئيس لا يمكنه التذرع بقانون الطوارئ الاقتصادية الصادر عام 1977 لفرض رسوم جمركية غير محدودة على الواردات من دول العالم، معتبرين أن هذا الإجراء يمثل تجاوزاً دستورياً لصلاحيات السلطة التنفيذية.
وشدد الحكم القضائي، الذي اطّلعت عليه وكالة فرانس برس، على أن هذا القانون لا يجيز للرئيس فرض عقوبات اقتصادية شاملة دون الرجوع إلى الكونغرس، حتى في حالات الطوارئ.
رفض استخدام قانون الطوارئ
أوضح القضاة في نص القرار أن قانون IEEPA وُضع أصلاً لمواجهة تهديدات اقتصادية "غير اعتيادية"، وليس ليُستخدم كورقة ضغط سياسية أو تجارية.
وأضافوا أن تفويض سلطة غير محدودة في مجال الرسوم الجمركية يمثل انتهاكاً للفصل بين السلطات، ويُعد بمثابة تنازل خطير من الكونغرس لصالح البيت الأبيض.
وفي رأي إضافي أرفق بالقرار، عبّر أحد القضاة عن رفضه التام لمنح الرئيس مثل هذه الصلاحيات الواسعة دون رقابة تشريعية.
ردود غاضبة من البيت الأبيض
ندد ناطق باسم البيت الأبيض، كاش ديساي، بالقرار معتبراً أنه صادر عن "قضاة غير منتخبين" لا يملكون الشرعية لاتخاذ قرارات متعلقة بالأمن القومي أو الطوارئ الاقتصادية.
وأكد المتحدث أن إدارة ترامب ستستخدم كافة الصلاحيات المتاحة لاستعادة ما وصفه بـ"العظمة الأمريكية"، معلناً مباشرة الطعن في الحكم، بعد أن منحت المحكمة مهلة عشرة أيام لتعليق الرسوم الجمركية موقتاً.
رحبت بكين بالحكم، معتبرة أنه يتماشى مع المطالب الدولية الرافضة لسياسة الرسوم التعسفية. وقالت الناطقة باسم وزارة التجارة الصينية، هي يونغغيان، خلال مؤتمر صحفي، إن "الصين تحث الولايات المتحدة على الإصغاء إلى صوت العقل، والتخلي الكامل عن الرسوم الجمركية غير المبررة التي فرضت من جانب واحد".
وكانت الصين قد فرضت بدورها رسوماً بنسبة 145% على المنتجات الأمريكية، قبل أن تُخفضها لاحقاً لتهيئة مناخ ملائم للمفاوضات.
العلاقات التجارية الدولية
كشف موفد اليابان إلى واشنطن، ريوسي أكازاوا، عن نية طوكيو دراسة القرار القضائي وتأثيره المحتمل على الرسوم الجمركية المفروضة على قطاع السيارات اليابانية.
يُذكر أن ترامب كان قد استخدم الرسوم الجمركية كأداة تفاوض رئيسية مع حلفائه وخصومه على حد سواء، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، الذي هدد بفرض رسوم على منتجاته بنسبة 50%، قبل أن يتراجع مؤقتاً ويعلن تعليق تلك الإجراءات حتى التاسع من يوليو.
وانتقد عدد من أعضاء الكونغرس القرار التنفيذي السابق، معتبرين أن ترامب استغل صلاحيات الطوارئ بشكل غير قانوني. وقال النائب الديمقراطي غريغوري ميكس إن الحكم يؤكد أن "الرسوم الجمركية تمثل تجاوزاً خطيراً من قبل السلطة التنفيذية"، داعياً إلى إعادة التوازن بين السلطات.
نهاية حرب الرسوم
ورجّح محللون في مجموعة "كابيتال إيكونوميكس" في لندن أن تُحال القضية إلى المحكمة العليا الأمريكية، لكنهم اعتبروا أن الحكم الحالي لن يضع نهاية لحرب الرسوم، خاصة أن أمام ترامب وإدارته وسائل قانونية أخرى لفرض رسوم جديدة، سواء عبر بنود قانونية مختلفة أو بمحاولة تمرير تشريعات جديدة من الكونغرس.
منذ أبريل الماضي، فرضت إدارة ترامب رسوماً جمركية سميت بـ"المتبادلة"، شملت كل الدول تقريباً، قبل أن تتراجع أمام تقلبات الأسواق، مكتفية بنسبة 10% لتسعين يوماً بهدف تهيئة الأجواء لمفاوضات تجارية.
وردت بكين بالمثل، ما أدى إلى تبادل الرسوم بنسبة وصلت إلى 125% و145% بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، قبل أن يتوصلا في منتصف مايو إلى تخفيضات مؤقتة لتخفيف حدة التوتر.
ويبقى الحكم القضائي بمثابة ضربة لسياسة ترامب التجارية ويؤسس لمراجعة دستورية مهمة لطبيعة استخدام قانون الطوارئ الاقتصادي.
ومع استمرار الاستقطاب السياسي، تبدو الحرب التجارية بعيدة عن نهايتها، خاصة في ظل سعي كل طرف لتعزيز نفوذه داخل المشهد الاقتصادي العالمي.