"يهدد الديمقراطية".. الحزب الاشتراكي يصعّد ضد اليمين المتطرف في ألمانيا

"يهدد الديمقراطية".. الحزب الاشتراكي يصعّد ضد اليمين المتطرف في ألمانيا
حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)

صعّد الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني (SPD)، من لهجته تجاه اليمين المتطرف، مؤكدًا خلال مؤتمره الحزبي أن "أكبر تهديد يواجه الديمقراطية الألمانية اليوم هو التطرف اليميني"، في إشارة مباشرة إلى حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD)، الذي يثير جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والاجتماعية الألمانية، وسط تصاعد شعبيته في بعض الولايات الشرقية للبلاد.

ودعا الحزب إلى تحرك واسع يعيد تفعيل تصنيف حزب AfD كـ"منظمة يمينية متطرفة"، وهو التصنيف الذي أعلنه المكتب الاتحادي لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في مايو الماضي، قبل أن يتم تعليقه مؤقتًا بقرار قضائي عقب طعن الحزب عليه أمام المحاكم الإدارية المختصة، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، اليوم الاثنين.

وأقر الحزب الاشتراكي، خلال مؤتمره في برلين، إنشاء مجموعة عمل مشتركة بين الولايات الاتحادية، تتولى جمع معلومات دقيقة حول أنشطة وتصريحات قيادات AfD، بهدف دعم إعادة تصنيفه رسميًا كحزب معادٍ للدستور. 

وأكد الحزب أن النتائج المنتظرة من هذا الفريق سيتم رفعها إلى هيئة حماية الدستور لتقييم مدى توافق الحزب اليميني مع المبادئ الدستورية، تمهيدًا لتحريك دعوى جديدة ضده، وقد يصل الأمر في حال توفر الأدلة الكافية إلى السعي لحظره قانونيًا.

وشدد الحزب في بيانه الختامي على أن "مواجهة التطرف اليميني ليست خيارًا سياسيًا بل مسؤولية تاريخية"، مؤكدًا أنه "من خلال إدراكنا لتاريخ بلادنا، ومن خلال دفاعنا عن الحريات، نُدرك أن حماية الديمقراطية واجب لا يقبل التأجيل".

دعم الخضر وتحفظات اليمين

أيد حزب الخضر، الشريك في الائتلاف الحاكم، المقترح الاشتراكي، معتبرًا أن "صعود قوى معادية للديمقراطية داخل النظام الانتخابي يشكل تهديدًا فعليًا"، في حين عبّر الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) والاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU) عن تحفظات علنية، وحذّرا من أن المضي نحو حظر حزب سياسي قد يفسّر على أنه "إسكات للخصوم بدل مواجهتهم بالحجج".

وقال المستشار الاتحادي الأسبق فريدريش ميرتس، زعيم حزب CDU، إن "حظر حزب البديل، رغم رفضنا لأجندته المتطرفة، يشبه في مضمونه محاولة إقصاء المنافسين من الساحة بدل تفنيد أفكارهم أمام الرأي العام"، لكنه جدد رفضه لأي تعاون مباشر أو غير مباشر مع حزب AfD.

أما ماركوس سودر، زعيم CSU، فقد حذّر من أن الحل لا يكمن في الحظر، بل في المواجهة السياسية المنظمة، قائلاً: "علينا مواجهة خطاب الكراهية والتفرقة، لكن ليس من خلال المنع بل بالجدل العلني المباشر".

هروب من الأزمات الاقتصادية

اعتبر محللون سياسيون أن تصعيد الحزب الاشتراكي الديمقراطي ضد حزب AfD يعكس جزئيًا محاولة لصرف الأنظار عن أزماته الداخلية، خصوصًا في ظل التراجع الواضح في شعبيته بالانتخابات الإقليمية الأخيرة، والانقسامات داخل صفوفه بشأن ملفات مثل المساعدات الاجتماعية والهجرة.

واتهمت بعض الصحف الألمانية الحزب بالبحث عن "كبش فداء سياسي"، متجاهلًا القضايا اليومية التي تؤرق المواطن، مثل التضخم المتصاعد، أزمة السكن، وارتفاع تكاليف المعيشة، وهي ملفات لا تزال الحكومة الفيدرالية تعاني من بطء في معالجتها، رغم مرور أكثر من عامين على تشكيلها.

وأثار الجدل المتجدد حول مدى دستورية حظر حزب سياسي، حتى لو اتُّهم بالتطرف، نقاشًا فلسفيًا أعمق في ألمانيا حول حدود الديمقراطية نفسها، وما إذا كان ينبغي السماح لكل القوى السياسية بالتعبير والمنافسة طالما التزمت بالشكل القانوني، حتى وإن تبنت محتوى إيديولوجيًا معاديًا للديمقراطية.

وتبقى الكلمة الفصل حاليًا بيد القضاء، الذي ينظر في طعن حزب AfD على تصنيفه "خطر على النظام الديمقراطي الحر"، في انتظار ما إذا كانت جهود الحزب الاشتراكي الديمقراطي ستنجح في حشد الأدلة الكافية لإعادة تفعيل التصنيف، وربما فتح الطريق نحو منعه.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية