عالمة مكسيكية تبتكر تورتيّا مُخمّرة تقاوم التلف دون تبريد وتستهدف الفقراء

عالمة مكسيكية تبتكر تورتيّا مُخمّرة تقاوم التلف دون تبريد وتستهدف الفقراء
عالمة مكسيكية تبتكر تورتيّا مُخمّرة

ابتكرت عالمة الأغذية المكسيكية راكيل غوميس نوعاً جديداً من خبز التورتيّا يتميّز بقيمته الغذائية العالية وقدرته على مقاومة التلف لمدة تصل إلى شهر كامل دون الحاجة إلى التبريد، في خطوة واعدة تهدف لمساعدة الفقراء في المناطق النائية من البلاد الذين لا يمتلكون ثلاجات.

وأكدت العالمة الباحثة في جامعة "ناشونال أوتونومس يونيفرسيتي أوف مكسيكو" أن التورتيّا الجديدة المصنوعة من دقيق القمح تحتوي على كائنات دقيقة حيّة تُعرف بـ"البروبايوتكس"، وهي نفس الكائنات النافعة الموجودة في اللبن وبعض الأطعمة المُخمّرة، وتعمل على تعزيز القيمة الغذائية للطعام إلى جانب إطالة مدة حفظه، وفق وكالة "فرانس برس".

وشددت غوميس، على أن هدف المشروع الأساسي هو تلبية احتياجات الفئات الأكثر فقراً التي تفتقر لأبسط الوسائل، قائلة: "كنت أفكر في الأشخاص الأكثر فقراً عندما ابتكرت هذا الخبز". وتابعت: "أردنا خبزاً صحياً يُمكن حفظه دون ثلاجة".

واقع معيشي ومناخ قاسٍ

ويُشكّل غياب الثلاجات تحدياً حقيقياً أمام ملايين العائلات المكسيكية. ففي ولاية "تشياباس" الجنوبية، وهي من أفقر ولايات البلاد وتضم نسبة عالية من السكان الأصليين، لا يمتلك الثلاجات سوى أقل من ثلث السكان، رغم الارتفاع المطّرد في درجات الحرارة.

وتعاني الأسر، كعائلة تيريزا سانشيز البالغة من العمر 46 عاماً، من هذه الظروف. إذ تعتمد سانشيز على الطرق التقليدية التي ورثتها عن أجدادها من مجموعة تسيلتال، مثل غلي الطعام مراراً لحفظه، أو تجفيف اللحوم تحت أشعة الشمس، فيما يُخزَّن خبز التورتيّا داخل علب مصنوعة من لحاء الأشجار.

وتقول سانشيز: "لا نملك ثلاجات ولا نقدر على شرائها. نحاول تدبير أمورنا بما يتوفر لدينا"، مضيفة: "ميزانيتي محدودة، وأشتري فقط ما أحتاج إليه من طعام".

فوائد غذائية بلا مواد حافظة

وتوضح غوميس أن التورتيّا المُخمّرة الجديدة لا تحتاج لأي مواد حافظة صناعية، ما يجعلها أكثر أمناً صحياً، إذ ترتبط بعض هذه المواد بمشكلات في الأمعاء والقولون. 

ويدعم هذا الطرح الباحث غييرمو أرتيغا من جامعة سونورا، الذي أكد أن المواد الحافظة مثل "بروبيونات الكالسيوم"، رغم شيوع استخدامها، قد تُلحق ضرراً بميكروبات الأمعاء المفيدة.

وتشير غوميس إلى أن استخدامها للبريبايوتكس، وهي مواد غذائية موجودة في الألياف وتساعد في تغذية الكائنات الدقيقة المفيدة، يمنح التورتيّا خصائص حفظ طبيعية دون الحاجة إلى إضافات كيميائية.

شركة لتوزيع الخبز

رغم نيلها براءة اختراع لهذا الابتكار في عام 2023، وتوقيع الجامعة المكسيكية اتفاقاً مبدئياً مع شركة لتوزيع الخبز في الأسواق، فإن المشروع التجاري تعثّر ولم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن.

وتأمل غوميس في التوصل إلى شراكات جديدة تُتيح توزيع التورتيّا المُخمّرة على نطاق واسع، خاصة أنها تعتقد أن المستهلكين المكسيكيين، رغم ميلهم إلى المنتجات التقليدية، سيُرحبون بهذا البديل الصحي والمفيد.

وتؤكد الباحثة أنها تعمل حالياً على تطوير نسخة جديدة من التورتيّا باستخدام الذرة بدلاً من القمح، وهي المادة الأكثر شيوعاً في الطعام المكسيكي، خصوصاً في الجنوب، حيث تتعرض التورتيّا المنزلية للتلف سريعاً بسبب درجات الحرارة المرتفعة.

غذاء المستقبل للفقراء

يمثل هذا المشروع تجربة علمية رائدة تستهدف معالجة واحدة من أوجه الفقر الغذائي في المكسيك، حيث يعاني نحو 14% من الأطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية المزمن، وتصل النسبة إلى 27% بين السكان الأصليين، وفق الأرقام الرسمية.

وفي ظل أزمة المناخ وارتفاع درجات الحرارة، تسعى غوميس وفريقها إلى تقديم منتج غذائي صحي، طويل الأمد، وسهل الوصول إليه، يساعد على تأمين التغذية للفئات المهمّشة دون الحاجة إلى ثلاجات أو وسائل تبريد، التي باتت من الكماليات في مجتمعات كثيرة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية