"واشنطن بوست": دعوى قضائية تطعن في قانون تينيسي الذي يجرّم إيواء المهاجرين

"واشنطن بوست": دعوى قضائية تطعن في قانون تينيسي الذي يجرّم إيواء المهاجرين
القضاء الأمريكي - أرشيف

أطلق المجمع الجنوبي الشرقي للكنيسة الإنجيلية اللوثرية في أمريكا دعوى قضائية فيدرالية ضد قانون جديد في ولاية تينيسي يُجرّم إيواء المهاجرين غير النظاميين. 

ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست"، اليوم الأربعاء، جاءت الخطوة قبل أيام من دخول القانون حيز التنفيذ مطلع يوليو، بمشاركة مالك عقار في ناشفيل ومهاجر مكسيكي مقيم في الولاية.

اتهم مقدمو الدعوى القانون بالغموض الدستوري، وعدّوه يتجاوز سلطة الحكومة الفيدرالية في تنظيم الهجرة، ما يعرض الكنائس ومجتمعات المهاجرين ومُلّاك العقارات لملاحقات قضائية تعسفية.

“تهريب البشر”.. جريمة

صنّف القانون الجديد "تهريب البشر" بوصفه جريمة تشمل "إيواء أو إخفاء أو حماية" أشخاص تعدهم سلطات الهجرة داخل الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، إذا كان ذلك لأغراض ربحية.

ويستهدف النص القانوني من يوفرون المأوى مقابل كسب مالي، لكنه لا يعرّف صراحةً مفهوم "المأوى"، ما أثار مخاوف من ملاحقة الجماعات الدينية والإنسانية.

وطالب المحامي بيل باول، ممثل المدعين، المحكمة بإبطال القانون، مؤكدًا أن تطبيقه قد يولّد مناخًا من الخوف ويزعزع استقرار مجتمعات المهاجرين، مضيفًا: "هناك جوانب تجعل هذا القانون سيئًا بشكل فريد".

جدل حول الحريات الدينية

احتجت الكنيسة اللوثرية بأن القانون ينتهك حقوقها الدينية المضمونة بموجب التعديل الأول للدستور الأمريكي، ورأت أن تقديم خدمات مثل دروس اللغة ومطابخ الحساء والمساعدة في السكن يُعدّ تعبيرًا عن إيمانها، بغض النظر عن الوضع القانوني للمستفيدين.

وأوضح الأسقف كيفن ستريكلاند، رئيس المجمع الجنوبي الشرقي، أن هذه السياسات تضر بجوهر الرسالة المسيحية، وقال: "عندما تستهدف الحكومة جيراننا المهاجرين وتُقيّد أماكن العبادة، فإنها تجرح رسالتنا الروحية".

وأشاد السيناتور برنت تايلور، أحد رعاة القانون، بالهدف الأمني للنص، وقال: "لا أعتقد أن المدعين يسعون عمدًا للتحايل على قوانين الهجرة، وإذا لم يكن هناك كسب مالي، فلن تطولهم الملاحقة".

وعدّ النائب كريس تود، وهو أيضًا من الحزب الجمهوري، القانون يهدف لمنع الاتجار بالبشر وليس لمهاجمة الكنائس أو مُلّاك العقارات.

التعليق على القضية

رفض مكتب حاكم الولاية بيل لي والمدعي العام جوناثان سكرميتي التعليق على القضية، في حين التزم مؤتمر مدّعي المقاطعات في تينيسي الصمت حيالها.

وتبنّت ولايات يقودها الجمهوريون، مثل تينيسي وأوكلاهوما، توجهات تشريعية تتحدى الصلاحيات الفيدرالية في إدارة الهجرة، أعاد الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية تقديم طعن قانوني في أوكلاهوما على مشروع قانون مشابه يُجرّم جرائم مرتبطة بالإقامة غير النظامية داخل الولاية.

وركّز المشرعون في تينيسي على الجانب الأمني للقانون، مؤكدين أنه يستهدف حماية الفئات المستغلة من قِبل تجار البشر، في حين يرى المعارضون أن النص قد يُستخدم لمعاقبة أنشطة إنسانية بحتة.

التفسير التعسفي للقانون

عبّر غاريت كوزي، مالك عقار في ناشفيل وأحد المدعين، عن قلقه من التبعات القانونية، وأفاد بأنه يؤجر منزله لمهاجر غواتيمالي لديه وضع قانوني، لكنه يخشى مقاضاته في حال أُسيء تفسير القانون.

قال كوزي، الذي يعمل في منظمة غير ربحية تُعنى بحقوق المهاجرين، إن الهدف من تأجير منزله ليس الربح، بل تمكين الناس من السكن بغض النظر عن وضعهم القانوني، محذرًا من فقدان عمله إذا وُجهت له تهمة جنائية.

وأكدت المديرة التنفيذية لبرنامج "حق الإخلاء في الاستعانة بمحامٍ" التابع لنقابة المحامين الهسبانيين في ناشفيل، آن بوتنر، أن القانون بدأ يؤثر قبل دخوله حيّز التنفيذ، وتحدثت عن تلقي منظمتها العديد من المكالمات من أسر مهاجرة طُردت فجأةً من مساكنها.

إثباتات قانونية للإقامة

أشارت بوتنر إلى أن بعض مُلّاك العقارات بدؤوا يطالبون السكان بإثباتات قانونية للإقامة، وهو ما حدث في 14 مايو حين أُجبرت إحدى الأسر على إخلاء منزلها خلال خمسة أيام، رغم امتلاكها عقد إيجار ساري المفعول.

ينص القانون الجديد على استثناءات محدودة تشمل المحامين ومقدّمي الرعاية الصحية، لكنه يفتقر لتعريف واضح لمصطلح "المأوى"، وأكد المحامي باول أن هذا الغموض يسمح بتجريم أنشطة مثل دروس اللغة الإنجليزية، أو استضافة مهاجرين في الكنائس أو الأسر المختلطة.

لفت باول إلى أن مصطلح "المنفعة التجارية" قد يُفسّر بمرونة ضارة، بما في ذلك دعم مالي تتلقاه الكنائس لتوفير مأوى أو خدمات أساسية، ما يعرضها للملاحقة.

حجج دستورية متعددة

استندت الدعوى إلى حجج دستورية متعددة، منها انتهاك التعديل الأول (حرية المعتقد)، والتعديل الرابع عشر (الحماية المتساوية)، بالإضافة إلى مخالفة مبدأ السيادة الفيدرالية في تنظيم الهجرة.

وذكرت الدعوى أن الكنيسة لم تكن تُخفي طالبي اللجوء الفنزويليين الذين أقاموا لديها أكثر من عام، بل كانت تُقدّم لهم خدمات إنسانية وفق تعاليمها الدينية.

وأبدى السيناتور تايلور استعدادًا لتعديل القانون في حال أظهرت المحاكم تفسيرًا يضر بالجماعات المدنية، وقال: "إذا تلقّينا توجيهات قضائية توضح الحاجة للتعديل، فلن نتردد في القيام بذلك".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية