القضاء الأمريكي يجيز رفع دعاوى ضد السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير

القضاء الأمريكي يجيز رفع دعاوى ضد السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير
المحكمة العليا الأمريكية

أصدرت المحكمة العليا الأمريكية، يوم الجمعة، قرارًا تاريخيًا يتيح للضحايا الأمريكيين لهجمات وقعت في إسرائيل والضفة الغربية خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، التقدّم بدعاوى مدنية ضد السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، للمطالبة بتعويضات مادية.

جاء القرار بالإجماع، وكتبه رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، مؤكدًا أن "الحكومة الفيدرالية يمكن أن تضع ترتيبات قانونية محدودة لضمان حصول الأمريكيين المتضررين من أعمال إرهابية على مسار قضائي مناسب لإنفاذ حقهم في التعويض" وفق فرانس برس.

انتكاسة قانونية

بدأ النزاع القانوني منذ نحو عقد بين عائلات أمريكية فقدت أبناءها في هجمات نسبت إلى فصائل فلسطينية وقعت بين عامي 2002 و2004 خلال الانتفاضة الثانية، وأدّت إلى مقتل أو جرح عدد من الأمريكيين في إسرائيل والضفة الغربية.

وفي عام 2015، منحت محكمة فيدرالية في نيويورك تلك العائلات تعويضات بلغت 655 مليون دولار، غير أن محكمة استئناف في نيويورك ثم المحكمة العليا ألغتا الحكم، معتبرتين أن القضاء الأمريكي لا يملك الاختصاص بالنظر في هذه القضايا.

لكن الكونغرس الأمريكي أعاد فتح الباب أمام هذه القضايا في 2019، حين أقر قانونًا جديدًا خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب، يقضي بإخضاع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير للقضاء الأمريكي إذا تبين أنهما تدفعان تعويضات أو مخصصات مالية لعائلات من نفذوا هجمات ضد أمريكيين.

قانون 2019 يعيد رسم المشهد

أوضح القرار القضائي أن القانون الأمريكي لعام 2019 لا يشكّل انتهاكًا للحق في الدفاع أو محاكمة عادلة، لكون السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير كانتا على علم تام بالدعاوى المقامة ضدهما.

ويستند القانون إلى اتهامات وجهتها واشنطن لجهات فلسطينية بدفع "مخصصات" لأسر منفذي الهجمات، بمن فيهم أسر المعتقلين أو القتلى خلال تنفيذ عمليات ضد إسرائيل، وهو ما تعده الولايات المتحدة حافزًا على العنف.

وكان هذا البند محلّ انتقاد فلسطيني متكرر، واعتُبر شكلًا من أشكال الضغط السياسي لوقف ما يُسمّى بـ"مخصصات الشهداء والأسرى".

إصلاح نظام “مخصصات الشهداء”

في فبراير الماضي، أعلنت السلطة الفلسطينية عن تعديل جزئي في نظام دفع مخصصات أسر الشهداء والأسرى، استجابة لمطالب أمريكية متكررة. ورغم الترحيب الحذر الذي قوبل به القرار، فإنه لم يؤثر في سير الدعاوى القضائية.

يبقى الآن أمام العائلات المتضررة التقدّم رسميًا لاستئناف المطالبة بالتعويضات أمام المحاكم الفيدرالية الأمريكية، بعد أن منحها قرار المحكمة العليا الضوء الأخضر لمتابعة القضايا، في سابقة قد تفتح الباب أمام دعاوى مماثلة في المستقبل.

تعقيدات النزاع السياسي

تعود جذور القضية إلى فترة الانتفاضة الثانية (2000–2005)، حين وقعت سلسلة هجمات نفذها فلسطينيون ضد أهداف إسرائيلية، أسفرت عن مقتل وجرح عدد من المواطنين الأمريكيين. ومنذ ذلك الحين، لجأت عائلات الضحايا إلى المحاكم الأمريكية مطالبة بمحاسبة السلطة ومنظمة التحرير بدعوى "الدعم المادي" للمنفذين.

ومع أن السلطة الفلسطينية ليست دولة ذات سيادة كاملة ولا تملك تمثيلًا دبلوماسيًا دائمًا في واشنطن، فإن سن قانون "مكافحة تمويل الإرهاب" في 2019 منح القضاء الأمريكي سلطة النظر في القضايا إذا تبين وجود دعم مالي من هذه الجهات لمنفذي الهجمات.

يُنظر إلى هذا القرار كمؤشر على ازدياد استخدام الأدوات القانونية داخل الولايات المتحدة لمساءلة كيانات أجنبية في قضايا تتعلق بالإرهاب أو العنف السياسي، وسط جدل مستمر حول انعكاسات ذلك على النزاع الفلسطيني الإسرائيلي ومساعي السلام.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية