«واشنطن بوست»: إدارة الهجرة تحتجز طالباً فلسطينياً بجامعة كولومبيا

رغم حصوله على (بطاقة خضراء) منذ 10 سنوات

«واشنطن بوست»: إدارة الهجرة تحتجز طالباً فلسطينياً بجامعة كولومبيا
محسن مهداوي

احتجزت السلطات الأمريكية الطالب الفلسطيني محسن مهداوي، الحاصل على الإقامة الدائمة (البطاقة الخضراء) منذ عشر سنوات، خلال حضوره مقابلة للحصول على الجنسية الأمريكية، داخل مركز تابع لإدارة الهجرة والجمارك (ICE) في بلدة كولشيستر بولاية فيرمونت.

ووفقا لتقرير نشرته "واشنطن بوست"، اليوم الثلاثاء، دخل مهداوي، الطالب في جامعة كولومبيا، صباح يوم الاثنين إلى مقر إدارة الهجرة في الموعد المحدد لمقابلة التجنُّس، كان من المقرر أن تُعقد المقابلة عند الساعة الحادية عشرة صباحًا بالتوقيت الشرقي. 

وبعد نحو ساعة فقط، قيّده المسؤولون بالأصفاد، واقتادوه إلى موكب من السيارات، ثم نُقل إلى مكان احتجاز غير معلوم.

نشاط طلابي ومخاوف انتقام

برز اسم مهداوي في أوساط النشاط الطلابي بجامعة كولومبيا، حيث كان من الأصوات البارزة في المظاهرات المناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة، وأكد محاموه أن اعتقاله جاء بدافع سياسي وانتقامي، بسبب مشاركته في نشاط سلمي يكفله القانون.

وقال المحامي سايروس ميهتا لصحيفة "واشنطن بوست" إن موكله استوفى جميع الشروط القانونية للحصول على الجنسية الأمريكية، وكان ينبغي أن يحصل عليها دون عقبات، وأضاف: "لا يوجد أي مبرر قانوني لاحتجاز مقيم دائم قانوني في ظروف غير معلنة".

وبادر الفريق القانوني لمهداوي بتقديم طلب لإصدار أمر قضائي بالإحضار، إلى جانب التماس لإيقاف ترحيله، واستند الطلب إلى أن الاعتقال تم بطريقة انتقائية، بهدف معاقبته على خطاب سياسي مشروع محمي بموجب التعديل الأول للدستور الأمريكي.

واستجاب قاضٍ في ولاية فيرمونت لهذا الطلب يوم الاثنين، وأصدر أمرًا يمنع ترحيله أو نقله خارج الولاية بشكل مؤقت، في انتظار البت في القضية.

صمت رسمي وانتقادات أكاديمية

لم تصدر إدارة الهجرة والجمارك ولا وزارة الأمن الداخلي أي تعليق رسمي حتى الآن بشأن أسباب الاعتقال أو مكان الاحتجاز.

وعلّقت مديرة عيادة حقوق المهاجرين في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا، إيلورا موخيرجي، على الواقعة بالقول: "هذا الاعتقال يبعث برسالة مُرعبة: لا أحد في مأمن، ويجب إسكات الأصوات غير الأمريكية".

وأشارت إلى أن السلطة التنفيذية تتجاوز صلاحياتها، وتضع مبدأ سيادة القانون وديمقراطية البلاد الدستورية على المحك.

موقف سياسي ودعم من نواب

ندّد أعضاء الكونغرس عن ولاية فيرمونت، وهم السيناتور بيرني ساندرز والسيناتور بيتر ويلش والنائبة بيكا بالينت، باعتقال مهداوي، ووصفوه بأنه "غير أخلاقي وغير قانوني"، وطالبوا بالإفراج الفوري عنه.

وتزامن اعتقال مهداوي مع تصاعد في الإجراءات ضد طلاب جامعيين اتُّهموا بمعاداة السامية نتيجة مشاركتهم في مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين.

ويُعتقد أن هذه الإجراءات تأتي في سياق توجهات إدارة ترامب لفرض قيود مشددة على الخطاب الأكاديمي والسياسي داخل الجامعات.

حالات مشابهة وضغوط

شهد شهر مارس اعتقال طالب فلسطيني آخر في جامعة كولومبيا يُدعى محمود خليل، وهو حامل أيضًا للبطاقة الخضراء، وقضى قاضٍ مختص بالهجرة في ولاية لويزيانا بإمكانية ترحيله، وحدد يوم 23 أبريل كموعد نهائي لتقديم طلب إعفاء قانوني، وتستمر الطعون القانونية في قضيته أمام محكمة نيوجيرسي.

واتهم السيناتور الجمهوري ماركو روبيو خليل وطالبًا آخر لم يُكشف اسمه بأن وجودهما يُقوّض جهود الولايات المتحدة في مكافحة معاداة السامية، وهو ما رفضه فريق الدفاع بشدة.

وأفادت تقارير بأن منظمات يمينية مثل "بيتار يو إس" ضغطت على إدارة ترامب لترحيل طلاب مؤيدين للقضية الفلسطينية، وذكرت المنظمة أن مهداوي واثنين آخرين وُضعوا على قائمة تُسهِّل إجراءات ترحيلهم بموجب أمر تنفيذي يربط انتقاد إسرائيل بمعاداة السامية.

وزودت المنظمة جهات حكومية بملفات عن نشاطهم الطلابي ووضعهم القانوني، وقد أُلغيت تأشيرة أحدهم، الطالب مومودو تال، وغادر الولايات المتحدة لاحقًا، معربًا عن فقدانه الثقة في سلامته داخل البلاد.

خلفية شخصية ومسار أكاديمي

أظهرت وثائق المحكمة أن محسن مهداوي ينحدر من مخيم للاجئين الفلسطينيين، ومن المتوقع أن يتخرج في جامعة كولومبيا مايو المقبل، بعد قبوله في برنامج الماجستير بكلية الشؤون الدولية والعامة في الخريف.

وأوضحت الوثائق أن نشأته في بيئة لاجئين دفعته للنشاط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني، كما وصف نفسه بأنه بوذي يؤمن باللاعنف، ودعا خلال احتجاجات الجامعة إلى حل سياسي سلمي للصراع في الشرق الأوسط.

وخلال مقابلة أُجريت معه في برنامج "60 دقيقة" في ديسمبر 2023، استعاد مهداوي حادثة مؤلمة من طفولته، حين شاهد جنديًا إسرائيليًا يقتل صديقه المقرب أمام عينيه وهو في العاشرة من عمره.

وأكد أن هذه التجربة شكّلت وعيه السياسي، وجعلته يرى أن النضال من أجل حرية فلسطين يجب أن يسير جنبًا إلى جنب مع محاربة معاداة السامية.

وقال في المقابلة: "الظلم في أي مكان هو تهديد للعدالة في كل مكان".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية