"لا سلام دون وقف العدوان الإسرائيلي".. إجماع عربي على رفض التصعيد بالمنطقة
خلال الاجتماع الوزاري العربي الطارئ في إسطنبول
أدان وزراء الخارجية العرب بأشد العبارات، العدوان الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، محذرين من انعكاسات هذه الحرب الخطِرة على أمن المنطقة واستقرارها، وعلى قواعد القانون الدولي.
جاء ذلك في ختام اجتماع طارئ عقده مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في مدينة إسطنبول التركية، وذلك على هامش الدورة الـ51 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، برئاسة المملكة الأردنية الهاشمية، ومشاركة الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، وعدد من رؤساء الوفود ووزراء الخارجية.
وخلص اجتماع المجلس إلى تبني مواقف وخطوات عدة، أبرزها إدانة العدوان الإسرائيلي على إيران، واعتباره انتهاكًا صارخًا لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة، وتهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي والدولي، والمطالبة بوقف التصعيد فورًا، والسعي نحو تهدئة شاملة.
ودعا إلى ضرورة استئناف المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، ودعم كافة الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار وخفض التوتر في المنطقة، موجها دعوة إلى مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياتهم لوقف الخروقات الإسرائيلية المتكررة للقانون الدولي، والتدخلات التي تهدد أمن الشرق الأوسط.
رفض اللجوء للحلول العسكرية
وأكدت مخرجات الاجتماع أن الحوار والدبلوماسية، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، هما السبيل الوحيد لتسوية الأزمات في المنطقة، ورفض اللجوء إلى الحلول العسكرية، فضلاً عن التشديد على أن تحقيق تهدئة شاملة في الشرق الأوسط لن يكون ممكنًا دون إنهاء العدوان على غزة.
وطالب المشاركون في الاجتماع الوزاري الرفيع بالسماح الفوري وغير المشروط بإدخال المساعدات الإنسانية، ووقف كافة الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب في الضفة الغربية المحتلة، والتي تعرقل حل الدولتين وتقوّض فرص السلام العادل والدائم.
وحذّر المجلس الوزاري من أن إسرائيل تدفع المنطقة نحو مزيد من التوتر والصراع، داعيًا إلى تحرك دولي فاعل لوقف السياسات العدوانية والعمل على إحياء مسار السلام، انطلاقًا من مبادرة السلام العربية لعام 2002 وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
التسوية السلمية لقضية فلسطين
ورحب المجتمعون بعقد "المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين"، الذي تنظمه الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية، وحثوا جميع الدول الأعضاء على المشاركة فيه فور الإعلان عن موعده الجديد.
وفي السياق ذاته، رحب المجلس بمبادرة جمهورية مصر العربية لاستضافة مؤتمر دولي لدعم التعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وشدد المجلس على ضرورة الامتناع عن استهداف المنشآت النووية الخاضعة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لما قد يترتب عليه من كوارث بيئية وإنسانية مدمرة، داعيًا إلى احترام سيادة الدول كافة، ورفض أي انتهاك لسلامتها الإقليمية أو محاولة لزعزعة استقراره، إلى جانب ضرورة ضمان حرية الملاحة في الممرات المائية الدولية، تفاديًا لأي تداعيات على الاقتصاد العالمي وأمن الطاقة.
منطقة خالية من أسلحة الدمار
وفي ختام البيان، جدد وزراء الخارجية العرب دعمهم لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، استنادًا إلى قرارات الأمم المتحدة ومخرجات القمم العربية، آخرها قمة بغداد في مايو 2025، مع التشديد على ضرورة انضمام جميع دول المنطقة إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
وتندرج الحرب الإسرائيلية – الإيرانية في سياق صراع طويل ومعقّد بين الطرفين، تغذّيه الملفات النووية، والتدخلات الإقليمية، والتحالفات العسكرية المتصارعة في الشرق الأوسط، إذ تتراكم التوترات عبر هجمات سيبرانية، وعمليات استخباراتية، وضربات جوية متبادلة بالوكالة في سوريا والعراق واليمن.
وقبل سنوات، تنظر إسرائيل إلى البرنامج النووي الإيراني باعتباره تهديدًا وجوديًا، في حين ترى طهران أن الاستفزازات الإسرائيلية جزء من مشروع لفرض الهيمنة وحرمانها من دور إقليمي مشروع.
يأتي التحرك العربي الراهن ليحذّر من أن تحول هذه المواجهة إلى حرب مفتوحة سيقود المنطقة إلى مرحلة غير مسبوقة من الفوضى وعدم الاستقرار. لذا، فإن الدعوة إلى ضبط النفس، والعودة إلى طاولة المفاوضات، واحترام القانون الدولي، لا تعد مجرد مواقف مبدئية، بل ضرورة إقليمية وأمنية لكبح الانزلاق نحو صراع أوسع، قد تتخطى تبعاته حدود إسرائيل وإيران، وتمتد إلى كامل الخارطة الجيوسياسية للمنطقة.