الأمم المتحدة: التمييز وخطاب الكراهية عبر الإنترنت يفتحان الطريق أمام الإبادة الجماعية

خلال الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان

الأمم المتحدة: التمييز وخطاب الكراهية عبر الإنترنت يفتحان الطريق أمام الإبادة الجماعية
مجلس حقوق الإنسان الأممي - أرشيف

حذرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في تقرير حديث من أن أنماط التمييز العنصري والديني المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تمثل تهديدًا مباشرًا للسلم والأمن الدوليين، وقد تشكل مقدمة للإبادة الجماعية في مناطق عديدة من العالم.

جاء ذلك في تقرير قدم إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته الـ59 التي تتواصل أعمالها في جنيف حتى 11 يوليو المقبل، وذلك بمناسبة مرور 75 عامًا على اعتماد اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، واطلع «جسور بوست» على نسخة منه.

وأكد المفوض السامي لحقوق الإنسان أن الإبادة الجماعية لا تحدث فجأة، بل تسبقها أنماط ممنهجة من التمييز والتجريد من الإنسانية، تُمارس في كثير من الأحيان من قبل شخصيات نافذة وموثوقة تزرع الكراهية ضد جماعات دينية أو إثنية بعينها.

وأوضح التقرير أن تضخيم تلك الرسائل العدائية على منصات التواصل الاجتماعي يسهم في تطبيع العنف والتمييز والعداء، ويفتح المجال تدريجيًا لارتكاب جرائم جماعية بحق هذه الفئات.

وأضاف أن المساءلة تمثل جزءًا أساسيًا من جهود الوقاية، وأنه لا يمكن منع التكرار دون تحقيقات فعالة، وملاحقات قضائية، وتدابير غير قضائية تشمل الاعتراف بالضحايا، وجبر الضرر، وحفظ الذاكرة، وتعزيز التثقيف في مجال حقوق الإنسان.

وركّز التقرير على الدور المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى أنها باتت أداةً مركزيةً في نشر الكراهية والمعلومات المضللة. وقالت المسؤولة الأممية بيري هيكس إن هذه المنصات، رغم أنها تعكس الواقع، فإنها توسّع من أثر المحتوى الضار نظرًا لسرعة انتشاره واتساع مداه.

واستشهدت المفوضية بتقرير صادر عن وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية في 2023، أظهر احتواء أربع منصات تواصل رئيسية على كميات كبيرة من المحتوى العنصري والمعادي للنساء.

ودعت إلى تجنب "المقايضات الكاذبة" التي تُطرح أحيانًا بين حرية التعبير والتصدي لخطاب الكراهية، مؤكدة أن حماية التعبير تظل ضرورية لبناء بيئة رقمية آمنة، ولكن يجب بالمقابل مواجهة المحتوى الضار بوسائل ذكية، مثل تقليل انتشاره أو وضع تحذيرات عليه، دون اللجوء مباشرةً إلى الحذف أو الرقابة المفرطة.

وشدد التقرير على أن المسؤولية لا تقع فقط على كاهل شركات التكنولوجيا، بل تمتد إلى الحكومات والمستخدمين على حد سواء. وتفاوتت شركات التواصل في مدى استجابتها للمعايير الدولية، فبينما وافقت بعض المنصات على إجراء تقييمات شفافية ونشر نتائجها، رفضت أخرى مراقبة المحتوى وفق أي مرجعية دولية.

وأكد التقرير أهمية تمكين الباحثين من الوصول إلى بيانات المنصات من خلال واجهات برمجة التطبيقات لضمان الشفافية، وتحليل تأثير المحتوى الضار بطرق علمية. وانتقد التقرير إحجام العديد من الشركات عن التعاون في هذا المجال، خاصة في الدول النامية.

ومن القضايا البارزة التي وردت في التقرير ما أشار إليه عدد من المندوبين بشأن الرقابة المفرطة على المحتوى الداعم للحقوق الفلسطينية، بما في ذلك حذف المنشورات وإخفاء الوسوم وإغلاق الحسابات.

واتهم المندوبون حكومة إسرائيل بممارسة ضغط مستمر على شركات التواصل الاجتماعي لقمع الرواية الفلسطينية وإسكات الأصوات المنتقدة للسياسات الإسرائيلية، وهو ما يمثل -بحسب التقرير- تهديدًا مباشرًا لحرية التعبير والحق في الحصول على المعلومات.

وفي مداخلته، التي أوضحها التقرير، أعاد المقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة، فابيان سالفيولي، التأكيد على أهمية توثيق جرائم الإبادة وملاحقة مرتكبيها، ومنح الضحايا حقهم في الاعتراف العلني والاعتذار والتعويض.

كما دعا إلى إدراج التثقيف في مجال حقوق الإنسان في المناهج الدراسية من مراحل مبكرة، لتعزيز ثقافة مناهضة للتمييز والعنصرية والكراهية.

وأكد التقرير أن استغلال التكنولوجيا في نشر خطاب الكراهية يمثل خطرًا وجوديًا على المجتمعات الضعيفة، داعيًا إلى تنقيح التشريعات الوطنية بما يتماشى مع التزامات الدول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتخصيص موارد أكبر لحماية المستخدمين في مناطق النزاع.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية