المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين روسيا بارتكاب انتهاكات في أوكرانيا

المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين روسيا بارتكاب انتهاكات في أوكرانيا
مبنى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان - أرشيف

أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، اليوم الأربعاء، حكمًا قضائيًا تاريخيًا يدين روسيا بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان في أوكرانيا، منذ بداية النزاع في إقليم دونباس عام 2014، ومرورًا بالحرب الشاملة التي اندلعت في فبراير 2022، وصولًا إلى إسقاط الطائرة الماليزية "MH17" عام 2014.

وأكد رئيس المحكمة، القاضي الفرنسي ماتياس غويومار، أن روسيا "مذنبة بإعدام مدنيين وجنود أوكرانيين خارج نطاق القتال"، كما مارست "أعمال تعذيب وتهجير غير مبرر للمدنيين، إضافة إلى التدمير والنهب ومصادرة الممتلكات"، وهي انتهاكات تُعد مخالفة صارخة للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأربعاء.

ودعت المحكمة، التي تتخذ من مدينة ستراسبورغ الفرنسية مقرًا لها، الدولة الروسية إلى "الإفراج الفوري أو ضمان العودة الآمنة لجميع الأشخاص المحرومين من حريتهم على الأراضي الأوكرانية المحتلة أو الخاضعة للسيطرة الروسية"، في إشارة واضحة إلى المعتقلين المدنيين لدى القوات الروسية أو وكلائها المحليين.

وطالبت المحكمة كذلك بـ"التعاون دون تأخير في إنشاء آلية دولية مستقلة لتحديد هوية الأطفال الذين نُقلوا من أوكرانيا إلى روسيا أو إلى أراضٍ تسيطر عليها موسكو"، مؤكدة ضرورة احترام "المصالح الفضلى للأطفال"، وذلك في ظل تقارير متزايدة عن اختفاء آلاف القُصّر قسرًا من المناطق المحتلة.

3 شكاوى ضد موسكو

صدر الحكم عن الدائرة الكبرى للمحكمة، وهي الهيئة الأعلى في النظام القضائي الأوروبي، وتضم 17 قاضيًا من جنسيات مختلفة. 

وتضمن القرار ثلاث شكاوى رئيسية رفعتها الحكومة الأوكرانية ضد روسيا، تتعلق بالأعمال العسكرية والانتهاكات الحقوقية في دونباس منذ 2014، والعدوان الواسع في 2022.

ودمجت المحكمة شكوى مستقلة تقدّمت بها هولندا بشأن إسقاط الطائرة الماليزية "MH17"، التي كانت في طريقها من أمستردام إلى كوالالمبور، عندما أُسقطت فوق منطقة دونيتسك الخاضعة آنذاك لسيطرة الانفصاليين المدعومين من موسكو، ما أسفر عن مقتل 298 شخصًا، معظمهم هولنديون.

مسؤولية قانونية لروسيا

خرجت روسيا رسميًا من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في 16 سبتمبر 2022، بعد أن قرر مجلس أوروبا طردها على خلفية غزوها لأوكرانيا، إلا أن المحكمة أكدت أنها لا تزال تتحمل المسؤولية الكاملة عن جميع الانتهاكات المرتكبة قبل ذلك التاريخ.

وأوضحت المحكمة أن الحكم الصادر اليوم له طابع ملزم من الناحية القانونية للدول الموقعة، لكنه يحمل قيمة رمزية فقط تجاه موسكو، التي أعلنت منذ انسحابها عدم اعترافها بأي من قرارات المحكمة، وقطعت كل أشكال التعاون القضائي معها.

ورغم أن روسيا لم تعد تُشارك في آليات المحكمة، اعتبر مراقبون أن القرار يشكّل توثيقًا قانونيًا دوليًا لانتهاكات ترتقي إلى مستوى جرائم حرب، وقد يُستخدم لاحقًا في إجراءات المحاسبة الدولية، سواء في محاكم أوروبية أو أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

وعدّ حقوقيون أن الحكم يكرّس الاعتراف الدولي الرسمي بمسؤولية موسكو عن معاناة المدنيين الأوكرانيين، وخصوصًا الأطفال، ويعزز دعوات المجتمع الدولي لفتح ممرات آمنة للمعتقلين والمهجّرين، وإنشاء آلية لإعادة الأطفال المختطفين، وهي قضية باتت محورية في ملفات التفاوض السياسي مع روسيا.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية