انتشار جثث متعفنة لمصابين بالكوليرا يثير الذعر في السودان
انتشار جثث متعفنة لمصابين بالكوليرا يثير الذعر في السودان
كشفت صحيفة "سودان تربيون"، اليوم الأحد، في تقرير ميداني عن انتشار جثث متعفنة لمصابين بمرض الكوليرا في مناطق متفرقة من السودان، في وقت تتصاعد فيه التحذيرات من موجة وبائية جديدة مع اقتراب موسم الخريف الذي يصاحبه عادة تدهور في الأوضاع البيئية والصحية.
وأظهرت الصور التي تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي جثثًا مكدسة في العراء، التُقطت من مناطق مختلفة من الخرطوم وولاية الجزيرة وإقليم دارفور، ما أثار حالة من الذعر العام بين السكان الذين يعانون أصلاً من آثار الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من عامين.
جثث في شوارع أم درمان
وأكّد متطوعون ميدانيون، من بينهم أحمد فاروق من منطقة أم درمان، أنهم اضطروا إلى دفن عدد كبير من جثث المصابين بالكوليرا أخيرًا، خصوصًا في المناطق الجنوبية من المدينة التي كانت تشهد شحًا في الإمدادات الصحية ومياه الشرب.
وتُظهر التقارير الطبية أن سبب تفشي الوباء في بعض المناطق يعود إلى اعتماد السكان على محطات مياه ملوثة، تضررت بنيتها التحتية بسبب القصف والحصار خلال الحرب، الأمر الذي أدى إلى إصابات جماعية ووفاة أعداد كبيرة من المواطنين.
وذكر تقرير حديث صادر عن إدارة الرقابة الصحية في وزارة الصحة أن فرقها فحصت 1412 مصدرًا للمياه، وتبين أن 328 منها غير صالحة للاستهلاك الآدمي، وهو ما يعزز المخاوف من استمرار تفشي الكوليرا في الأسابيع المقبلة.
تحذيرات من كارثة صحية
وأفادت متطوعة تعمل ضمن فرق الاستجابة أن الجثث لا تقتصر على العاصمة فقط، بل تنتشر أيضاً في شرق دارفور وغربها وجنوبها، حيث تواجه الطواقم الطبية صعوبات كبيرة في الوصول إلى المواقع المنكوبة، بسبب رفض قوات الدعم السريع التعاون مع الفرق الصحية.
وأضافت أن العشرات من الجثث بقيت في العراء لأيام، في ظل غياب الإمكانات الطبية وغياب التنسيق مع الجهات المسلحة المنتشرة في الإقليم، ما يهدد بتفشي المرض بوتيرة أسرع وبأعداد غير مسبوقة.
وقال مصدر في وزارة الصحة بولاية الخرطوم، فضّل عدم ذكر اسمه، إن هناك جثثًا متعفنة تم رصدها بالفعل في جنوب أم درمان، مشيرًا إلى أن السلطات الصحية والأمنية "قامت باتخاذ الإجراءات اللازمة"، دون أن يوضح طبيعة هذه الإجراءات أو مدى فعاليتها.
وأكد أن عمليات التعقيم لا تزال جارية في بعض المواقع، بينما امتنعت السلطات عن الكشف عن المواقع المحددة التي نُقلت منها الجثث أو تلك التي لا تزال الجثث فيها قابعة وسط الأحياء السكنية.
قيود على الاتصال
وأشار تقرير "سودان تربيون" إلى أن الصحيفة لم تتمكن من التحقق بشكل مستقل من وجود الجثث في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، نظراً إلى قيود مفروضة على خدمات الإنترنت، سواء عبر الأقمار الصناعية أو الشبكات المحلية، حيث منعت القوات السكان من استخدامها أو فرضت قيودًا صارمة على الأجهزة والتراخيص.
ويأتي تفشي الكوليرا في وقت يعاني فيه السودان من أزمة إنسانية معقدة، بسبب الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023، والتي أدت إلى نزوح أكثر من 10 ملايين شخص ودمار واسع في الخدمات الصحية ومرافق المياه.
ويحذر الخبراء من أن غياب الاستجابة السريعة والتدخل الدولي سيفتح الباب أمام موجة وبائية حادة خلال موسم الخريف، في ظل تراجع قدرة الدولة على إدارة الكوارث الصحية، وتدهور الوضع البيئي، وانتشار المياه الراكدة والمستنقعات.
دعوات لتدخل دولي
ووسط هذا الوضع المأساوي، يطالب ناشطون ومنظمات مجتمع مدني بتدخل عاجل من الأمم المتحدة والمنظمات الصحية الدولية لإنقاذ الأرواح واحتواء الكارثة، خصوصًا مع انهيار المنظومة الصحية في معظم المناطق المتأثرة.
ويؤكد العاملون في المجال الإنساني أن الوقت ينفد، وأن كل تأخير في التدخل قد يضاعف عدد الضحايا، خصوصًا في المناطق التي لا تزال خارج سيطرة الدولة ولا تصلها فرق الطوارئ.