باريس تغلق برج إيفل ومدن البحر المتوسط تأهباً لموجة حر استثنائية

باريس تغلق برج إيفل ومدن البحر المتوسط تأهباً لموجة حر استثنائية
موجة حر في فرنسا

أعلنت السلطات الفرنسية، اليوم الثلاثاء، حالة التأهب القصوى في العاصمة باريس، تحسّبًا لارتفاع درجات الحرارة التي تلامس مستويات قياسية ضمن موجة حر شديدة تجتاح جنوب ووسط أوروبا. 

ودفعت الموجة، التي يصفها خبراء الأرصاد بأنها إحدى أشدّ موجات الحر في العقد الأخير، إلى إغلاق القسم العلوي من برج إيفل، وفرض قيود صارمة على حركة المرور، وحظر المركبات المسببة للتلوث في مناطق عدة من البلاد، وفق وكالة "فرانس برس".

وأفادت هيئة الأرصاد الفرنسية بأن الحرارة ستبلغ ذروتها اليوم، مع صدور تحذيرات شديدة في 16 إقليما، ورفع حالة التأهب في 68 إقليما آخر إلى ثاني أعلى مستوياتها، مع توقعات بأن تتراوح درجات الحرارة العليا ما بين 36 و40 درجة مئوية، وقد تصل إلى 41 مئوية في بعض المناطق، فيما تبقى درجات الحرارة الليلية مرتفعة بشكل غير مسبوق، لتصل إلى ما بين 20 و24 درجة.

وأغلقت السلطات قمة برج إيفل منذ الساعة 11:00 بتوقيت غرينتش الاثنين، مؤكدة استمرار إغلاقه حتى الأربعاء، حفاظًا على سلامة الزوار والموظفين، فيما أُبقي الطابقان الأول والثاني مفتوحين، مع دعوة الزوار إلى تجنّب الجفاف والتعرّض المفرط للشمس، وتوفير نوافير مياه في الساحات الخارجية.

شلل بالنقل واستنفار في التعليم

فرضت الشرطة الفرنسية في منطقة إيل دو فرانس، بما في ذلك باريس الكبرى، حظرًا على حركة جميع المركبات التي لا تُصنّف صديقة للبيئة من الساعة 03:30 حتى 22:00 بتوقيت غرينتش، في محاولة لخفض تلوث الأوزون المتصاعد بسبب درجات الحرارة المرتفعة.

وقلّصت الحكومة الفرنسية العملية التعليمية عبر إغلاق 1350 مدرسة جزئيًا أو كليًا في أنحاء البلاد، أي أكثر من ضعف العدد الذي أُغلق الإثنين، بعد شكاوى من معلمين وأهالٍ حول ظروف الصفوف الحارّة غير المهيّأة، والتي تُهدّد صحة التلاميذ، خصوصًا الأطفال والمسنين وذوي الأمراض المزمنة.

وحذّر عالم الأرصاد الجوية "أكشاي ديوراس"، من مركز علوم الغلاف الجوي في بريطانيا، من خطورة الاستهانة بموجات الحر، قائلاً: "عليهم أن يتعاملوا مع موجات الحر القاتلة بالجدية ذاتها التي يُعامل بها الإعصار أو العاصفة".

أرقام غير مسبوقة

أعلنت شركة السكك الحديد الوطنية الفرنسية صباح الثلاثاء تعليق الرحلات بين باريس وميلانو "لعدة أيام"، إثر العواصف الرعدية العنيفة التي ضربت منطقة سافوا الإثنين، مع احتمال تمديد التوقف إذا تبين وجود أضرار في البنية التحتية.

وسجّل البحر الأبيض المتوسط درجة حرارة قياسية جديدة لشهر يونيو بلغت 26.01 درجة مئوية، بحسب العالم الفرنسي "تيبو غينالدو" بناء على بيانات برنامج كوبرنيكوس الأوروبي، ما يزيد من احتمالات تكوّن أنظمة مناخية خطرة مثل الأعاصير المتوسطية وحرائق الغابات.

وأظهرت صور من البرتغال مشاهد نادرة لما وصفته هيئة الأرصاد بسحابة "لولبية" هائلة، تشكّلت فوق الشواطئ الشمالية والوسطى، مصحوبة برياح عاتية، ما تسبب في حالة من الذعر بين رواد الشواطئ، وشبّهها بعضهم بـ"تسونامي من الغيوم".

أوضاع مناخية متقلبة

شهدت البرتغال، رغم بعض التراجع في درجات الحرارة، استمرار التحذيرات في عدة مناطق داخلية، مع تسجيل 40 درجة مئوية في كاستل برانكو وباجة وإيفورا، و34 درجة في لشبونة. كما اندلعت حرائق جديدة في ألجوستريل، دفعت بـ250 عنصر إطفاء إلى الأرض.

وسجّلت إيطاليا درجات حرارة مرتفعة دفعت السلطات إلى إعلان التأهب في 18 مدينة كبرى، من بينها روما وميلانو وفيرونا. وعلى النقيض، شهدت منطقة بييمونتي في شمال البلاد فيضانات مفاجئة بسبب الأمطار الغزيرة، أسفرت عن وفاة رجل يبلغ من العمر 70 عامًا.

وقال حاكم المنطقة، ألبيرتو سيريو، إن "ما كان يُعدّ أحداثًا مناخية استثنائية أصبح يتكرر بوتيرة مقلقة، وعلى الجميع التكيّف مع هذه التحولات الخطيرة".

أخلت السلطات التركية أكثر من 50 ألف شخص من محافظة إزمير بعد حرائق اجتاحت مساحات واسعة، وساعدت الرياح التي بلغت سرعتها 120 كم/ساعة على امتداد رقعة النيران. كما اندلعت حرائق مماثلة في اليونان، وسط استعدادات كبيرة لاحتوائها قبل خروجها عن السيطرة.

مناخ يخرج عن السيطرة

أكّد العلماء مجددًا أن الاحترار العالمي، الناتج عن الانبعاثات الغازية من النشاط البشري، جعل موجات الحر أكثر تواترًا وشدّة وانتشارًا جغرافيًا. 

وربطت تقارير علمية موجة الحر الحالية في أوروبا بالتسارع في ظاهرة "تغيّر التيارات الهوائية" في الغلاف الجوي، ما يزيد من احتمالية بقاء الكتل الحارة لفترات أطول في المنطقة.

ودعا الخبراء الحكومات الأوروبية إلى رفع جاهزيتها، والاستثمار في البنى التحتية المناخية والتبريد العام، مع التوسّع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وتقييد الملوثات الصناعية التي تُفاقم من الأزمات الحرارية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية