أزمة اكتظاظ.. فرنسا تسجّل رقماً قياسياً جديداً في عدد السجناء
أزمة اكتظاظ.. فرنسا تسجّل رقماً قياسياً جديداً في عدد السجناء
سجّلت السجون الفرنسية، رقماً غير مسبوق في عدد السجناء مع وجود أكثر من 83 ألف شخص خلف القضبان، في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اكتظاظ مزمنة تعود جذورها إلى عقود، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن وزارة العدل ونشرتها وكالة "فرانس برس"، اليوم السبت.
أظهرت الإحصاءات الرسمية أن الكثافة بلغت 133.7% في الأول من مايو 2025، مقارنة بـ125.3% في نفس التاريخ من العام الماضي، ما يشير إلى زيادة حادة في أعداد السجناء بلغت نحو 6 آلاف خلال عام واحد فقط، وقرابة 25 ألفاً خلال 5 سنوات، أي منذ نهاية إجراءات الإغلاق الأولى المرتبطة بـ«كوفيد-19»، والتي شهدت حينها عمليات إفراج استثنائية للحد من العدوى.
مراكز الاحتجاز في وضع حرج
تفاقم الوضع بشكل خاص في مراكز الاحتجاز الاحتياطي، التي بلغت فيها نسبة الكثافة 163.2%، وهي المراكز التي يُفترض أن تحتجز فقط المتهمين الذين لم تُبتّ قضاياهم بعد، وبالتالي ما يزالون يتمتعون بقرينة البراءة، إلى جانب المحكومين بعقوبات قصيرة الأجل.
وفي بعض المؤسسات السجنية، خاصة في المدن الكبرى أو ضواحيها، تجاوزت نسبة الاكتظاظ 200%، ما يدفع السلطات أحياناً إلى إجبار أكثر من 5 آلاف سجين على النوم على مراتب على الأرض، في ظروف اعتُبرت "مهينة" من قبل منظمات حقوقية محلية ودولية.
وسبق أن تخطى عدد السجناء عتبة الـ80 ألفاً لأول مرة في تاريخ فرنسا في 1 نوفمبر 2024، عندما سُجّل 80,130 نزيلاً.
ومنذ ذلك الحين، واصل العدد ارتفاعه بثبات، باستثناء تراجع طفيف في 1 يناير 2025، حيث بلغ عدد السجناء آنذاك 80,669 مقارنة بـ80,792 في 1 ديسمبر 2024، وهو تراجع يُعد طبيعياً في فترة العطل القضائية.
ثالث أسوأ دولة أوروبياً
تحتل فرنسا المرتبة الثالثة بين دول أوروبا من حيث الاكتظاظ السجني، بحسب تقرير صادر عن مجلس أوروبا في يونيو 2024، بعد كل من قبرص ورومانيا.
وقد وجهت العديد من الهيئات الحقوقية انتقادات شديدة للسلطات الفرنسية بسبب ظروف الاحتجاز التي تُوصف بأنها لا تتماشى مع المعايير الأوروبية للكرامة الإنسانية.
ودفعت خطورة الوضع الحكومة الفرنسية إلى دراسة حلول بديلة ومثيرة للجدل، من بينها استئجار أماكن احتجاز خارج الأراضي الفرنسية، خصوصاً في دول شرق أوروبا، وهي الفكرة التي لم يستبعدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وفي مقابلة أجريت معه على قناة "تي إف 1" بتاريخ 13 مايو 2025، أكد ماكرون أن "لا محظورات في هذا الشأن"، ما يشير إلى استعداد الحكومة للبحث عن مخارج غير تقليدية لأزمة متفاقمة باتت تهدد النظام القضائي والسجني برمّته.
دعوات لإصلاح المنظومة العقابية
رغم الدعوات المستمرة لإصلاح المنظومة العقابية، بما يشمل اعتماد بدائل للسجن للعقوبات القصيرة، مثل السوار الإلكتروني أو الخدمة المجتمعية، إلا أن الإجراءات الإصلاحية ما تزال بطيئة ومحدودة التأثير، في ظل تزايد أعداد الموقوفين ومحكومي القضايا البسيطة، وعدم قدرة البنية التحتية للسجون على مواكبة هذا التزايد.
وتبقى المشكلة مفتوحة على احتمالات التصعيد، ما لم تُعتمد استراتيجية وطنية شاملة لمعالجة جذور الأزمة، لا مجرد إدارة أعراضها.