فرنسا تدين احتجاز مواطنيها في إيران وتصف التهم الموجهة إليهما بأنها "ملفقة"
فرنسا تدين احتجاز مواطنيها في إيران وتصف التهم الموجهة إليهما بأنها "ملفقة"
جدّدت فرنسا إدانتها الشديدة لمواصلة إيران اعتقال مواطنين فرنسيين منذ أكثر من ثلاث سنوات، مؤكدة أن التهم الموجهة إليهما "ملفقة ولا أساس لها"، ومشددة على أن استمرار احتجازهما يمثل انتهاكًا صارخًا للحقوق الأساسية وللقانون الدولي.
جاء الموقف الفرنسي بعد تقرير جديد نشرته وكالة الصحافة الفرنسية، اليوم الخميس، كشف عن توجيه السلطات الإيرانية تهم التجسس لصالح جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) ضد كل من سيسيل كوهلر وشريكها جاك باريس، المحتجزين منذ مايو 2022، وقد اعتُقلا أثناء زيارتهما إلى إيران في إطار سياحي، بحسب رواية عائلتيهما.
وردّت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان رسمي بأن "الزوجين محتجزان بطريقة تعسفية تمامًا"، مشددة على أن باريس "ترفض بشكل قاطع المزاعم التي لا تستند إلى أي دليل والتي تُستخدم لتبرير استمرار الاحتجاز".
دعوى أمام محكمة العدل
وفي محاولة للضغط على السلطات الإيرانية، قدّمت فرنسا في مايو الماضي دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية، تتهم فيها طهران بانتهاك اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية من خلال حرمان مواطنيها من التواصل مع السفارة الفرنسية ورفض توفير ضمانات قانونية أساسية، مثل محاكمة عادلة وشفافة.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي رفيع إن التهم الأخيرة "تصعيد خطير في أساليب التضليل والابتزاز التي تمارسها إيران"، مؤكداً أن بلاده "لن تصمت عن انتهاك حقوق مواطنيها".
ويأتي هذا التطور في وقت تتزايد فيه المخاوف الحقوقية من استخدام طهران للاعتقالات السياسية كأداة تفاوض دبلوماسي، فقد وثّقت منظمات مثل "هيومن رايتس ووتش" و"مراسلون بلا حدود" ارتفاعاً في عدد المعتقلين الأجانب ومزدوجي الجنسية في إيران، وغالبًا ما يُتهم هؤلاء بالتجسس أو التعاون مع قوى معادية، دون تقديم أدلة ملموسة.
ووفق بيانات رسمية، احتجز الحرس الثوري الإيراني عشرات من الرعايا الأجانب منذ عام 2015، من بينهم أكاديميون، وصحفيون، وسياح، في ظل اتهامات دولية متكررة لطهران بـ"الابتزاز عبر احتجاز الرهائن"، وهو ما تنفيه السلطات الإيرانية بشدة، مدعية أن الاعتقالات تتم وفق "إجراءات قانونية" وأن "القضاء مستقل".
العلاقات الفرنسية الإيرانية
وتمثل قضية كوهلر وباريس واحدة من أبرز نقاط التوتر بين باريس وطهران، خصوصًا في ظل تعثر المفاوضات حول الملف النووي الإيراني وتصاعد التوترات في الشرق الأوسط.
وتُعد كوهلر مسؤولة نقابية بارزة في قطاع التعليم، فيما يعمل شريكها جاك باريس في قطاع الخدمات اللوجستية.
وكانت السلطات الإيرانية قد بثّت في السابق اعترافات مصوّرة للزوجين، إلا أن باريس اعتبرتها "اعترافات قسرية تم الحصول عليها تحت الضغط"، وهو ما يتناقض مع الأعراف القضائية الدولية.
دعوات لموقف موحد
من جهتها، دعت منظمات أوروبية مدافعة عن حقوق الإنسان وممثلون في البرلمان الأوروبي إلى توحيد المواقف الأوروبية للضغط على طهران.
وطالبوا بوضع معايير واضحة للتعامل مع ما سموه "دبلوماسية الرهائن"، والتفكير في فرض عقوبات فردية على مسؤولين إيرانيين متورطين في تلك الانتهاكات.
وفي المقابل، رفضت الخارجية الإيرانية الانتقادات الفرنسية، واعتبرت أن التوقيفات تستند إلى "أدلة أمنية دامغة"، متهمة الدول الغربية بـ"الكيل بمكيالين" عندما يتعلق الأمر بقضايا حقوق الإنسان والأمن القومي. كما شددت على أن "أي تدخل في القضاء الإيراني هو أمر مرفوض وغير مقبول".
صرخة أسر المعتقلين
تستمر عائلات المحتجزين بحملات ضغط إعلامية وحقوقية، مطالبة بالإفراج الفوري عنهما، وقالت والدة سيسيل كوهلر في تصريح لمحطة "فرانس إنفو" مؤخرًا: "ابنتي بريئة، إنها تحب السفر والتعرف على الثقافات. لم تكن هناك لأي سبب سياسي. احتجازها جريمة، وصمت العالم يشجع إيران على المضي في هذا الطريق".
وفي ختام البيان، أكدت الخارجية الفرنسية أنها ستواصل العمل بكل الوسائل الدبلوماسية والقانونية للإفراج عن مواطنيها، داعية المجتمع الدولي إلى عدم التساهل مع سياسات الاحتجاز التعسفي التي تمارسها بعض الأنظمة "كأوراق تفاوض ومساومة سياسية".