"الغارديان".. ترحيل قسري للمسلمين في الهند يثير انتقادات حقوقية

اتهامات بـ"تطهير عرقي صامت"

"الغارديان".. ترحيل قسري للمسلمين في الهند يثير انتقادات حقوقية
ضباط شرطة هنود مع رجال يُعتقد أنهم مواطنون بنغلاديشيون بدون وثائق

تصاعدت الاتهامات الموجهة للحكومة الهندية بممارسة ترحيل قسري ممنهج للمواطنين المسلمين نحو الحدود مع بنغلاديش، في خطوة وُصفت بأنها تطهير عرقي ناعم يتم عبر مؤسسات الدولة وتحت ذرائع أمنية، بعد أسابيع من هجوم استهدف منطقة كشمير.

وأفادت صحيفة "الغارديان" البريطانية الخميس أن قوات أمن الحدود الهندية عمدت إلى نقل عشرات الأشخاص – بينهم مسنون وذوو إعاقة ومواطنون هنود فعليون – إلى المناطق الحدودية الشرقية، وإجبارهم على عبور الحدود نحو بنغلاديش تحت تهديد السلاح، دون إجراءات قانونية أو مراجعة قضائية بحسب تقارير حقوقية ومقابلات مع شهود.

ذرائع أمنية وواقع انتقائي

وأوضحت أن هذه الحملة جاءت بعد مقتل عدد من السائحين الهندوس في هجوم بكشمير، تبنته جماعة مسلحة، وهو ما استخدمته السلطات ذريعةً لتشديد القبضة الأمنية في عموم الهند، إلا أن المراقبين لاحظوا أن الإجراءات استهدفت المسلمين فقط، متجاهلة أصولهم وجنسيتهم القانونية.

وأكدت مصادر حقوقية أن عددًا من المرحّلين أُعيدوا لاحقًا من قبل السلطات البنغلاديشية بعد التحقق من أنهم يحملون أوراقًا هندية صحيحة، ما يعزز الاتهامات بأن الترحيلات تمت بدوافع دينية وليست قانونية.

خرق للدستور والقانون الدولي

يشير قانونيون إلى أن هذه الممارسات تشكل انتهاكًا صارخًا للدستور الهندي، الذي ينص في مواده (9 و14 و21) على ضمان الحريات الأساسية والمساواة أمام القانون، كما تتعارض مع الالتزامات الدولية للهند بموجب القانون العرفي الدولي، خصوصًا مبادئ عدم الإعادة القسرية وعدم التمييز.

وقالت منظمة "أودهيكار" البنغلاديشية في بيان إن ما يجري هو "إعادة تعريف للمواطنة على أسس دينية"، فيما وصفت منظمات دولية أخرى الحملة بأنها تمثل "إقصاءً سياسيًا وثقافيًا ممنهجًا للمسلمين من الحيز العام".

ردود فعل بنغلاديشية وتحذيرات إقليمية

في المقابل، رفضت بنغلاديش استقبال المرحّلين الذين لا يحملون وثائق بنغلاديشية، وعبّرت مصادر حكومية في دكا عن استيائها من محاولة نيودلهي تحميلها أعباءً داخلية ذات طابع ديموغرافي، محذرة من أن "هذا النهج الأحادي يقوض العلاقات الثنائية ويهدد الاستقرار الحدودي".

مخاوف مستقبلية وصمت دولي

يحذر مراقبون من أن استمرار هذه الممارسات دون تدخل دولي قد يُمهّد لمزيد من السياسات الإقصائية، مطالبين الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بموقف واضح ضد "الاستهداف المنظم للأقليات الدينية في الهند".

ويخشى كثيرون أن التسييس المتزايد لقضية الهوية الدينية والمواطنة قد يُفضي إلى تغييرات ديموغرافية خطِرة، ويُرسّخ مناخًا من القمع الممنهج، في حين يلتزم المجتمع الدولي صمتًا حذرًا حتى الآن.

المواطنة تحت التهديد

ترتبط هذه الإجراءات بحملة أوسع يقودها حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم (BJP) منذ سنوات، لترسيخ هوية هندوسية في الهند، وقد سبق أن أقرت الحكومة قانون تعديل المواطنة (CAA) الذي يمنح اللجوء الديني للهندوس والبوذيين دون المسلمين، كما نفّذت تحديثًا مثيرًا للجدل لـ"السجل الوطني للمواطنين" (NRC) في ولاية آسام، أسفر عن تهديد جنسية ما يقرب من مليون شخص، معظمهم من المسلمين.

يُشكّل المسلمون نحو 14% من سكان الهند، أي ما يزيد على 200 مليون نسمة، ما يجعلهم ثاني أكبر تجمع للمسلمين في العالم بعد إندونيسيا، ورغم تاريخ طويل من التعايش، تصاعدت وتيرة التمييز والعنف ضد المسلمين منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا (BJP) القومي الهندوسي إلى السلطة عام 2014، بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي.

ومنذ ذلك الحين، سجلت منظمات حقوقية محلية ودولية سلسلة من الانتهاكات، أبرزها: قوانين تحظر الذبح الحلال أو بيع اللحوم في بعض الولايات، وحملات "حب الجهاد" التي تتهم الرجال المسلمين باستهداف نساء هندوسيات للزواج، وهدم منازل مملوكة لمسلمين بحجة "البناء غير القانوني"، وتمرير قانون تعديل المواطنة (CAA) عام 2019 الذي يمنح الجنسية للاجئين من بعض الأديان ويستثني المسلمين، إضافة إلى العنف الطائفي المتكرر، مثل أعمال الشغب في دلهي عام 2020، التي أسفرت عن مقتل العشرات، غالبيتهم من المسلمين.

وقد حذّرت تقارير للأمم المتحدة ومنظمات مثل "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية" من أن سياسات الحكومة الحالية تعزز خطاب الكراهية وتؤسس لنمط تهميش منهجي للأقلية المسلمة في الهند، سواء سياسيًا أو اقتصاديًا أو قانونيًا.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية