«جسور بوست» تناقش الاتهامات الدائرة بين روسيا وأمريكا بشأن تصنيع «جدري القرود»
«جسور بوست» تناقش الاتهامات الدائرة بين روسيا وأمريكا بشأن تصنيع «جدري القرود»
في وقت لا يزال العالم يتعافى من وباء "كوفيد-19"، الذي انتشر عالميًا على مدى أكثر من عامين، بدأت أسئلة تطرح بشأن ما إذا كان من الممكن أن يتحول فيروس جدري القرود، الذي أعُلن عن ظهوره مؤخرًا، إلى وباء عالمي جديد، وما إذا كان ظهوره ضمن الصراع العالمي بين روسيا والغرب تقوده أمريكا.
كذلك تثار التساؤلات حول التسلسل الجيني للفيروس المسبب للمرض، مع تزايد عدد الإصابات نحو 200 حالة وانتشاره في 27 دولة وفقًا لخارطة انتشار المرض، فحتى الآن لم يتحور بشكل يجعله أكثر قابلية للانتقال بين البشر، ما يطرح التساؤل حول سبب انتشاره بشكل غير مسبوق في أنحاء العالم.
وسط تحذيرات منظمة الصحة العالمية من استمرار ارتفاع حالات الإصابة، أسئلة كثيرة تطرح وسط اتهامات متبادلة بين القوات الكيميائية والبيولوجية الروسية وأمريكا بنشر فيروس جدري القرود.
"جسور بوست" تناقش كل هذه التساؤلات والاتهامات وما يتردد على مواقع التواصل بشأن ظهور جدري القرود ضمن الصراع العالمي بين روسيا والغرب.
طريقة الإعلان عن المرض تثير الريبة
يثير القلق ما نشرته مجلة "وايرد" عبر موقعها، فقد سمع عالم الأوبئة بجامعة أوكسفورد، موريتز كريمر، لأول مرة عن انتشار مرض جدري القرود الجديد في بريطانيا وأوروبا والولايات المتحدة، من خلال موقع التواصل الاجتماعي تويتر، وليس عبر القنوات العلمية التقليدية، أو من وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، حيث كان يتم الإبلاغ عن كل حالة مشتبه بها.
وفيما تبادل خبراء الأمراض المعدية نظرياتهم كان كريمر المتخصص في عمل نماذج لانتشار الأمراض المعدية، قلقا بشكل متزايد.
وقال كريمر: "لقد أدركنا أن تفشي هذا الوباء كان غير عادي في توسعه الجغرافي، مع انتشاره في بعض التجمعات غير المرتبطة بالسفر".
في الماضي، عندما ظهر جدري القرود في أوروبا أو أمريكا الشمالية، كان من الممكن تتبع الحالات بسهولة إلى البلدان التي ينتشر فيها الفيروس، لكن ذلك لا ينطبق على هذا المرض.
خريطة انتشار جدري القرود
منذ 3 أيام نشر موقع "reuters" أعداد الأشخاص الذين أصيبوا بجدري القرود حول العالم، حيث ثبت وجود أكثر من 100 حالة إصابة مؤكدة أو مشتبه بها ومعظمها في أوروبا، حيث تدق حالات تفشي المرض ناقوس الخطر، بسبب سهولة انتقاله من شخص لآخر.
ووفقًا لتقارير صحفية فإن الأعداد تزايدت لتصل إلى 200 حالة في أكثر من 27 دولة.
وتم اكتشافه لأول مرة في القرود في غرب ووسط إفريقيا، وفيما يلي قائمة بالدول التي أبلغت حتى الآن عن حالات مشتبه بها أو مؤكدة.
أبلغت أستراليا في 20 مايو عن أول حالة مصابة بجدري القرود لمسافر عاد مؤخرًا من بريطانيا، كما تم تحديد حالة أخرى مشتبه بها.
- أكدت النمسا أول حالة إصابة في 22 مايو.
- بلجيكا اكتشفت حالتين يوم 20 مايو.
- أكدت الدانمارك أول حالة إصابة لها في 23 مايو.
- أكدت فرنسا أول حالة إصابة في باريس في 20 مايو.
- أكدت ألمانيا 3 حالات، مع تسجيل أولها في 20 مايو.
- - أكدت إيطاليا حالتين في روما في 20 مايو، ليرتفع العدد الإجمالي في البلاد إلى 3.
- أبلغت هولندا عن أول حالة لها في 20 مايو، وأكدت منذ ذلك الحين "عدة" مرضى آخرين، دون تحديد العدد الدقيق.
- أبلغت البرتغال عن 14 حالة مؤكدة جديدة في 23 مايو، ليصل العدد الإجمالي إلى 37 حالة.
- أكدت إسبانيا 4 حالات أخرى في منطقة مدريد في 23 مايو، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 34 حالة، مع 38 حالة أخرى مشتبها بها في مدريد.
- أكدت السويد أول حالة إصابة لها في 19 مايو.
- أبلغت سويسرا عن أول حالة مؤكدة لها في 21 مايو.
- اكتشفت المملكة المتحدة 11 حالة جديدة في إنجلترا في 20 مايو، ليرتفع إجمالي الحالات المؤكدة في البلاد إلى 20.
روسيا تتهم أمريكا
اتهم قائد قوات الحماية الإشعاعية والكيميائية والبيولوجية في القوات المسلحة الروسية، إيغور كيريلوف، الجمعة، أمريكا بإظهار ما يسمى بفيروس جدري القرود، وقال إن "مكان مصدر فيروس جدري القرود في نيجيريا كان تحت إشراف الولايات المتحدة ومختبراتها البيولوجية".
وأضاف كيريلوف، أن "فيروس جدري القرود جاء من نيجيريا، حيث تعمل 4 مختبرات بيولوجية أمريكية على الأقل"، وفق ما نشرت وكالة "سبوتنيك".
وتابع كيريلوف قائلا: "هناك ما لا يقل عن 4 مختبرات بيولوجية تسيطر عليها واشنطن في نيجيريا ومن هناك بدأ تفشي الفيروس الجديد".
وباء مُصنع تكنولوجياً
حسمت منظمة الصحة العالمية، الجدل بشأن ما يتردد عن تصنيع جدري القرود بيولوجياً.
وقال مدير برنامج الوقاية من مخاطر العدوى والتأهب لها بمنظمة الصحة العالمية الدكتور عبدالناصر أبوبكر، إن "هناك ما يتردد على مواقع التواصل بشأن ظهور جدري القرود ضمن الصراع العالمي بين روسيا والغرب، لكننا ليست لدينا أية معلومات عن هندسة الفيروس في المعامل، كما أنه ليس له علاقة بالصراع بين روسيا وأوكرانيا".
جاء ذلك في كلمته خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده المكتب الإقليمي للمنظمة للحديث عن وضع جدري القردة والاستجابة له في إقليم شرق المتوسط.
وأضاف أن "فيروس جدري القرود اكتشف منذ 1958 ويتفشى في عدد من الدول المتوطنة بين الحين والآخر، كما ظهر مؤخرًا بالبلدان غير المتوطنة بالفيروس، لكنه لم يتغير جينيا ويبدي نفس الخصائص وبالتالي لم يُعد وراثيا أو جينياً".
هل نحن أمام وباء جديد؟
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أنه على الرغم من أن تفشي المرض غير معتاد، فإنه يظل "قابلا للاحتواء"، وأكدت أنها ستعقد اجتماعات أخرى لدعم الدول الأعضاء بمزيد من النصائح بشأن كيفية التعامل مع المرض.
وقال ريتشارد بيبودي المسؤول البارز بالمنظمة، إنها لا تعتقد أن تفشي مرض جدري القرود، خارج قارة إفريقيا يستدعي إطلاق حملات تطعيم جماعية، إذ إن القيام بإجراءات أخرى كالنظافة الشخصية الجيدة والسلوك الجنسي الآمن ستسهم في السيطرة على انتشاره.
وأضاف بيبودي، الذي يقود فريق مسببات الأمراض عالية التهديد في منظمة الصحة العالمية بأوروبا، في مقابلة مع وكالة رويترز للأنباء أن الإمدادات الفورية من اللقاحات ومضادات الفيروسات محدودة نسبيا.
إجراءات سريعة
قالت منظمة الصحة العالمية، الجمعة، إن الأولوية يجب أن تكون لاحتواء جدري القرود في البلدان التي لا يتوطن فيها المرض، مضيفة أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال اتخاذ إجراءات سريعة.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من استمرار ارتفاع حالات الإصابة بجدري القرود.
لكن مسؤولا كبيرا في المنظمة قال إن تفشي المرض المتزايد يمكن احتواؤه بسهولة من خلال الإجراءات الصحيحة، وشدد على أنه لا يوجد ما يستدعي القلق.
وقالت منظمة الصحة إن برنامج التطعيم الشامل ليس مطلوبا في الوقت الحالي، لكن يجب توفيره للمخالطين.
وعلينا اتباع إجراءات السلامة بشكل دقيق لمكافحة الفيروس: فحص ومعاينة كل حالة، ومن ثم تتبع الاتصال، وتطبيق العزل، هذا سيكون أفضل الحلول في الوقت الحالي.