"تحت خط الحياة".. تقرير حقوقي يرصد معاناة اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان
"تحت خط الحياة".. تقرير حقوقي يرصد معاناة اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان
أفادت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)، بأن المخيمات الفلسطينية في لبنان تعاني منذ إنشائها عقب نكبة عام 1948، من أزمات مركبة ومتفاقمة، حولتها من ملاذ مؤقت إلى بيئات مغلقة ومحرومة من الحد الأدنى للحقوق الإنسانية.
جاء ذلك في تقرير أصدرته المؤسسة الفلسطينية، واطلعت عليه "جسور بوست"، السبت، والذي استند إلى مشاهدات ميدانية، وشهادات مباشرة، وبيانات من "الأونروا" ومنظمات أهلية، حيث يغطي واقع 12 مخيمًا فلسطينيًا من الشمال إلى الجنوب والبقاع.
وسلط التقرير الضوء على 5 أوجه رئيسية للأزمة الإنسانية، تشمل معدلات الفقر التي تتجاوز 85%، ومعدلات البطالة المرتفعة، والتدهور الخطير في مستويات التعليم، وانهيار النظام الصحي، إضافة إلى هشاشة قانونية وتمييز مؤسسي ضد اللاجئين الفلسطينيين.
ووثق التقرير تدهور البنى التحتية في معظم المخيمات الفلسطينية في لبنان، مثل تسرب مياه الأمطار، وانقطاع الكهرباء، وتلوث مياه الشرب، خصوصًا في مخيم نهر البارد (شمالي لبنان).
انتشار الأمراض والتسرب المدرسي
يبرز التقرير حالات مختارة من مخيمات نهر البارد والبداوي وشاتيلا وعين الحلوة، ليوضح التفاوت في المعاناة، ويكشف عن تهميش ممنهج، وغياب مشاريع التنمية، وانتشار الأمراض والتسرب المدرسي، في ظل بيئة عمرانية متهالكة وسياسات أمنية مشددة.
وأشار التقرير إلى تعارض الواقع الإنساني في المخيمات مع التزامات لبنان الدولية بموجب العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، واتفاقية حقوق الطفل، والمبادئ المناهضة للتمييز في القانون الدولي، إلى جانب استمرار حرمان الفلسطينيين من الحق في العمل والتملك، وغياب الوثائق القانونية لكثير من السكان، خاصة القادمين من سوريا.
ووجه التقرير انتقادات حادة إلى وكالة "الأونروا"، التي تعد الجهة الدولية الوحيدة المسؤولة عن تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين، مشيرًا إلى تراجع أدائها، وتقليص برامج الإغاثة، وضعف الاستجابة في الصحة والتعليم، وانتشار سياسات "الشطب التعسفي" للأسر المستفيدة دون شفافية.
دعوة لرفع القيود عن اللاجئين
اختتم التقرير بتوصيات عاجلة موجهة إلى الدولة اللبنانية، تطالب برفع القيود القانونية عن اللاجئين وإدماج المخيمات في الخطط التنموية.
كما دعا وكالة الأونروا إلى التراجع عن تقليص خدماتها ووضع خطة طوارئ فعالة، في حين ناشد المجتمع الدولي لتوفير تمويل مستدام وتفعيل الرقابة على التزامات الدول والمؤسسات.
وأكد التقرير أن اللاجئ الفلسطيني في لبنان لا يطلب امتيازًا، بل الحد الأدنى من الحق في الحياة الكريمة، مشددًا على أن استمرار تجاهل هذه المعاناة ينذر بانفجارات اجتماعية خطيرة، وأن "عصر الإغاثة المؤقتة" يجب أن يُستبدل بمسار كرامة دائمة وعادلة.
أزمة إنسانية مزمنة
وتعاني مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من أزمة إنسانية مزمنة، تتفاقم منذ نكبة عام 1948 حتى اليوم، حيث يعيش سكانها في أوضاع قاسية تتسم بالفقر المدقع، والبطالة، وتدهور التعليم والخدمات الصحية، وسط بنى تحتية متهالكة وبيئة قانونية تمييزية.
ويقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في لبنان بحوالي 500 ألف نسمة، وفقًا لوكالة الأونروا، إذ يعيش معظمهم في 12 مخيماً رسمياً، فيما يعيش أكثر من 17 ألف لاجئ فلسطيني من سوريا في لبنان.