تقرير أممي.. العاملون في قطاع الصحة يواجهون ظروفاً غير عادلة وغير آمنة
خلال الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان
كشف تقرير أممي جديد عن تعرض العاملين في قطاع الصحة والرعاية لمجموعة من التحديات الهيكلية والمتشابكة، تضعف قدرتهم على تقديم رعاية جيدة وتقوض رفاهيتهم النفسية والجسدية.
جاء ذلك في تقرير المقررة الخاصة المعنية بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، تلالينغ موفوكنغ، المقدم إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته الـ59، التي تتواصل أعمالها حتى 9 يوليو المقبل، واطلعت «جسور بوست» على نسخة منه.
وأكدت موفوكنغ أن العاملين في مجال الصحة والرعاية ليسوا فقط مزودي خدمة، بل هم مدافعون أساسيون عن الحق في الصحة وحقوق الإنسان المرتبطة به، ما يضعهم في موقع فريد يمكنهم من التأثير في نظام الرعاية الصحية بأكمله.
وبحسب التقرير، فإن التحديات التي يواجهها العاملون في القطاع تشمل ظروف العمل غير العادلة وغير الصحية، والتحرش، والعنف، وأعباء العمل غير القابلة للإدارة، إضافة إلى أخطار مهنية وعدم تكافؤ فرص التقدم الوظيفي، ما يزيد الضغط النفسي والجسدي عليهم.
كما أشار التقرير إلى أن هذه التحديات تغذي أوجه عدم المساواة الصحية، وتؤثر بشكل غير متناسب في الفئات المهمشة، مثل النساء والسود ومجتمع الميم والأشخاص المولودين في الخارج. ويشمل التمييز الممارس ضدهم العزل والترهيب، وعدم المساواة في الأجور، وتقييد فرص القيادة، بل وحتى الاعتداءات الجسدية.
وانتقد التقرير بشدة، الأنظمة الصحية التي تُدار بعقلية السوق، حيث تُفضَّل الربحية على رفاهية الأفراد، ما يدفع ببعض المؤسسات إلى النظر للعاملين في الصحة على أنهم أدوات إنتاج قابلة للاستبدال، لا بشر لديهم حقوق واحتياجات.
كما أوضحت المقررة الخاصة، أن بعض عناصر النظام الصحي -مثل السياسات التأمينية ومعدات الحماية المصممة بمعايير غير شاملة- تزيد من هشاشة العاملين، خصوصاً النساء اللواتي يشكلن نحو 67% من القوى العاملة في القطاع.
ويرصد التقرير تصاعد الهجمات العنيفة على العاملين في الصحة، خاصة في مناطق النزاعات. ففي عام 2024 وحده، وثقت منظمة الصحة العالمية 1637 هجمة على مرافق الرعاية الصحية، أسفرت عن 937 وفاة و1774 إصابة بين صفوف العاملين.
وفي الأرض الفلسطينية المحتلة، سُجلت أكثر من 1450 اعتداءً على طواقم طبية وبنى تحتية صحية منذ 7 أكتوبر 2023، بينها أكثر من 100 هجوم مباشر على مرافق الرعاية الصحية في قطاع غزة.
وذكر التقرير أن الهجمات الإسرائيلية أدت إلى تعطيل 22 من أصل 28 مستشفى في غزة، بما فيها مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، الوحيد المتخصص في علاج السرطان، ما حرم نحو 10 آلاف مريض من الحصول على الرعاية.
وفي السودان، وثّقت منظمة الصحة العالمية أكثر من 140 هجمة على الرعاية الصحية منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023، في ظل نزوح تجاوز 11 مليون شخص حتى أكتوبر 2024.
وأكدت موفوكنغ في تقريرها أن على الدول التزاماً قانونياً دولياً بحماية العاملين في القطاع الصحي، وفقاً لمواثيق مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وإعلانات منظمة العمل الدولية.
وشددت على أن تأمين الحرية الجسدية والنفسية، والحق في الخصوصية، والموافقة المستنيرة، وظروف العمل العادلة، ليست مجرد مطالب مهنية بل حقوق إنسانية واجبة النفاذ.
واختتمت المقررة تقريرها بالتأكيد على أن العاملين في قطاع الصحة ليسوا فقط من يقدمون الرعاية، بل هم صوت حقوق الإنسان في الصفوف الأولى، ويجب دعمهم وتمكينهم حتى يتمكنوا من الاستمرار في أداء دورهم المحوري، لا سيما في البيئات المعادية التي يواجهون فيها التهديد والترهيب والموت.