ملف المفقودين.. دمشق تبدأ التحقيق في مصير 3700 طفل من أبناء المعارضين

بعض دور الأيتام كانت تحت إشراف أسماء الأسد

ملف المفقودين.. دمشق تبدأ التحقيق في مصير 3700 طفل من أبناء المعارضين
سوريون في أحد الميادين بجوار عرض لصور المفقودين

أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا، بالتنسيق مع وزارة الداخلية، توقيف ثلاث شخصيات بارزة كانت تدير مؤسسات لرعاية الأيتام في العاصمة دمشق، بعد ورود شكاوى من ذوي أطفال معتقلين ومعارضين سابقين للنظام السوري، تتعلق بمصير أبنائهم الذين فُقدوا خلال فترة اعتقال ذويهم.

صدور مذكرات التوقيف بعد دعاوى شخصية

أكد سامر القربي، المتحدث الرسمي باسم "لجنة الأطفال المفقودين"، أن مذكرات التوقيف صدرت عن النيابة العامة في دمشق، إثر تقديم شكاوى من ذوي الضحايا تتهم إدارات جمعيات ومؤسسات بإخفاء معلومات عن أطفال تم إيداعهم بدور الأيتام دون علم أهاليهم وفق وكالة الأنباء السورية.

وشملت التوقيفات كلاً من ندى الغبرة ولمى الصواف، المديرات السابقتين لـ"مجمع لحن الحياة لرعاية الطفولة"، ورنا موفق البابا، المديرة السابقة لـ"جمعية المبرة لكفالة الأيتام"، إلى جانب عدد من المتهمين الآخرين.

لجنة تحقيق رسمية ومطالب بتعاون شعبي

أوضح القربي أن اللجنة تلقت شكاوى متعددة تشير إلى تورط المعنيين في تغييب أطفال المعتقلين، داعيًا من يملك معلومات أو شهادات ذات صلة إلى التعاون مع اللجنة لكشف الحقائق وتحديد مصير الأطفال.

وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية قد شكّلت لجنة خاصة لهذا الغرض بموجب القرار رقم (1806) لعام 2025، لتتولى التحقيق في الانتهاكات التي طالت أبناء المعتقلين المعارضين خلال حكم النظام السابق.

تقارير حقوقية تكشف أرقاماً صادمة

كشفت تقارير إعلامية ومنظمات حقوقية أن نحو 3700 طفل من أبناء المعتقلين تم تحويلهم قسرًا إلى دور الأيتام، عقب فصلهم عن عائلاتهم بقرارات أمنية سرّية.

وتوزع هؤلاء الأطفال بين مؤسسات متعددة أبرزها: "مجمع لحن الحياة"، "دار الرحمة للأيتام"، و"قرى الأطفال – SOS"، حيث تم تغيير أسمائهم ومنع ذويهم من التواصل معهم، وفق شهادات عدد من المسؤولين السابقين في تلك المؤسسات.

شهادات علنية تفضح الانتهاكات

أقرت براءة الأيوبي، مديرة "دار الرحمة"، في لقاء متلفز، بإيواء 27 طفلًا من أبناء المعتقلين خلال الفترة من 2015 وحتى 2024، مؤكدة أن الأجهزة الأمنية كانت تسلمهم بمذكرات مغلقة وتطلب تغيير هوياتهم.

من جهتها، اعترفت ميس عجيب، المديرة الحالية لـ"مجمع لحن الحياة"، أن مؤسستها كانت تستقبل أطفالًا في "إيداعات أمنية خاصة"، وكانت أسماء الأسد زوجة الرئيس المخلوع تشرف مباشرة على ملفاتهم.

كما أشارت إدارة "قرى الأطفال – SOS" إلى تسلّم 139 طفلًا دون وثائق بين 2014 و2018، معظمهم أعيدوا لاحقًا إلى سلطات النظام بعد طلب رسمي من وزارة الشؤون الاجتماعية.

لا مقابر جماعية حتى الآن… لكن المصير ما يزال غامضاً

نفى القربي وجود أدلة على مقابر جماعية خاصة بهؤلاء الأطفال المفقودين حتى الآن، مؤكدًا أن التحقيقات والوثائق المتوفرة تشير إلى نقلهم لدور الأيتام وليس إلى مواقع دفن سرية.

وأشار إلى أن اللجنة تعمل حاليًا مع الوزارات المعنية لتتبع مصير هؤلاء الأطفال والتحقق ما إذا كانوا ما زالوا على قيد الحياة أو تم تسليمهم لعائلات بديلة أو تعرضوا لانتهاكات جسيمة أخرى.

بدأت قضية الأطفال المفقودين في سوريا تطفو على السطح بعد سقوط النظام السابق، إذ تشير تقارير حقوقية إلى أن ما لا يقل عن 23 ألف طفل قُتلوا منذ 2011، بينهم 190 تحت التعذيب، إضافة إلى اختفاء 5200 طفل قسريًا، وقد شكّلت وزارة الشؤون الاجتماعية لجنة مختصة لمتابعة الملف بمشاركة وزارات العدل والداخلية والأوقاف، وعدد من الجمعيات الحقوقية والمدنية، تأتي هذه الخطوة ضمن محاولات استعادة العدالة وكشف الحقائق حول واحدة من أكثر الجرائم الإنسانية غموضًا وإيلامًا في النزاع السوري.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية