بينهم نرجس محمدي.. واشنطن تحذّر من تهديدات لحياة السجناء السياسيين في إيران
بينهم نرجس محمدي.. واشنطن تحذّر من تهديدات لحياة السجناء السياسيين في إيران
نددت واشنطن بما اعتبرته تهديدًا مباشرًا لحياة الناشطة الحقوقية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، نرجس محمدي، وسائر السجناء السياسيين في إيران، مطالبة بالإفراج الفوري عنهم.
ووصف مكتب شؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان نشره عبر منصة "إكس"، اليوم الاثنين، الممارسات الإيرانية بأنها: "عنفٌ ممنهج يهدف لإسكات الأصوات المعارضة".
وأكد المكتب، التابع لإدارة الشؤون الخارجية في الولايات المتحدة: "النظام الإيراني يهدد حياة نرجس محمدي، وسائر السجناء السياسيين الإيرانيين"، داعيًا إلى وقف الانتهاكات والإفراج عنهم فورًا.
ويأتي هذا الموقف الأمريكي في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية على طهران بسبب سجلها الحقوقي المتدهور، ولا سيما سجلها تجاه المعتقلين السياسيين والنساء الناشطات.
تهديد بـ"التصفية الجسدية"
أعربت لجنة نوبل النرويجية، في بيان أصدرته يوم 11 يوليو الجاري، عن بالغ قلقها إزاء التقارير التي تفيد بتعرض الناشطة نرجس محمدي لتهديدات جدية تمس حياتها داخل السجن الإيراني.
أكدت اللجنة، المانحة لجائزة نوبل للسلام لعام 2023، أن السلطات الإيرانية بعثت رسائل غير مباشرة تتوعد محمدي بـ"التصفية الجسدية" في حال واصلت نشاطها الحقوقي والإعلامي.
وأشارت اللجنة إلى أن هذه التهديدات تعكس بشكل واضح مدى الخطر الجسيم الذي يهدد سلامتها، لافتة إلى أن النظام الإيراني يشترط عليها التوقف الكامل عن كل نشاط عام أو إعلامي، سواء داخل إيران أو في المحافل الدولية، مقابل "ضمان بقائها على قيد الحياة".
تحذيرات ورسائل قاتمة
أفادت الناشطة نرجس محمدي، في مكالمة هاتفية أجرتها مع رئيس لجنة نوبل النرويجية يورغن واتنه فريدنس، بأنها تلقت تحذيرات جدية نقلها إليها محاميها، مفادها أن استمرارها في النشاط المدني سيُقابل بإجراءات خارج القانون تهدد حياتها مباشرة.
وصفت محمدي هذه الرسائل بأنها: "تهديدات غير مباشرة بالقتل"، مؤكدة على أن الأجهزة الأمنية الإيرانية تعتمد وسائل ضغط نفسي متعمدة لثنيها عن مواصلة الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير.
وتُعد محمدي واحدة من أبرز الناشطات في الحركة النسوية الإيرانية، وسبق أن اعتُقلت عدة مرات بسبب دفاعها العلني عن حقوق المرأة ومعارضتها للعنف السياسي، خصوصًا فيما يتعلق بسياسات القمع داخل السجون.
ورغم وجودها في المعتقل، واصلت إصدار البيانات والرسائل التي تنتقد النظام وتكشف انتهاكاته بحق السجناء.
السجناء "دروع بشرية"
كشف عدد من السجناء السياسيين، في شهادات نُشرت مؤخرًا، عن استخدامهم "دروعَاً بشريةً" من قِبل السلطات الإيرانية داخل سجن "إيفين"، وذلك عقب الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف المنشأة في وقت سابق.
وأكدت تلك الشهادات أن عناصر الأمن نقلوا مئات السجناء، وهم مكبلو الأيدي والأرجل، إلى سجن طهران الكبرى في ظروف وُصفت بـ"المهينة واللاإنسانية".
ورأى مراقبون أن هذا الإجراء لم يكن لحماية السجناء، بل جاء عقوبة جماعية انتقامية. وقد تكررت عمليات النقل القسري لسجناء سياسيين إلى أماكن تُعرف بظروفها القاسية، كـ"قرتشك ورامين"، في خطوة تهدف إلى تحطيم معنوياتهم وكسر مقاومتهم السلمية.
احتجاجات داخل السجون
أصدر عدد من السجناء السياسيين رسائل احتجاجية من داخل المعتقلات، عبر اتصالات هاتفية وبيانات مكتوبة، أعربوا فيها عن استنكارهم للظروف غير الإنسانية التي يُجبرون على تحملها.
اتهم المحتجون السلطات بالسعي إلى الانتقام من المعارضين السياسيين عبر تعمد الإذلال، وتجاهل حقوقهم الأساسية، وتوفير بيئة قمعية تهدد حياتهم يوميًا.
وأكدوا أن هذه الممارسات تمثل انتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي ولمبادئ حقوق الإنسان، محذرين من أن تجاهل المجتمع الدولي لما يجري في السجون الإيرانية سيشجع السلطات على تصعيد قمعها.
وقد اعتبر خبراء حقوقيون أن ما يحدث داخل تلك السجون ليس مجرد انتهاك عرضي، بل يمثل سياسة ممنهجة للقمع السياسي والترهيب الجسدي.
نرجس محمدي.. أيقونة نضال
برزت نرجس محمدي رمزاً عالميّاً للنضال الحقوقي في إيران، بعدما كرّست حياتها للدفاع عن حرية التعبير وحقوق المرأة ومناهضة عقوبة الإعدام، رغم الملاحقات والسجن والتعذيب.
نالت محمدي جائزة نوبل للسلام عام 2023 تقديرًا لشجاعتها، لكنها لم تتمكن من استلامها شخصيًا بسبب استمرار اعتقالها من قِبل السلطات الإيرانية.
وقد اعتُقلت عشرات المرات خلال السنوات الماضية، وكتبت من داخل السجون عددًا من المقالات والرسائل المفتوحة التي هزّت الضمير العالمي، وجعلت من اسمها عنوانًا للمقاومة السلمية في وجه القمع.