معتز عزايزة.. مصور فلسطيني يتجول في الولايات المتحدة لجمع تبرعات لغزة
معتز عزايزة.. مصور فلسطيني يتجول في الولايات المتحدة لجمع تبرعات لغزة
احتشد مئات الأشخاص في كنيسة بمدينة فيلادلفيا الأمريكية، لرؤية المصور الصحفي الفلسطيني معتز عزايزة، الذي تحوّل إلى رمز إنساني عالمي خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، بعدما وثّق بعدسته يوميات الحرب والدمار ومعاناة المدنيين في واحدة من أكثر مناطق العالم دموية في الوقت الراهن.
برز عزايزة، ابن مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، كونه مصدراً موثوقاً للصور ومقاطع الفيديو التي نقلت لحظات الألم والنجاة، وأسهمت في إيصال معاناة الفلسطينيين في القطاع إلى جمهور عالمي غير مسبوق، وفق وكالة "فرانس برس".
وعلى منصّة إنستغرام، قفز عدد متابعيه من 25 ألفاً فقط قبل الحرب إلى أكثر من 16.7 مليون متابع حالياً، أي ما يعادل نحو ثمانية أضعاف عدد سكان قطاع غزة.
وقال عزايزة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في فيلادلفيا: "كنت أتمنى أن أصبح معروفاً من دون حدوث هذه الإبادة الجماعية".
وأضاف: "أنا من غزة، وهذا موطني، لا أستطيع أن أتعامل مع ما يحدث كمتفرّج، لأنني جزء منه. الألم الشخصي لا ينفصل عن العمل الصحفي".
جولة لجمع التبرعات
يقوم عزايزة حالياً بجولة واسعة في الولايات المتحدة، تهدف إلى جمع تبرعات لصالح وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، في وقت تواجه فيه الوكالة نقصاً حاداً في التمويل، بعد قرار عدد من الدول، على رأسها الولايات المتحدة، تعليق مساهماتها المالية إثر مزاعم إسرائيلية حول "علاقات بين بعض موظفي الوكالة وحركة حماس".
وخلال الأمسية، وجّه أحد ممثلي الأونروا نداءً مباشراً، قائلاً: "من يتبرع بعشرين ألف دولار؟ عشرة آلاف؟"، قبل أن تبدأ أيادي الحضور تُرفع بالتدريج، عند حاجز الخمسة آلاف وأقل، في مشهد وصفه المنظمون بأنه "نبض إنساني مفعم بالتعاطف".
وأكّد المتبرع نبيل سرور من فيلادلفيا أن "الصور التي التقطها معتز جعلت من غزة مكاناً حقيقياً نعيش فيه، لا مجرد خبر عابر"، مضيفاً: "ترى طفلاً، وجهه مغطى بالغبار، تشعر أنك تعرفه، أنه يشبه ابنك أو جارك".
الغائب في السرد الغربي
عبّرت فيرونيكا مورغوليسكو، طالبة الطب في جامعة فيلادلفيا، عن تقديرها لما وصفته بـ"الصدق العاطفي" الذي تحمله توثيقات الصحافيين الغزيين.
وقالت: "الإعلام الغربي يفتقد لهذه الحميمية، وهذه المصداقية. معتز وصحافيون آخرون من غزة لمسوا مشاعرنا لأنهم يعيشون ما ينقلونه".
بدورها، أوضحت الدكتورة سحر خميس، أستاذة التواصل في جامعة ميريلاند، أن "الصور التي يلتقطها صحافيون من قلب الحرب تملك قوة سردية لا تُضاهى".
وتابعت: "يُقال إن الصورة تساوي ألف كلمة، لكن في الحروب، الصورة تساوي مليون كلمة. ما يفعله معتز عزايزة ليس فقط توثيقاً؛ إنه عمل مقاومة بصرية ضد محو الحقيقة".
مسؤولية لا تُحتمل
بعد 108 أيام من القصف والدمار المتواصلين، نجح عزايزة في الخروج من غزة عبر مصر، لكنه رغم تهافت الإعلام والمنظمات الدولية عليه، لا يشعر بارتياح للشهرة التي حصدها.
وقال: "لا أستطيع تحمل كل هذه الشهرة، إنها مسؤولية كبيرة، هذا ليس أنا. كل ما أريده هو أن تنتهي هذه الإبادة الجماعية، لأتمكن من العودة إلى غزة ومواصلة التقاط الصور، هذا كل ما أريده".
وقبل نهاية الأمسية، وقف معتز في وسط الحضور، ورفع هاتفه ليلتقط صورة سيلفي مع الحاضرين الذين هتفوا له، في حين صافح بعينين دامعتين عدداً من المتبرعين، في مشهد يختزل وجع الوطن، وثقل المسؤولية، وأمل العودة.