مرصد حقوقي: مجزرة النصيرات "جريمة حرب" تتطلب تحقيقاً دولياً

مرصد حقوقي: مجزرة النصيرات "جريمة حرب" تتطلب تحقيقاً دولياً
آثار العدوان على غزة - أرشيف

أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الاثنين، أن مجزرة مخيم النصيرات التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في 8 يونيو الماضي، باتت موثقة بشكل متزايد من خلال تحقيقات ميدانية ومواد بصرية وشهادات دامغة، على رأسها ما عرضه الفيلم الاستقصائي «النصيرات 274: مجزرة الرهائن» الذي بثته شبكة «الجزيرة».

واعتبر المرصد الحقوقي، في بيان له، أن الفيلم يشكّل مساهمة نوعية في كشف خفايا واحدة من أكثر المجازر دموية خلال الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة.

وأوضح المرصد أنّ التحقيق الذي قدّمته «الجزيرة» ينسجم بدرجة كبيرة مع ما توصل إليه من خلال تحقيقاته الميدانية المستقلة، إذ أكد التحقيق استخدام الجيش الإسرائيلي قوة نارية عشوائية ومفرطة وغير متناسبة في منطقة مدنية مكتظة بالسكان، ما يشكّل خرقًا صارخًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، ويستوجب فتح تحقيق دولي مستقل يتمتع بولاية جنائية دولية.

مجزرة غير مبرّرة 

أوضح المرصد أن مجزرة النصيرات، التي أسفرت عن مقتل 274 فلسطينيًا وإصابة 814 آخرين خلال ساعات معدودة، نفّذت بذريعة تحرير أربعة رهائن إسرائيليين، لكن الواقع يكشف عن هجوم جوي وبري وبحري واسع النطاق على منطقة السوق المركزي المكتظة بالمواطنين في وسط قطاع غزة، طالت أغلب الأحياء المحيطة في المخيم والمناطق الوسطى.

وأكد أن الجيش الإسرائيلي اعتمد قصفًا مكثفًا غير موجّه شمل منازل، وطرقات، وأماكن عامة، ضمن خطة هدفت إلى التغطية على انسحاب قواته الخاصة، ما أدى إلى وقوع هذا العدد المروّع من الضحايا في صفوف المدنيين، في مشهد يعكس انعدام التمييز بين المقاتلين والمدنيين، ويفنّد رواية الجيش الإسرائيلي حول «الدقة» المزعومة في عملياته.

وأشار التحقيق الذي بثّ عبر منصة «الجزيرة 360» إلى أنّه استند إلى مصادر تحليل متعددة: صور أقمار صناعية، وبيانات ملاحية جوية، وشهادات شهود عيان، ولقطات حصرية لم تُعرض من قبل، ما ساهم في إعادة رسم مشهد الجريمة بدقّة عالية، وبصورة تُظهر نية مبيّتة لإيقاع أكبر قدر ممكن من الضحايا المدنيين.

استهداف الأطفال والنساء 

كشف المرصد أن التحقيق الاستقصائي وثّق استهدافًا متعمّدًا لمنازل مدنية، مثل منزل عائلة شلط الذي قُتل فيه أكثر من 30 مدنيًا، إلى جانب قصف مناطق مزدحمة بالأطفال والنساء، في خرق واضح لمبدأ التناسب والضرورة العسكرية. 

وأفاد شهود عيان من سكان النصيرات بأن القصف طال كل من يحاول الفرار من منطقة السوق، بل وتعمّد الجيش الإسرائيلي ملاحقة النازحين بالقذائف والطائرات المسيّرة، ما ضاعف أعداد الضحايا.

وقال شاهد يدعى فيصل، لفريق المرصد، إن "الطائرات المسيّرة كانت تطلق نيرانها عشوائيًا على الفارين من المجزرة في الشوارع الجانبية، وخاصة شارع جولس، ما أدى إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح".

وأضاف المرصد أن جريمة قتل الصحفي الفلسطيني أحمد الشياح، الذي كان أحد المشاركين في إنتاج التحقيق، تأتي ضمن سياسة إسرائيلية متكرّرة في استهداف الصحفيين والعاملين في توثيق الجرائم، بهدف إخفاء الأدلة وقتل الشهود.

جريمة ضد الإنسانية 

شدد المرصد على أن مجزرة النصيرات ليست حدثًا عرضيًا ولا «خطأً عسكريًا»، بل تمثل جريمة حرب مكتملة الأركان، وجزءًا من جريمة ضد الإنسانية كونها وقعت ضمن نمط من الهجمات الواسعة والمنهجية ضد السكان المدنيين.

وأكد أن ما جرى في النصيرات يندرج ضمن أفعال الإبادة الجماعية التي تشكّلها سياسة الحصار، والقتل الجماعي، والتجويع المتعمد، والتدمير المنهجي للمناطق المدنية، والحرمان من الرعاية الطبية والغذاء والماء، وهو ما يُعد جريمة دولية تستوجب ملاحقة جميع الضالعين فيها.

دعوات للمحاسبة

طالب المرصد الأورومتوسطي المحكمة الجنائية الدولية بضرورة توسيع تحقيقاتها الجارية في جرائم الحرب في غزة لتشمل مجزرة النصيرات، وفتح ملفات المسؤولية الجنائية الفردية لجميع من خطّط أو أمر أو نفّذ هذه الجرائم، بمن فيهم القادة السياسيون والعسكريون الإسرائيليون.

ودعا المرصد إلى تنفيذ أوامر القبض الدولية الصادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع السابق، وتسليمهما للعدالة، مع التأكيد على عدم وجود حصانة أمام الجرائم الدولية، خاصة جريمة الإبادة الجماعية التي يُعاقب عليها نظام روما الأساسي.

وأكد أن مسؤولية وقف جريمة الإبادة الجماعية لا تقع فقط على المنظمات الحقوقية، بل هي واجب قانوني وأخلاقي على المجتمع الدولي بأسره، داعيًا إلى تحرك عاجل لإنقاذ ما تبقى من السكان المدنيين في قطاع غزة، ووقف المجازر المستمرة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية