باكستان تحت رحمة الأمطار الموسمية.. أكثر من 110 قتلى نصفهم أطفال
باكستان تحت رحمة الأمطار الموسمية.. أكثر من 110 قتلى نصفهم أطفال
مع بداية موسم الرياح الموسمية الصيفية حصدت الأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة في باكستان أرواح أكثر من 110 أشخاص منذ أواخر يونيو، بينهم نحو 53 طفلًا، وفق بيانات رسمية صدرت الاثنين عن هيئة إدارة الكوارث، هذه الأرقام الصادمة تُسلط الضوء مجددًا على هشاشة البلاد أمام التغير المناخي الذي يفرض كلفة بشرية ومادية باهظة عامًا بعد عام.
أقاليم في قلب الكارثة
سجلت السلطات 111 حالة وفاة نتيجة الصعق الكهربائي أو الغرق في السيول منذ 26 يونيو وحتى 14 يوليو، وكان النصيب الأكبر من الضحايا في إقليم البنجاب الشرقي، أكثر الأقاليم كثافةً سكانيةً إذ يقطنه قرابة 130 مليون نسمة، وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية هطول مزيد من الأمطار الغزيرة خلال الأيام المقبلة في شمال وشرق البلاد، محذّرة من مخاطر الفيضانات، والانهيارات الأرضية، وأضرار الرياح العاتية وفق فرانس برس.
وتتواصل المخاوف في مناطق حضرية كبرى مثل لاهور وكراتشي حيث البنية التحتية الهشة وشبكات الكهرباء المكشوفة تزيد من خطورة الحوادث، خاصةً بين الأطفال وسكان الأحياء العشوائية.
أطفال على خط المواجهة الأول
اللافت في الحصيلة أن قرابة نصف الضحايا هم من الأطفال، ما يعكس مرةً أخرى هشاشة الفئات الضعيفة أمام الكوارث الطبيعية، وسبق أن حذرت المنظمات الإنسانية، ومن بينها يونيسف والصليب الأحمر، مرارًا من أن التغير المناخي يُضاعف التحديات التي يواجهها الأطفال في الدول النامية، سواء عبر تدمير منازلهم ومدارسهم أو تعريضهم للأمراض ونقص الغذاء.
موسم ضروري.. لكنه يحمل الموت
الرياح الموسمية في جنوب آسيا ضرورية للحياة الزراعية، إذ تسهم بما بين 70% و80% من الأمطار السنوية، وهي شريان حياة للمزارعين الذين يعتمدون عليها لري محاصيلهم في منطقة يعيش فيها نحو ملياري نسمة، لكن في السنوات الأخيرة، باتت هذه الأمطار تتحول سريعًا من نعمة إلى نقمة، مع زيادة شدتها وعدم انتظامها نتيجة التغير المناخي، وفق دراسات حديثة للبنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
جروح لم تلتئم منذ فيضانات 2022
لا تزال باكستان تتعافى ببطء من فيضانات 2022 الكارثية التي غمرت ثلث البلاد، وقتلت نحو 1700 شخص، وأثرت على أكثر من 33 مليون إنسان، وأتلفت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية. تلك الكارثة خلّفت أزمة غذاء حادة وأزمة نزوح شملت ملايين السكان الذين فقدوا بيوتهم وسبل عيشهم.
رغم النداءات الدولية وجلسات التعهدات المالية، واجهت جهود إعادة الإعمار عراقيل كبيرة بسبب الأزمة الاقتصادية الداخلية ونقص التمويل الدولي مقارنةً بحجم الدمار.
تغيّر مناخي بلا استعداد كافٍ
باكستان تُصنّف ضمن أكثر الدول عرضةً لتداعيات التغير المناخي وفق مؤشر المخاطر المناخية العالمي، رغم مساهمتها المحدودة في الانبعاثات العالمية (أقل من 1%). غير أن البنية التحتية الهشة، وسوء التخطيط الحضري، وعدم الاستثمار الكافي في أنظمة الإنذار المبكر وإدارة مياه الأمطار، تزيد من حجم الكوارث البشرية والاقتصادية كل عام.
تقول تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن باكستان بحاجة إلى استثمارات بمليارات الدولارات لتعزيز قدرتها على الصمود، وإعادة تأهيل المدن والقرى المعرضة للفيضانات، وبناء شبكات تصريف فعالة.