"الأونروا" تتهم إسرائيل باستخدام المساعدات الإنسانية لتهجير الفلسطينيين
"الأونروا" تتهم إسرائيل باستخدام المساعدات الإنسانية لتهجير الفلسطينيين
اتهم المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، عدنان أبو حسنة، الجيش الإسرائيلي بتحويل آلية توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة إلى أداة ضغط عسكرية وسياسية، تستهدف إجبار الفلسطينيين على النزوح القسري نحو جنوب القطاع، تمهيدًا لمخطط تهجير أوسع.
وأكد أبو حسنة، خلال مداخلة متلفزة مع قناة "الحدث" الإخبارية، اليوم الأربعاء، أن "المؤسسة الجديدة لتوزيع المساعدات" التي تديرها إسرائيل "ليست كيانًا إنسانيًا، بل منظومة أمنية مغلّفة برداء الإغاثة، تعمل خارج كل المعايير الدولية المعروفة في العمل الإنساني".
وأوضح أن هذه الآلية تدعو الفلسطينيين للتوجه إلى نقاط توزيع في مناطق مغلقة ومحاطة بالأسلاك الشائكة دون توفير الحد الأدنى من التنظيم أو المعلومات، مما يعرّض حياتهم للخطر، ويُحدث فوضى متعمدة، بحسب قوله.
وأضاف: "ما شهدناه خلال الأيام الماضية من انفلات وفوضى في توزيع المساعدات يبدو وكأنه مدروس مسبقًا، بهدف تصدير مشاهد مصورة لفلسطينيين وهم يتسابقون على المعونات، في محاولة لصناعة سردية دولية مغايرة للواقع، تُظهر إسرائيل كمقدمة للمساعدات بينما تسعى عمليًا لدفع السكان للهرب جنوبًا".
تحذيرات مسبقة من التهجير
وشدد المتحدث باسم "أونروا" على أن وكالته كانت قد حذرت في وقت مبكر من هذا السيناريو، الذي يجري تنفيذه الآن على الأرض، والمتمثل في استغلال الحاجة للمساعدات كوسيلة لإحداث تغييرات ديموغرافية في القطاع، مؤكدا أن "الفلسطينيين يُجبرون على مغادرة مناطقهم الأصلية تحت ضغط الحاجة والجوع، دون توفير ضمانات للعودة، وهو ما يرقى إلى سياسة الترحيل القسري المحظورة بموجب القانون الدولي الإنساني".
وأكد أبو حسنة أن تصريحات رسمية إسرائيلية تكشف بوضوح نية الاحتلال في عسكرة المساعدات، إذ تُمنع إمدادات أساسية مثل الماء والوقود والأدوية وتطعيمات الأطفال من الدخول إلى القطاع، بذريعة الضغط على حركة حماس للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين.
وقال: "إسرائيل لا تخفي نواياها، وهي تربط المساعدات الإنسانية بالمفاوضات السياسية والعسكرية، في خرق واضح لكل الأعراف الدولية التي تحظر استخدام الغذاء أو الدواء كسلاح في النزاعات".
أزمة ثقة متصاعدة
وأشار المتحدث باسم "أونروا" إلى أن هذه السياسة أدت إلى تآكل الثقة بين السكان والمؤسسات الدولية التي تحاول تقديم الإغاثة، إذ يُنظر إلى بعض نقاط التوزيع الآن على أنها مصيدة محتملة، لا سيما مع تكرار حوادث القصف والقنص قرب مواقع الإغاثة، كما حدث في مرات سابقة بمنطقتي المغازي والزيتون.
ودعا إلى استعادة المنظومة الإنسانية المحايدة التي كانت تقودها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، والتي تضمن الوصول العادل والآمن إلى المحتاجين، بعيدا عن الهيمنة العسكرية والسياسية.
وأطلقت "الأونروا" تحذيرات عاجلة إلى المجتمع الدولي تطالبه بـالتحقيق الفوري في ظروف توزيع المساعدات بقطاع غزة، والضغط على إسرائيل لـ"احترام المبادئ الإنسانية، والكفّ عن استخدام الحصار كوسيلة عقاب جماعي".
وشدد أبو حسنة على أن استمرار الوضع الحالي من شأنه أن "يعجّل بانهيار النظام الإنساني كليًا في غزة"، وأن "السياسات الحالية تهدد ليس فقط الحق في المساعدة، بل حق الفلسطينيين في البقاء في أرضهم".
خلفية الأزمة
يُذكر أن "الأونروا" تواجه ضغوطًا متزايدة منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، بعد اتهامات إسرائيلية لها بدعم حماس، مما دفع عدة دول لتعليق تمويلها مؤقتًا قبل أن تعود عنه.
وفي الوقت نفسه، تسعى إسرائيل إلى تفكيك الوكالة فعليًا واستبدالها بكيانات أخرى تابعة أو خاضعة لإشرافها، وهو ما ترفضه الأمم المتحدة بشدة.
ويعاني سكان قطاع غزة، وعددهم نحو 2.3 مليون نسمة، من كارثة إنسانية متفاقمة نتيجة الحرب المستمرة، مع تسجيل معدلات جوع غير مسبوقة وانهيار شبه كامل للبنية التحتية الصحية والتعليمية والخدمية.