قاضٍ فيدرالي يُبطل قرار إدارة ترامب ويمنع ترحيل 520 ألف هايتي

قاضٍ فيدرالي يُبطل قرار إدارة ترامب ويمنع ترحيل 520 ألف هايتي
عناصر من الشرطة الأمريكية- أرشيف

أصدر قاضٍ فيدرالي في محكمة مقاطعة بروكلين قرارًا قضائيًا هامًا، اليوم الأربعاء، يقضي بوقف تنفيذ قرار إدارة ترامب القاضي بإنهاء وضع الحماية المؤقتة لنحو 520 ألف هايتي يقيمون في الولايات المتحدة، وهو ما كان سيؤدي إلى ترحيلهم ابتداءً من سبتمبر المقبل.

وفي حيثيات الحكم المكوّن من 23 صفحة، اعتبر القاضي برايان كوغان أن وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم "تفتقر إلى السلطة القانونية أو الجوهرية" لإنهاء وضع الحماية المؤقتة المعروف اختصارًا بـ(TPS) الممنوح لهؤلاء المهاجرين، مؤكّدًا أن قرار الإلغاء يخالف الإطار القانوني الذي يستند إليه نظام الحماية، وفق وكالة "فرانس برس".

وكانت وزارة الأمن الداخلي، بقيادة نويم، قد أعلنت يوم الجمعة الماضي عن إنهاء وضع الحماية المؤقتة الممنوح للهايتيين بشكل نهائي، وذلك في إطار حملة أوسع تشمل إلغاء الوضع ذاته لقرابة 350 ألف فنزويلي و11 ألف أفغاني.

واقع ميداني قاتم

وفي بيانها التبريري، قالت الوزارة إن "الأوضاع في هايتي تحسنت بشكل عام بما يكفي لعودة الهايتيين إلى ديارهم بأمان"، محددة الثاني من سبتمبر المقبل كموعد لانتهاء وضع الحماية المؤقتة.

لكن الواقع في هايتي يروي قصة مختلفة تمامًا. فالبلاد التي تُعدّ الأفقر في نصف الكرة الغربي، لا تزال تعاني من فوضى أمنية عارمة وشلل سياسي كامل، حيث تسيطر عصابات مسلحة متناحرة على مساحات واسعة من العاصمة والمناطق الداخلية، وتُمارس جرائم قتل جماعي واغتصاب وخطف بشكل يومي.

وتعيش البلاد، بحسب تقارير الأمم المتحدة، واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها الحديث، حيث سُجّلت أرقام قياسية في عدد النازحين داخليًا، بلغ 1.3 مليون شخص حتى منتصف يونيو الماضي.

جذور الحماية المؤقتة

يعود تاريخ منح وضع الحماية المؤقتة للهايتيين إلى كارثة زلزال عام 2010، الذي دمّر العاصمة بور أو برانس وأودى بحياة أكثر من 200 ألف شخص، ومنذ ذلك الحين يتم تجديد الوضع بشكل دوري في ظل تعثر جهود إعادة الإعمار وتدهور الوضع الأمني والاقتصادي.

وكانت إدارة الرئيس السابق جو بايدن قد مددت في عام 2024 الحماية المؤقتة للهايتيين لمدة 18 شهرًا حتى فبراير 2026، لكن الإدارة الحالية بقيادة ترامب حاولت التراجع عن هذا القرار في إطار نهجها المتشدد بشأن الهجرة، وهو ما اصطدم الآن برفض قضائي صريح.

بموجب قرار القاضي كوغان، سيتمكن مئات الآلاف من الهايتيين من الاحتفاظ بوضعهم القانوني المؤقت في الولايات المتحدة، ما يعني أنهم لن يواجهوا خطر الترحيل الوشيك، كما سيُواصلون الاستفادة من حق العمل والحماية من الاعتقال لأسباب تتعلق بوضع الإقامة.

ويُعدّ هذا القرار القضائي نصرًا مهمًا لمنظمات حقوق الإنسان وجماعات الضغط المدافعة عن المهاجرين، والتي حذّرت مرارًا من أن ترحيل هذا العدد الهائل من الأفراد إلى بلدٍ يشهد شبه انهيار، سيكون بمثابة إعادة الناس إلى الموت أو التشريد.

توتر بين البيت الأبيض والمحاكم

وتأتي هذه التطورات وسط تصاعد التوتر بين السلطة القضائية والإدارة الجمهورية، خصوصًا في ما يتعلّق بملف الهجرة، الذي أعاد الرئيس دونالد ترامب تصعيده إلى مقدّمة أولويات حملته الانتخابية.

وكان ترامب قد صرّح خلال الشهر الماضي بنيته ترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين، معتبرًا أن "الحماية المؤقتة أصبحت غطاءً دائمًا للهجرة غير الشرعية"، ما أثار انتقادات شديدة من نشطاء الهجرة وبعض أعضاء الكونغرس.

وبينما يُتوقع أن تستأنف وزارة الأمن الداخلي قرار المحكمة، فإن المعركة القضائية ستستمر في الأسابيع المقبلة، في وقتٍ تزداد فيه تعقيدات الوضع الهايتي الداخلي وتتعالى أصوات دولية تطالب بوقف الترحيلات القسرية إلى البلاد، معتبرة أن ذلك ينتهك مبدأ "عدم الإعادة القسرية" المعترف به دوليًا.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية