محكمة أوروبية: غرامات روسيا ضد "غوغل" تنتهك حرية التعبير
محكمة أوروبية: غرامات روسيا ضد "غوغل" تنتهك حرية التعبير
قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الثلاثاء، بعدم قانونية الغرامات التي فرضتها السلطات الروسية على شركة غوغل بسبب رفضها حذف محتوى معين من منصة "يوتيوب"، معتبرةً أن هذه الغرامات تمثل انتهاكًا صارخًا لحرية التعبير المكفولة بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
وأكدت المحكمة، التي تتخذ من مدينة ستراسبورغ الفرنسية مقرًا لها، أن "الضغط المالي الهائل الذي تمارسه السلطات الروسية على الشركة لفرض رقابة على المحتوى السياسي يتنافى مع المبادئ الأساسية لحرية التعبير، خاصة حين يتعلق الأمر بوسائل إعلام أو أصوات معارضة"، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية.
تعود القضية إلى عامي 2021 و2022، عندما طالبت هيئة تنظيم الإعلام الروسية "روسكومنادزور" شركة غوغل بحظر محتوى محدد على "يوتيوب"، كان من أبرزها قناة تخص المعارض الروسي البارز أليكسي نافالني، الذي توفي لاحقًا في ظروف غامضة داخل السجن في فبراير 2024، ما أثار إدانات دولية واسعة.
ورفضت غوغل آنذاك الامتثال للأوامر الروسية المتعلقة بحذف المحتوى السياسي، ما دفع السلطات الروسية إلى فرض غرامات ضخمة على الشركة وصلت إلى عشرات المليارات من الروبلات، أي ما يعادل نحو 525 مليون دولار أمريكي بحسب ما ورد في نص الحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية.
غرامات بسبب الرقابة
تضمن الحكم إشارة إلى غرامات إضافية فُرضت على غوغل بعد أن أقدمت الشركة على إغلاق حسابات قناة "تسارغراد"، وهي وسيلة إعلامية يملكها رجل أعمال روسي خاضع لعقوبات أمريكية وأوروبية لدعمه العلني والمادي لغزو أوكرانيا، وفقًا لتوصيف المحكمة.
واعتبرت المحكمة أن هذه الغرامات تشكل شكلًا من أشكال الضغط السياسي والاقتصادي لإجبار شركات التكنولوجيا العالمية على الامتثال لإجراءات رقابية تتعارض مع حرية تداول المعلومات والرأي، خاصة في ظل تصاعد القمع ضد وسائل الإعلام المستقلة والمعارضين السياسيين في روسيا منذ اندلاع الحرب على أوكرانيا عام 2022.
ورغم أهمية القرار القضائي من حيث التأكيد على مبادئ حرية التعبير، فإن مراقبين يؤكدون أن الواقع العملي لن يتغير كثيرًا داخل روسيا، فقد انسحبت موسكو رسميًا من عضوية المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 2022، على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، ما يعني أنها لم تعد تعترف بقرارات المحكمة أو تعتبرها ملزمة من الناحية القانونية.
ورغم ذلك، يشير خبراء إلى أن مثل هذه الأحكام تحمل قيمة رمزية وقانونية عالية، خصوصًا في ما يتعلق بحماية المنصات الرقمية من التدخلات الحكومية، وتمنح الدول الأخرى والمجتمع المدني أساسًا قانونيًا لمعارضة الرقابة السياسية على الإنترنت.
توتر بين موسكو وشركات التكنولوجيا
وتُعد قضية غوغل واحدة من سلسلة أزمات بين السلطات الروسية وشركات التكنولوجيا الأمريكية. فمنذ سنوات، تسعى موسكو إلى فرض سيادتها الرقمية عبر إلزام الشركات الأجنبية بفتح مكاتب داخل روسيا، والامتثال لقوانينها الرقابية، أو مواجهة الغرامات والتضييق والحظر.
وفي المقابل، تؤكد الشركات العالمية، وعلى رأسها غوغل وميتا (فيسبوك وإنستغرام)، أن بعض الطلبات الروسية تمثل اعتداءً على حرية الرأي وتؤدي إلى إسكات أصوات سياسية مستقلة.
وتنص المادة العاشرة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان على أن "لكل شخص الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حرية الرأي وحرية تلقي المعلومات والأفكار وإذاعتها دون تدخل من السلطات العامة".